يعيش اللاجئون الفلسطينيون أصعب مراحل حياتهم منذ نكبتهم الأولى عام 1948، وجاء الانهيار المالي والمعيشي وحالة الاستعصاء السياسي في لبنان، ليهدد حياة اللاجئين وينذر بمخاطر انسانية كبيرة.
حول الأوضاع التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، “بيروت نيوز” التقت عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ومسؤولها في لبنان، علي فيصل، وأجرت معه هذا الحوار:
+ ما هو تقييمك لوضع المخيمات الفلسطينية في ظل الأوضاع العامة في لبنان؟
= وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وضع صعب ومعقد من حيث انعكاسات الازمة الاقتصادية اللبنانية والتي هي مضاعفة على شعبنا منذ زمن ارتباطا بالتأثيرات السلبية لجائحة كورونا، وانعكاسات كل ذلك على مستوى الازمة الاقتصادية من جهة والازمة الصحية من جهة اخرى، وفي ظل سياسات لبنانية لا تستجيب للمعالجات الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بغض النظر عن الحرمان التاريخي للفلسطينيين من حقوقهم الانسانية، خاصة حق العمل وحق التملك وحق الضمان الاجتماعي والأجر المتساوي بين العامل أو الموظف اللبناني والعامل أو الموظف الفلسطيني، كذلك تراجع خدمات وتقديمات وكالة الأمم المتحدة “الاونروا” في ظل سياسة الضغط الامريكي التي تمارس في سياق محاولة تطبيق صفقة القرن الامريكي، وأيضا وقف الالتزامات الامريكية الفعلية تجاه “الاونروا” وضغط واشنطن على عدد من الدول المانحة لتخفيض منسوب التزاماتها المالية تجاه الوكالة الأممية ، وايضا في سياق ذلك شح الامكانيات لدى منظمة التحرير الفلسطينية التي تقدم بعض الامكانيات الايجابية في هذا السياق والتي تحتاج الى مضاعفته في هذا الوقت، لأن الأزمة الاقتصادية صعبة.
لذلك القضية مركبة في الحال الاقتصادي للاجئين الفلسطينيين من جهة مع الدولة اللبنانية وعدم شمولهم في الاستراتيجية الاقتصادية والصحية الحاصلة في لبنان ومن جهة ثانية تقاعس “الاونروا” وعدم تحملها لمسؤلياتها في هذا الصدد، وايضا تراجع الدول المانحة في التعاطي مع الازمة الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ما اود قوله ان المرجعيات المعنية بمعالجة الملف الاقتصادي الفلسطيني ينبغي ان تتحمل المسؤولية ، من جهتنا كجبهة ديمقراطية نخوض نضالا جماهيريا واسعا للضغط على “الاونروا” للاستجابة لمطلب عادل للاجئين، يقوم على ضرورة توجيه نداء عاجل للدول المانحة بإسناد من الدول المضيفة لوضع خطة اغاثة طارئة ومستدامة للاجئين الفلسطينيين وكذلك خطة استشفاء شاملة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب وفي نفس الاتجاه توفير العلاج الكامل للمصابين بامراض عضال وتوفير الدواء الكامل لهم وايضا فتح سلم التوظيف للاجئين الفلسطينيين في لبنان، خاصة خاصة العاملين في المهن الحرة وأبناء الفئات الوسطى المحرومين من حق العمل في لبنان، وملىء الوظائف الشاغرة وهي بالعشرات، لأن ذلك بإمكانه أن يخفف الأزمة الاقتصادية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.
+ من هي المرجعية الرسمية المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين؟
= نحن نعتبر أن وكالة الأمم المتحدة” الاونروا” هي المسؤولة عن حياة اللاجئين الفلسطينيين وهي المرجعية الاولى المعنية بالازمة الاقتصادية ومساعدتهم، ولكنها حتى الآن لم تفعل أي شيء سوى عملية توزيع مبالغ مالية لمرة واحدة، ورافق ذلك أخطاء مالية وعمليات هدر وفساد وفوضى.
