فضائح طبّية مدوّية في طرابلس!

9 سبتمبر 2021
فضائح طبّية مدوّية في طرابلس!
 إسراء ديب
إسراء ديب

فضائح بالجملة تطال بعض مستشفيات طرابلس وأطبائها، كان آخرها تقديم مستشفى طرابلس الحكومي شهادة وفاة لطفل حديث الولادة ليكتشف والده أنّه ما زال على قيد الحياة عند لحظة دفنه، ووفق عائلة الطفل فإنّها عادت إلى المستشفى لإعادة الطفل وأُخذت منهم شهادة الوفاة التي عادت وطالبت بها من جديد، لكن المستشفى لم يُعِدها إليها، مع تأكيد الممرضات أنّ الطفل لن يبقى على قيد الحياة أبدًا، وذلك وفق رواية عائلة الطفل الذي ولد وهو في شهره السادس، طارحًا الكثير من التساؤلات.

بالفعل، هناك الكثير من علامات الاستفهام التي تُطرح عند سماع هذه الحادثة الغريبة التي لم تكن في الحسبان، مع فضائح أخرى سابقة كانت قد عُرضت عبر الإعلام واستهدفت العديد من الأطباء، منهم من تمكّن من إثبات براءته، ومنهم من لم يأخذ جزاؤه بعد التأكّد من تورّطه بالتقصير خلال ممارسة عمله الذي يحتاج إلى التمسّك بالأسس القانونية والإنسانية.

ينشغل الرأي العام الشماليّ بقضية إعطاء شهادة وفاة طفل حديث الولادة لعائلة اكتشفت أنّه حيّ يرزق، مؤكّدة “أنّ المستشفى قدّم هذه الشهادة مع ختم الدكتور فراس حبلص رئيس قسم العناية لحديثي الولادة في مستشفى طرابلس الحكومي، وإمضاء بعض الممرضات”، وبعد اكتشاف والد الطفل أنّ ابنه حيّ، عاد لمحاسبة المستشفى فأعاد إليهم شهادة الوفاة مع الطفل لمعالجته، فتوفي بعد ذلك، ممّا ضاعف حالة الحزن التي خيّمت على هذه العائلة التي ترى أنّ ما حصل معها كان معجزة إلهية بعد اكتشاف وجود الروح في جسد ابنهم الذي لم يذق طعم الحياة.

تسليم جثة أو شهادة وفاة؟

ولمعرفة بعض المعلومات الطبّية عن الطفل، تواصلنا مع أحد المصادر الطبّية والذي كان يُشدّد في حديثه على أنّ المستشفى قدّمت ورقة تسليم جثة لا شهادة وفاة كما قيل، وذلك لأنّها بحاجة إلى توقيع طبيب.

ويقول: “الطفل الذي ولد جاء ومصرانه متجهًا نحو الأسفل، وكان صغيرًا للغاية ولونه أسود بوزن 700 غرام تقريبًا ولم يولد بلون أزرق أو زهريّ مثلًا، وعلى الرّغم من هذه الحالة السيئة التي ولد بها لأنّه خلق قبل أوانه، انتظرت الممرضة ساعات ولم تجد فيه نبضًا من خلال وضعه عبر “المونيتور” ولم يصرخ أو يبكِ كما تجري العادة في حالات الولادة أو رصد أيّ حركة وذلك أمام الأهل، ووفق خبرة الممرضات ومعلوماتهنّ فالطفل ولد ميّتًا، لكن لا يُمكن تحميل المسؤولية للدكتور حبلص لأنّه كان خارج البلاد في هذه الفترة، وبالتالي لا مصلحة لأحد في إصدار قرار بموت الطفل في هذا المستشفى أو غيره”.

وإذ يُؤكّد أنّ الأخطاء واردة في أيّ مهنة، يُشير إلى أنّ هذه الفترة تشهد على أنّ الأطباء يُواجهون حملات مغرضة من بعض الأشخاص الذين يُساندهم الإعلام في العرض، ويقول: “حملة موجهة لأنّهم لا يُريدون دفع المال للمستشفى، ويجعلون من الأطباء كبش محرقة لتنفيس غضبهم، ليكون كلّ طبيب ولا سيما المسؤول عن الحالات الطارئة تحت التهديد بخاصّة أنّ الكثير من الأهالي يُهملون أطفالهم ويأتون بأولادهم إلى المستشفى وهم على آخر نفس للعلاج وإذا حصلت الوفاة يُحمّلون المستشفى المسؤولية كاملة”.

