هل وقع الرئيس المكلف سعد الحريري في فخ التسرع بإعطاء مهلة أربع وعشرين ساعة لدرس تشكيلة الـ24 وزيرا؟ أم بات مستعجلا الاعتذار حشرا لرئيس الجمهورية ميشال عون وفك معصميه من قيود شروط صهره الرئيس الظل جبران باسيل؟
بالطبع، يعلم الحريري أن ما أقدم عليه ممكن أن يُقابل بشراء الوقت من قبل الرئاسة الاولى والمماطلة، ولكن بالرغم من الدعم الدولي الحائز عليه الحريري المتمثل بالروس والفرنسيين والمصريين، الا أن هذا الدعم لن يُترجم عمليا بتغيير مسار فريق رئيس الجمهورية التعطيلي، المتمثل بحل العقدتين اللتين عجز أن يحلهما المؤثر الأكبر عليه وهو “حزب الله”… لذلك يصرّ الحريري على الاستقالة لعدم هدر مزيد من الوقت، فقدم تشكيلة جديدة للرئيس عون من الاختصاصيين المستقلين، الا أنه أخطأ بالشكل فيما يخص اعطاء مهلة محددة لرئيس الجمهورية لوضع ملاحظاته، لقبولها أو رفضها، وفي حين يحق لرئيس الجمهورية أن يستمهل لدرسها ويرجح أن يطلب مزيدا من الوقت تحت حجة أن التشكيلة موضع تشاور وبحث، يكون عون قد اربك الحريري الذي يسير نحو الاعتذار ليل الخميس بعد تلقيه الجواب نهارا من بعبدا.
وهنا تقول مصادر مقربة للرئيس عون لموقع “لبنان الكبير” إن الرئاسة الأولى تفاجأت من خطوة الحريري بتحديد موعد لجواب رئيس الجمهورية على التشكيلة كأقصى حد ظهر الخميس، واعتبرتها خطوة غير مألوفة كيلا تقول أنها غير دستورية، وذلك لأن الرئاسة الاولى غير مقيدة بمهلة لإعطاء الرأي، ومن حق الرئيس الدستوري اجراء عملية تقييم والوقوف على الاسماء وعلى نبذاتها الشخصية، وتردف هذه المصادر أن المسألة ليست بحجز الجواب بقدر ما هو استمهال للاطلاع على التشكيلة.
فالرئيس مشارك كامل، والتشكيلة تتم بالاتفاق معه، ولكن في الوقت نفسه لا مقاربة سلبية بالمطلق والا لكان ردها فورا ولم يضعها موضع التقييم.
فالتقييم سيطال التوزيع والحقائب والطوائف والاسماء والقدرة على الانتاج بمعنى “الاصلاح بهدف الانقاذ”، بالاضافة الى قدرة هذه الحكومة على التواصل مع المجتمع الدولي للحصول على ثقته.
ومن حق الرئيس معرفة كل هذه التفاصيل وسؤال الرئيس المكلف عنهم..
فهل يقدم الحريري على الاعتذار حتى لو استمهل عون لمزيد من الوقت؟
مما لا شك فيه أن خطوة الرئيس الحريري جاءت بالتنسيق الكامل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو بجو التشكيلة، وعلى تواصل مستمر معه عبر معاونه السياسي النائب علي حسن خليل، وهما على اتفاق بكافة التفاصيل ما قبل الاعتذار وما بعده، ويلتقيان على عدم الانصياع لمطالب باسيل ومواجهة مزايداته الشعبوية الانتخابية… أما الحرب السياسية بين بري-الحريري وباسيل فمستمرة وستتفاقم في مقبل الأيام.
وقد جاء في بيان الرئاسة الأولى أن الرئيس عون تسلم من رئيس الحكومة المكلف تشكيلة حكومية تتضمن اسماء جديدة وتوزيعا جديدا للحقائب والطوائف مختلفا عما كان الاتفاق عليها سابقا… ووقوفا عند هذا التفصيل قالت المصادر إن التشكيلة الجديدة وزعت الحقائب خلافا لما جرى التوافق عليه مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بوساطة “حزب الله” حيث أعاد حقيبة الداخلية الى السنة بعد أن كان باسيل قد طالب بها للمسيحيين، وكذلك فإن الاسماء التي وضعها الحريري التي تندرج ضمن حصة فريق رئيس الجمهورية فقد اختارها من لائحة الاسماء التي سلمها عون سابقا الى الحريري وعاد وتنصل منها… لذلك ما هو مؤكد أن التشكيلة لن تنال موافقة رئيس الجمهورية ولكنه في الوقت عينه سيماطل بإعطاء الجواب حشرا للرئيس المكلف.
من جهة أخرى أكدت المصادر أن الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل لم يقدم أي جديد ولم يخرق جدار التعطيل الحكومي تهويلا بالعقوبات الاوروبية، واقتصرت زيارته للدعوة الى تفعيل التواصل بين الفرقاء السياسيين من أجل الاسراع بتأليف الحكومة، وطلب من كل من التقاهم المساهمة بتسهيل التأليف، متحدثا عن العقوبات الاوروبية من باب أنه يجب تأليف الحكومة لإنقاذ البلاد والا فإن العقوبات باتت جاهزة.
أما المبادرة العربية التي يعمل عليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحل الازمة في لبنان، فلن تؤثر على قرار الحريري اذا شرع نحو الاعتذار، وستبقى هذه المبادرة قائمة وستنفذ مع أي رئيس حكومة المقبل، إذا سمحت شروط الرئاسة الأولى بأن يكون هناك حكومة في الاشهر الاخيرة من هذا العهد.