ندعو الى إيجاد خطة مستدامة وخطة استراتيجية لحين إنتهاء الأزمة اللبنانية مع الأخذ بالاعتبار أن الدولة اللبنانية متجهة الى رفع الدعم عن السلع الاستهلاكية الرئيسية بما فيها المحروقات والسلع الغذائية والدواء وتستعيض عن ذلك بالبطاقة التمويلية لمئات الالاف من العائلات اللبنانية ويبقى اللاجىء الفلسطيني محروما من هذه السياسة في الوقت الذي ينبغي لوكالة “الاونروا” أن تجد حلا له، وعلى ” الاونروا” المسارعة أيضا لمعالجة هذه الازمة بوضع خطة إغاثية واستشفاء شاملة طيلة الأزمة اللبنانية وتوفير الدعم المادي لاستدامة هذه الخطة، وتوفير الأموال لاستكمال إعمار مخيم نهر البارد شمال لبنان، والتعويض على أبنائه، و وضع خطة طوارىء كاملة لابنائه واعمار المباني المدمرة ومعالجة موضوع الفلسطينيين الذين يقيمون في البراكسات أو في مكعبات اسمنتية ويتعرضون في الصيف لحر شديد وفي الشتاء لبرد قارس، وتقديم بدل إيجار كاف لهم الى حين إعادة إعمار منازلهم المدمرة، ولكن حتى الان “الاونروا” لم تستجب لهذه المطالب خاصة في وضع وصلت معه نسبة البطالة الى 85% ونسبة خط الفقر تجاوز ذلك.
نسبة العاملون في “الاونروا” والعاملون في المؤسسات والمتفرغون في الفصائل الفلسطينية لا تتعدى 5% من الشعب الفلسطيني و95% في حالة من العوز.
المطلوب اليوم، تنظيم حركة جماهيرية احتجاجية واسعة من قبل جميع مكونات الشعب الفلسطيني وخاصة هيئة العمل الفلسطيني المشترك ومنظمة التحرير الفلسطينية واللجان والاتحادات والحركات الشعبية الفلسطينية، حتى تتوفر كتلة ضغط على “الاونروا” وعلى الدول المانحة والدول المضيفة حتى تستجيب لخطة طوارىء شاملة ومستدامة لمعالجة الملف الاقتصادي ، وأيضا حتى تتوحد خطط وبرامج العمل والعلاقة مع الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية ولجنة الحوار الفلسطيني اللبناني، لكي ينال اللاجئ الفلسطيني الحقوق الانسانية وحق العمل وحق التملك، خاصة أن الأزمة الإقتصادية طاحنة في هذا المجال، والى أن يتم ذلك على الدولة اللبنانية أن تأخذ بعين الاعتبار أن هناك لاجئين فلسطينيين بأمس الحاجة الى دعمها من خلال شمولهم بالخطة الاقتصادية والخطة الصحية للدولة اللبنانية .
+ ما هي مسؤولية الدولة اللبنانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين؟
= لبنان هو المشرف على اللجنة الاستشارية الخاصة بالدول المانحة والدول المضيفة لوكالة “الاونروا”، وبإمكانه أن يضغط اكثر على “الأونروا” والدول المانحة لتستجيب الى المطلب الفلسطيني الانساني العادل بهذا الشأن.
يعيش اللاجىء الفلسطيني حالة اقتصادية صعبة بل مزرية ولا تتوقف هذه الصعوبة عند من يعيش داخل المخيمات بل تشمل أيضا من يعيش خارخ المخيمات خاصة بعد رفع الدعم الذي ستقوم به الدولة اللبنانية ،ستكون الازمة الاقتصادية اكثر ضغطا على اللاجىء الفلسطيني ستجعله مضطر للقيام بتحرك جماهيري فاعل .