حبلص: حملة مقصودة وهذه أهدافها

ليست المرّة الأولى التي يتعرّض فيها حبلص لاتهامات من ذوي الأطفال، وهي المرّة الثالثة فعليًا يُواجه “حملات مقصودة تستهدف منصبه والمستشفى الذي يعمل فيه لتشويه طرابلس وطاقمها الطبّي”، وذلك وفق ما يقول.

ويُضيف حبلص: “في الفترة التي ولد فيها الطفل، كنت خارج لبنان منذ 31 آب حتّى 4 أيلول، وليس عندي تفاصيل كافية عن هذا الموضوع، بل اتصلت بناشري الخبر للتأكيد أنّني خارج لبنان لكن كانت المعلومات التي نشرت بعد اتصالي غير كاملة كما أرسلتها، وكان رئيس التمريض قد سأل عائلة الطفل عن السبب الذي دفعهم إلى ذكر اسمي، فقالت إنّ الوالد لا يعرف القراءة ولا امرأته، وإنّ أحد الأشخاص من خارج المستشفى كان يُشدّد على ذكر اسمي”.

ويُتابع: “لم أختم هذه الورقة، وتسلمت عملي بعد عودتي من السفر في 5 أيلول، وكان من الأفضل رفع دعوى قضائية ضدّنا لا نشرها عبر الإعلام بهذه الطريقة لأنّ هذا المستشفى ومنذ عملي فيه منذ 2007 تطوّر كثيرًا وبات يُحاول العمل وفق معايير عالمية أفضل من غيره بكثير”.

وبعد الحديث عن توجهه إلى القضاء، يلفت حبلص إلى “أنّه لن يتوجه هذه المرّة إلى القضاء كما فعل في حملات أخرى لأنّ الثقة بالقضاء معدومة في هذه الدّولة، معتبرًا أنّه سيرفع دعوى قضائية في حالة واحدة” عندما يتمّ إثبات أنّ الشهادة أصدرت بختمي وأنا لا أسمح بوضع هذا الختم إلّا من شخصين وبعد أخذ رأيي وهما رئيسا قسم حديثي الولادة والأطفال وهما لا يملكان هذا الختم، ولكن في حال تمّت سرقته من مكتبي مثلًا سنكتشف الفاعل وسأرفع دعوى قضائية ضدّه بتهمة التزوير، وإذا أرادت عائلة الطفل التوجه إلى القضاء أيضًا فلا مشكلة لديّ ولا خوف من هذا الأمر، لأن لا علاقة لي بهذا الملف”.

ردّ من الأب: لسنا بعوضًا

لا يُخفي إبراهيم عويد والد الطفل المتوفى حزنه على فراق ابنه الذي كان يشعر به وبروحه عندما اعتقد أنّه كان يحمل جثة هامدة، فعندما وقع هذا الصغير بين أحضانه شعر بأنّ ولده حيّ، وبالفعل استطاع إثبات حقيقة هذا الأمر، معتقدًا أنّ ما حصل معه غريب للغاية وهو يخشى اليوم على كلّ عائلة قد تتعرّض للموقف عينه.

وينفي عويد كلّ ما قيل عن لون ابنه وحاله، ويقول: “بعد ولادته مباشرة، جاءت الممرضة لتُؤكّد لي وفاته وليس صحيحًا على الإطلاق أنّه بقي لساعات في المستشفى ليتأكّدوا منه، كما أنّ زوجتي وأنا متعلّمان ووصلنا إلى الجامعات، فكيف يُقال عنّا إنّنا لا نقرأ؟”.

أمّا عن شهادة الوفاة التي يُشدّد على أنّ المستشفى كانت قد أعطته إياها، فيُؤكّد أنّ أولاد عمّه هم من رأوا الختم، ويقول: “لا يُمكن أن أظلم الطبيب حبلص في هذه المسألة، لكن من أخذها مني كان شخصًا يُدعى زكريا عثمان وهو يعمل في المستشفى حيث قال لي إنّ هذه الورقة لم تعد ضرورية وإنّ الطفل سيكون بحالة أفضل، وكنت أشعر حينها بحالة من الغضب فأعطيته الشهادة، وأدخلوا الطفل وحاولوا مساعدته قدر الإمكان، لكنّه توفي”.

ويختم عويد: “لسنا بعوضًا ويجب عدم الاستمرار في الاتجار بالناس لأنّه جريمة كبرى، وكلّ من يظلم بهذه الطريقة يجب أن يُحاكم ويُحاسب، ولكن لن أرفع دعوى قضائية لأنّني أعلم أنّه لم يعد ينفع القيام بهذه الخطوة في هذه الدّولة”.

المصدر لبنان الكبير