“الله يعين البلد”، بهذه الكلمات خرج الرئيس سعد الحريري من قصر بعبدا معتذراً، بعد 20 لقاء مع رئيس الجمهورية محاولاً التفاهم على تشكيل حكومة إنقاذ، هدفها وقف الانهيار ووضع خطة اقتصادية، فخاب أمل اللبنانيين عامة والشباب خاصة لاستمرار الفراغ الحكومي واعتذار الرئيس المكلف بسبب تعنت فريق رئيس الجمهورية.
لا يمكن الحديث عن الفراغ الحكومي في لبنان دون الوقوف مطولاً أمام “الثلث المعطل”، مطلب “صهر العهد” الذي يقوم باختلاق أعراف دستورية للحصول على مكتسبات سياسية غير محقة، غير مكترث لوضع البلد الذي لا يتحمل مزيداً من التعطيل والفراغ، والخاسر الأكبر اليوم هو الشباب اللبناني الذي لم يبق أمامه سوى حل واحد لا بديل عنه: الهجرة، ليصبح هؤلاء مقاومين من نوع غير تقليدي، يقاومون لأجل الحياة عن بُعد، يسعون وراء أحلامهم تاركين وطنهم، باحثين عن فرص عمل تليق بكفاءاتهم العلمية وطاقاتهم البشرية.
العوائق أمام بناء مستقبلهم لا تعد ولا تحصى، من البطالة مروراً بالتوترات السياسية وعدم الاستقرار الأمني، وصولاً لعدم الانتظام المؤسساتي في الدولة وآثاره السلبية، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي، فالبلد يشهد انهياراً مالياً واقتصادياً غير مسبوق، إذ فقدت الليرة اللبنانية أكثر من ثمانين بالمئة من قيمتها، فأصبح حتى حق التعلم مهدداً فئة كبيرة من الشباب اللبناني لما يتطلبه من مصاريف خاصة، ومشكلة التنقل في ظل وجود أزمة المحروقات وعدم إنشاء كليات للجامعة اللبنانية في كل المناطق.
وعند سؤال منسق قطاع الشباب في تيار المستقبل بكر حلاوة عن الفراغ الحكومي وتأثيره على الشباب كان رأيه: “الفراغ الحكومي يدمر البلد بأكمله تدريجياً، ولا حل سوى بتشكيل حكومة، ومن ناحية الشباب فلبنان يفقد جزءاً كبيراً من الأدمغة والجزء الآخر أصبح عاطلاً عن العمل في ظل تراجع الرعايات المقدمة من قبل الدولة من صحية وتعليمية،… خسارة الشباب في المجتمع اللبناني قد تولّد خللاً، خاصة أن عدداً منهم قد تكون هجرتهم أبدية”.
من المؤسف أن يصبح لبنان مصدراً للشباب والطاقات بدل أن يكون وطناً آمناً لهم، من المحزن أن تتحول مؤسسات الدولة “تركة” عائلية لدى البعض وسبباً أساسياً لتدمير بلد وتحطيم ما تبقى من أحلام لدى الشباب اللبناني، إلى متى ستبقى أحلامنا رهن المعرقلين؟.