لا شك أن التجمعات المدنية شاركت بشكل فعال في ذكرى الرابع من آب 2021 ضمن مجموعات منظمة وعمل منسق مشترك بعد اجتماعات عديدة عقدت في هذا الإطار بين المجموعات التي كانت مشتتة وباتت اليوم تنضوي في خمس ائتلافات كبرى، إذ شكلت المناسبة فرصة لتجسيد هذا التطور النوعي المتمثل في حالة التنظيم المؤسساتي الذي بدأ في توحيد الرؤية والبرنامج ورسم خارطة طريق تحركات مشتركة والعمل على التنسيق في ما بينهم لخوض الاستحقاقات الدستورية المقبلة، وصولاً إلى توحيد القيادة بالمعنى التنسيقي لمجموعات الثورة، ما يؤدي إلى فاعلية أكبر في عمل المقاومة المدنية السلمية لمواجهة تحالف السلطة.
التجمعات المدنية التي شاركت في الذكرى بتحركات متعددة لكن بهدف واحد وتحت شعار واحد: العدالة والحقيقة ورفع الحصانات، أكدوا أنهم لن يتركوا الشارع لأن النقمة كبرت، وهم يدعمون أهالي شهداء المرفأ في تحركاتهم ويقفون إلى جانبهم، لا بل هم في خندق واحد معهم لأن قضيتهم تخص كل اللبنانيين ولأن المطالب واحدة، وهذا ما يعتبره المتحدث باسم لجنة الأهالي ابراهيم حطيط مهم جداً “لأن قضيتنا وطنية وكل الناس تعاني من أوجاع مختلفة”، كاشفاً في حديث مع ” لبنان الكبير” أنهم سينظمون مسيرات تنطلق من أكثر من مكان لتصب جميعها عند البوابة رقم 3 في المرفأ حيث سيتم عرض مشهدية تعبر عن وجع الأهالي وتطلعاتهم، وذلك يوم غد الأحد.
وعن عناوين المرحلة المقبلة وتنسيق الجهود مع الأهالي للتحركات خصوصا وان الإئتلافات كما الأهالي يؤكدون أن مرحلة ما بعد الرابع من آب 2021 لن تكون كما قبله، أجرى ” لبنان الكبير” حديثا مع منسقة مجلس مجموعات من الثورة حياة أرسلان والمدير التنفيذي لـ”ملتقى التأثير المدني” زياد الصّائغ اللذين اعتبرا أن عناوين المرحلة المقبلة تتمحور حول المأسسة والتركيز على خوض الاستحقاقات الدستورية في لوائح موحدة، بالتوازي مع التحركات على الأرض كلما دعت الحاجة.
أرسلان : ذكرى 4 آب تبرهن انتصارنا
تتحدث أرسلان عن المراحل التي مرت بها الثورة من مرحلة الغضب التي جاءت تعبيراً عن رفض الواقع، وبعد هذا الاعتراض في الشارع كان المنتظر من الطبقة السياسية التي لا تفهم بلغة الاعتراض وحقوق الإنسان، أن تتنازل عن سلطتها، لأنه عندما ينزل إلى الشارع مليون شخص فما على السلطة إذا كانت محترمة إلا أن تحترم رأي المليون.
نحن نتعامل مع الواقع لأننا لا نستطيع قلب الطاولة مرة واحدة، لذلك في مرحلة لاحقة سننتقل إلى مرحلة المحاسبة في الصندوق ولا يمكن تغيير الطبقة السياسية إلا عبر انتخابات نيابية ديمقراطية، ونحن نعلم أن الديمقراطية غير موجودة، لكن ليس لدينا وسيلة أخرى .
نظمنا بما يسمى مجلس مجموعات من الثورة ضمن هيكلية معينة، ومؤلف من لجان وهيئة ادارية وهيئة عامة وهيئة مستشارين.
وأجرينا انتخابات ممكننة كي نقول إن هناك امكانية لإجراء انتخابات ممكننة تكون أكثر شفافية، وانتقلنا حاليا من مرحلة الغضب إلى مرحلة ترجمة هذا الغضب بعمل ايجابي لصالح الثورة الذي هو المأسسة والتوجه نحو الانتخابات والوسائل الديمقراطية لتغيير هذه الطبقة السياسية”، مؤكدة أن “ما قبل الرابع من آب 2021 يختلف عما بعده، توجهنا مؤسساتي ديمقراطي” .
وعما إذا كانت الهيئات المدنية قد تخلت عن فكرة التحركات المطلبية في الشارع، أكدت أرسلان “لن نترك الشارع والتحركات على الأرض قائمة كلما دعت الحاجة وحسبما تقتضي الظروف، لأن النقمة كبرت والاعتراض كبر، ورغم كل الأزمات والبنزين وغيرها الكثير من العوائق، شاركت أعداد كبيرة في ذكرى الرابع من آب بعد التنظيم والتنسيق والاجتماعات التي جرت قبل المشاركة كما اتفقنا على بيان مشترك من جميع القوى المتحالفة مع بعضها، ونحن أصبحنا مروحة واسعة من المتحالفين” .