ما يقدم اليوم، غير كافٍ ودائما هناك دعوة من هيئة العمل المشترك الفلسطيني للضغط من اجل تقديم المساعدات للاجئين، وسيكون هناك اجتماعات متواصلة في بيروت، لطرح خطةعمل لتحرك فلسطيني شامل مدروس ومنظم ومنهّج ومتواصل الى أن تستجيب “الاونروا” الى المطالب الفلسطينية وأيضا الى أن تستجيب الدولة اللبنانية للمطلب الفلسطيني لتقديم الدعم من الدول المانحة، وهناك دعوة إلى اللجان الشعبية من أجل تنظيم تحركات بما لها من مكانة على مستوى المرجعيات الفلسطينية واللبنانية وايضا مع الدول المانحة لتوفر الدعم المناسب، وهذا يتطلب حركة جماهيرية فلسطينية ضاغطة ، كذلك دعوة الاتحادات الفلسطينية من اطباء / طلاب / عمال/ فنانون / حقوقين الى التحرك للدفاع عن الفئات التي يشكلونها، خاصة اتحاد نقابات عمال فلسطين لانهم يمثلون فئة العمال العاطلون عن العمل والمحرمون من حق العمل، الى جانب الاتحادات المهنية بما أن المهنيين الفلسطينيين محرومون من حق الضمان الاجتماعي وضمان الشيخوخة.
تحرك شعبي فلسطيني على كل المستويات من الفصائل والاتحادات واللجان الشعبية والحراكات والشخصيات الوطنية الفلسطينية حتى تتمكن من معالجة جادة للحالة الاقتصادية الصعبة وأن تتوفر الحياة الكريمة للاجىء الفلسطيني في لبنان، لان ذلك من شأنه أن يوفر القدرة على مواجهة مشاريع التهجير والتوطين ويوفر قدرة وطاقة لضمان حق عودة اللاجئين الى ديارهم بما أنهم جزء من الحركة الوطنية الفلسطينية ، بل هم جزء أصيل منها حين قامت على اكتافهم الثورة الفلسطينية ولا زالوا في حراك متواصل في الضفة وغزة ولبنان وسوريا والاردن واينما تواجدوا.
+ من هي الجهة المسؤولة عن تنظيم اللاجئين ورفع مستوى وعيهم خلال تحركاتهم المطلبية؟
= الفصائل الفلسطينية مجتمعة هي المسؤولة إلى جانب اللجان الشعبية والحركات والاتحادات الفلسطينية، جميعها مسؤولة و قادرة على الحشد الجماهيري، في حال تم وضع استراتيجية وطنية موحدة، بالاضافة إلى الارادة السياسية. وأعتقد أن الجميع ملزم بإنجاح هذا الحراك الشعبي، لما في ذلك من حاجة وطنية وشعبية ،وقد سبق للفصائل الفلسطينة واللجان الشعبية منذ سنوات أن قامت بتنظيم تحركين كبيرين الأول، في مواجهة “الاونروا” ، حين تم وضع خطة لمدة 6 اشهر وتم تحقيق الكثير من المطالب ، وتميزت بأنها حركة شعبية واسعة النطاق، التحرك الثاني كان في مواجهة قرار وزير العمل اللبناني كميل ابو سليمان ، كذلك كان هناك حركة شعبية كبيرة تم وضعها في إطار منظم من خلال مؤتمر شعبي عقد في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت وخطة عمل لهيئة العمل الشعبي ولكافة الفصائل في مختلف المناطق، ثم أصبحت حركة جماهيرية منظمة ضخمة كبيرة، شارك فيها حشود كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين دفاعا عن حقهم في العودة ودفاعا عن حق العمل والحياة .
اليوم، أدرك الجميع مخاطر المرحلة على المستوى السياسي والوطني والاجتماعي، نحن مسؤولون وعلينا تنظيم حركة جماهيرية لأن الازمة الاقتصادية طاحنة ولا تعفي احدا، خاصة في حال رفعت الدولة اللبنانية الدعم عن الدواء والغذاء والمحروقات، عندها سيتعرض اللاجىء الفلسطيني الى كارثة اجتماعية كبرى، لهذا علينا التحرك الى ردم الهوة بين فصائل العمل الوطني الفلسطيني لتوفير حياة كريمة وتوفير مقومات الصمود لابناء شعبنا ،حان الوقت توحيد الصفوف وتوحيد الارادة السياسية وتوحيد الحركة الشعبية في وحدة ميدانية كما حصل في معركة سيف القدس والتي كان اللاجئون جزء امنها، و من خلالها تم توحيد كل مكونات الشعب الفلسطيني، مسؤولية الفصائل مجتمعة أن تضع استراتيجية وطنية نضالية لحركة اللاجئين في لبنان على المستوى الوطني والاجتماعي وعندها يستطيعون توفير حياة كريمة للاجىء الفلسطيني .