طاولة حوار بعبدا… من دون متحاورين

24 يونيو 2021
طاولة حوار بعبدا… من دون متحاورين
ملاك عقيل
ملاك عقيل

لا استعدادات عملانيّة لطاولة حوار في قصر بعبدا على الرغم من مواقف دأب النائب جبران باسيل ونواب التيار الوطني الحر على تكرارها عن عزم رئيس الجمهورية ميشال عون على الدعوة إلى طاولة حوار ستكون من الخيارات الوشيكة التي قد يُقدِم عليها.

المفارقة اللافتة أنّ الفريق الاستشاري، المحيط بعون وباسيل نفسه، يدرك أنّ معظم القوى السياسية لن تلبّي نداء رئيس الجمهورية في حال دعا إلى الحوار، وعلى رأسها الرئيس نبيه بري والرئيس المكلّف سعد الحريري والقوات والكتائب… عندها لا فائدة من استكشاف موقف وليد جنبلاط، مثلاً، ما دامت “الفكرة” من أساسها “مش واردة” عند مَن يضع مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة في سلّة العهد حصراً. مع ذلك يحضر هذا الاقتراح في معظم التصريحات والخطابات الإعلامية لـ”الباسيليّين”.


يقول نائب في تكتّل لبنان القوي لا يوافق باسيل على أدائه في الملفّ الحكومي: أقصى ما استطعنا الذهاب إليه في محاولتنا بتّ مسألة التكليف هي رسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب. أكثر من ذلك هو “طق حنك” ومناورات فاشلة


أمّا المفارقة الكبرى فتكمن في “تجنيد” باسيل، عبر المسؤول الإعلامي لرئيس الجمهورية أنطوان قسطنطين، بعض نواب وقيادات التيار في الأيام الماضية للإيحاء بـ”خطوة كبيرة بمفعول تنفيذي سيُقدِم عليها رئيس الجمهورية قد تقلب المعادلات القائمة”، وأحد أهدافها سحب التكليف من الرئيس الحريري، ووضع حدٍّ للمراوحة الحكومية.

وهو الأمر الذي لم يجرِ التطرّق إليه أبداً، وفق المعلومات، في اجتماع تكتّل لبنان القوي يوم الثلاثاء الماضي، فيما عَكَس البيان الصادر عنه الرفض الباسيليّ لـ”تحويل اللبنانيين أسرى معادلة اللاءات المانعة للتشكيل”، مع التلويح الواضح “بعدم السكوت وعدم القبول باستمرار حالة المراوحة”.

وأمس وزّعت بعبدا نفياً لنيّتها “سحب التكليف”.

يقول نائب في تكتّل لبنان القوي لا يوافق باسيل على أدائه في الملفّ الحكومي: “أقصى ما استطعنا الذهاب إليه في محاولتنا بتّ مسألة التكليف هي رسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب.

أكثر من ذلك هو “طق حنك” ومناورات فاشلة لأنّه لا أحد قادر على سحب التكليف من الحريري، بحسب الدستور، إلا إذا اعتذر”.

واقع الأمر أنّ دوائر “القصر” تنشغل، في الوقت الضائع، إضافةً إلى همّها باستعادة الحقوق، باجتماعات من وزن استقبال وفد الصداقة اللبنانية – الزيمبابوية، بما يتيح لعون التأكيد أمامه على “دور الانتشار اللبناني في المساعدة على إعادة إنعاش الاقتصاد”.

هو الانتشار نفسه الذي، إذا قرّرت “جيوشه” القدوم إلى لبنان للمساهمة في الحدّ من الكارثة، لن تجد تنكة بنزين لملء خزّانات سيارات المغتربين، وإن وُجِدت سيتعيّن على “السائح” في بلده أن “ينشوي” لساعات طويلة في طوابير الذلّ أمام المحطات.

من دون أن ينسى رئيس الجمهورية التذكير أمام الوفد بإنجاز “وزير الخارجية السابق جبران باسيل الذي عمل على تسليط الضوء على هذا الانتشار ووضعه في إطار المؤسسات”.


يردّد قريبون من رئيس الجمهورية أن لا خطوة في أيّ اتّجاه قبل تبيان نتائج مسعى حزب الله الذي كلّفه باسيل تولّي إدارة أزمة تأليف الحكومة في مواجهة برّي والحريري


ليست مجرّد مصادفة أن يكون اسم الوزير باسيل من بين الوزراء هو الاسم الأوحد الذي “يُمرّر” في بيانات صادرة عن رئاسة الجمهورية أو في خطابات عون الرسمية، تماماً كما في كلمته في شباط 2020 لمناسبة افتتاح أولى عمليّات استكشاف آبار النفط والغاز في المياه اللبنانية، حيث عوّم “جهود” جبران باسيل في سياق انضمام لبنان إلى نادي الدول النفطية.

لكن ما هي الخيارات المُتاحة عمليّاً لدى رئيس الجمهورية وباسيل في ظل تمسّك برّي بمبادرته بغطاء من حزب الله، وبموازاة “تصييف” الحريري، وعدم بروز نتائج جدّية وملموسة للّقاءات التي تجمع باسيل بمسؤول الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا؟

يردّد قريبون من رئيس الجمهورية أن لا خطوة في أيّ اتّجاه قبل تبيان نتائج مسعى حزب الله الذي كلّفه باسيل تولّي إدارة أزمة تأليف الحكومة في مواجهة برّي والحريري.

حتّى اللحظة لا يحيد موقف السيد نصرالله خطوة باتجاه طرف على حساب طرف آخر، فيما حاول الحاج وفيق صفا، من خلال تواصله الأخير مع باسيل، الاستفسار منه عن المخارج المُمكنة، وسبل تقديم اقتراح إضافي من جانب حزب الله لم يُقدِم عليه سابقاً ضمن محاولاته رأب الصدع الحكومي، مع تذكير باسيل بأنّ أيّ قرار للثنائي الشيعي في مصير التكليف، تحديداً، هو قرار واحد غير قابل للتجزئة.

ويبقى خيار تقديم نواب “التيار” استقالاتهم من مجلس النواب.

لكنّ أيّ خطوة من هذا النوع لن تعني الكثير. فالمدّة الفاصلة عن الاستحقاق النيابي هي عمليّاً ثمانية أشهر، حيث يُفترض أن تُجرى وفق الروزنامة القانونية والدستورية بين 21 آذار و21 أيار.

وتقديم نواب التيار استقالاتهم لن يسهم في فتح صناديق الاقتراع قبل موعدها. وهذا الخيار، أصلاً، محطّ خلاف سياسي حزبي داخل “التيار”.

إذ يرى بعض نواب التيار أنّ “الخطوة قد تؤدّي إلى سحب التكليف من يد الحريري في حال قيام القوات بالمثل، لأنّ المجلس سيفقد حينئذٍ ميثاقيّته.

لكن، في الواقع، سنبقى في بيوتنا حتى موعد الانتخابات، فيما الحلّ السياسي يكمن في مكان آخر تماماً، إذ هو يحتاج إلى مسارٍ متكاملٍ تكون الحكومة جزءاً منه، والحلول المالية والاقتصادية أساسه”.

المصدر أساس _ بيروت نيوز