وعن عناوين المرحلة القادمة، أشارت إلى أن “المأسسة والتركيز على الانتخابات النيابية وتوحيد الكلمة وتوحيد اللوائح على كل الاراضي اللبنانية “، مؤيدة “خطوة التوجه إلى منازل المسؤولين مباشرة لكنهم محصنون، لذلك من المهم دراسة هذه الخطوة بشكل جيد. هم يعرفون جيداً كيف يحمون جماعتهم، لكنهم خائفون. وبالتالي لماذا نرشق على شجرة فارغة يجب الرشق على الثمار”.
وأوضحت “أننا أصبحنا في مرحلة متقدمة من توحيد الكلمة، وبات هناك خمسة ائتلافات: مجلس مجموعات من الثورة، الائتلاف المدني، الكتلة الوطنية، ثوار 17 تشرين، وحراس الأرز، ويبقى بعض الأفراد والمجموعات القليلة الأخرى، لكن أغلب التجمعات المدنية باتت ضمن هذه الائتلافات”، مؤكدة “أننا منتصرون وبرهنا في 4 آب 2021 أن ما من أحد يمكن أن يهزمنا. نحن الرابحين، وكم سيطول بعد عمر السلطة؟ لقد اقتربت نهايتهم”.
الصائغ: القضية اللبنانية أصبحت عنوان القوى المجتمعية
وتحدث الصائغ عن 3 عناوين عريضة للمرحلة المقبلة: اولاً: الانتقال إلى حالة المأسسة المنظمة لقوى الثورة والتعاون مع القوى المجتمعية الحية، ثانياً، رسم خارطة طريق تحركات مشتركة ضمن لجنة تنسيق ومتابعة بناء على ما تم القيام به استعداداً لذكرى تفجير مرفأ بيروت، وثالثاً، بناء الحالة التنسيقية الكاملة لخوض الاستحقاقات الدستورية المقبلة.
نحن في بلد محتل، نحتاج تحرير شرعيته وقراره ومؤسساته الدستورية واستعادة سيادته بالكامل، والإنقاذ الاقتصادي الاجتماعي المالي لا يتم إلا من خلال استعادة السيادة الكاملة ووقف الانقلاب الذي تقوم به المنظومة على هوية لبنان وكيانه ودوره.
وهي تحاول إجهاض القضية اللبنانية التي أصبحت عنواناً لكل القوى المجتمعية الحية في هذه المرحلة، مؤكداً أن “المجتمع المدني بكل قواه إلى جانب أهالي الضحايا الذين قتلوا غدراً وهم يتقدمون علينا في عملية المواجهة ونحن ندعمهم حتى النهاية.
القضية اللبنانية الآن هي الأساس الذي يجب أن نعمل عليه معاً”.
ولفت إلى أن “قوى 17 تشرين منذ 6 أشهر إلى الآن في حالة انتقال نوعي للمجموعات المشتتة الصغيرة إلى تشكل حالة ائتلافات وجبهات، أدى إلى عمل منسق لذكرى الرابع من آب، إذ كان هناك تحركات متعددة، لكن كلها صبت في مكان واحد وبهدف واحد وبشعارات واحدة: العدالة والحقيقة ورفع الحصانات. كما أصدروا بياناً مشتركاً.
هذا تطور نوعي لأن الثورة بدأت في الانتقال إلى الحالة المنظمة والممأسسة أي من بعد توحيد الرؤيا والشعارات والبرنامج الآن هناك محاولة جدية للانتقال إلى حالة القيادة الموحدة.
وهذا لا يعني تبويب الحالة الديمقراطية للثورة، ولكن قيادة فيها تنسيق مع كل المجموعات إن كان على مستوى الموقف أو على مستوى التحركات، إضافة إلى ما تقوم به “دياسبورا” في الخارج .
إذا أول انتقال نوعي برز في الرابع من آب هو حالة التنظيم المؤسساتي الذي بدأ في توحيد الرؤيا والبرنامج نحو توحيد القيادة بالمعنى التنسيقي لمجموعات الثورة، وهذا ما سيؤدي حتماً إلى فاعلية أكبر في عمل المقاومة المدنية السلمية لمواجهة تحالف المافيا والميليشيا التي تحكم البلد” .
وعن التنسيق بين الائتلافات، أكد الصائغ أن “هناك اجتماعات مفتوحة بين الائتلافات والجبهات والتحالفات الكبرى، وهذه الاجتماعات تدرس كل التحركات الممكنة لتصعيد المواجهة مع المنظومة السياسية وتصعيد المواجهة المدنية السلمية وأيضاً البحث في المرحلة المقبلة في امكانية خوض الانتخابات النيابية المقبلة لأننا نريد، رغم اختلال موازين القوى، أن نخوض المعركة ديمقراطياً على الرغم من مواجهة منظومة مجرمة تقتلنا”.