الحكومات المفصلية في تاريخ لبنان… شهاب والحريري

23 سبتمبر 2021آخر تحديث :
الحكومات المفصلية في تاريخ لبنان… شهاب والحريري
هيام طوق
هيام طوق

77 حكومة عرفها لبنان منذ الاستقلال حتى الحكومة الحالية 2021 أي منذ حكومة الرئيس رياض الصلح 1943، بحسب تقرير “الدولية للمعلومات” حيث أطلق على الحكومات المتعاقبة تسميات عدة، منها “إعادة الثقة”، “إعادة الإعمار”، “الوفاق الوطني”، “إعادة الثقة”، “الآمال الجديدة”، “الإصلاح والنهوض”، “كلنا للوطن كلنا للعمل”، “المصلحة الوطنية”، “استعادة الثقة”، “هيا إلى العمل”، وصولاً الى حكومة “معاً للإنقاذ”.

وفي لمحة سريعة عن منصب رئيس الوزراء في لبنان الذي أُنشئ عام 1926 أثناء فترة الانتداب الفرنسي، فإنه على الرغم من أن الدستور لا يذكر ديانة من يتولى رئاسة الوزراء، اتفق في الميثاق الوطني الموقع عام 1943 على أن يكون من يتولى المنصب من الطائفة السنية.


وكان المنصب قبل التوقيع على الميثاق قد تولاه أشخاص ينتمون إلى طوائف مسيحية.


والتزم منذ التوقيع على الميثاق بهذا الاتفاق الا في حالتين، الأولى عندما عيّن الرئيس بشارة الخوري قائد الجيش الماروني فؤاد شهاب رئيسًا لحكومة عسكرية قبيل استقالته، والثانية قبل نهاية ولاية الرئيس أمين الجميّل بعد تعثر انتخاب رئيس خلفًا له، فعيّن قائد الجيش الماروني ميشال عون رئيسًا لحكومة عسكرية لتتسلم السلطة حتى إجراء انتخابات الرئاسة.

وكان أكثر من شغل منصب رئاسة الوزراء في لبنان رشيد كرامي إذ رأس الحكومة عشر مرات. وأطول حكومة مكثت لمدة 4 سنوات، هي حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.

أما حكومة نور الدين الرفاعي العسكرية فكانت أقصر حكومة مدةً اذ استمرت لمدة 65 ساعة فقط ولم تنل ثقة مجلس النواب.

وأقصر فترة تشكيل حكومة في تاريخ لبنان الحديث هي حكومة عمر كرامي الأولى، وحكومة نجيب ميقاتي الأولى إذ استغرقت فترة التشكيل 5 أيام.


أما أطول فترة تشكيل حكومة فكانت حكومة تمام سلام إذ استمرت فترة تشكيلها 315 يومًا.


وكانت الحكومات الأكبر عدداً (16 حكومة) هي الحكومات التي ضمت كل منها 10 وزراء، تليها الحكومات (14 حكومة) التي ضمّت كل منها 8 وزراء، ثم الحكومات التي ضمّت كل منها 30 وزيراً (12 حكومة) أي أن أكثرية الحكومات كانت متوسطة، كبيرة أو كبرى.

وشكل لبنان 11 حكومة تكنوقراط، منها 7 قبل اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، واثنتان خلالها، واثنتان منذ اتفاق الطائف حتى اليوم، وفق مركز الدولية للمعلومات.

وشكلت أول حكومة من هذا النوع عام 1964 واستمرت لـ7 أشهر. أما أول حكومة تكنو – سياسية، فتشكلت من 8 وزراء عام 1960، واستمرت قرابة 3 أشهر.

ولم تمثل أمام البرلمان حينها بسبب حله.


وتعتبر باقي أنواع الحكومات، حكومات ما يسمى بـ”الائتلاف الوطني”، والتي تجمع معظم الأحزاب، من دون وجود معارضة فعلية تقوم بالمحاسبة.


وعلى الرغم من أن عدداً من الحكومات المتعاقبة تميزت عن غيرها بطريقة عملها، ولعبت دوراً بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الا أن حكومات الرئيسين فؤاد شهاب ورفيق الحريري اعتبرتا مفصليتين في الحياة السياسية، وفي تاريخ لبنان.

مسيرة الرئيس شهاب تمحورت حول أفكار وقضايا إصلاح الدولة إذ حافظ على الميثاق الوطني، والوحدة الوطنية، وأنجز الإصلاح الإداري والعدلي، وعمل على إرساء العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.

وفي عهده، أقر قانون الضمان الاجتماعي، وتنظيم المالية ومصرف لبنان، والإنعاش الاجتماعي، ونظم الجيش وقوى الأمن الداخلي، وجرى تحديث التربية والتعليم، والبنية التحتية في كافة المجالات إضافة إلى حقوق الإنسان.


في حين أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري فهو الذي عرف معه لبنان تقدماً على مستويات عدة اذ وضع بلده على الخريطة العربية والدولية بقوة، واعتبر واحداً من أهم القادة السياسيين في تاريخ لبنان الحديث بعد كل الانجازات التي حققها من تطبيق اتفاق الطائف وإرساء نظام سياسي جديد في ظل توافق دولي وعربي، وإعادة بناء بلد دمرته الحرب على مدى 15 عاماً، ويشمل ذلك إعادة بناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وعملية إنشاء وتأهيل شاملة للبنى التحتية التي دُمّرت بمعظمها.


واضطلع بدور كبير في إعادة لبنان إلى الخريطة الاقتصادية بإقراره السندات الأوروبية التي حافظت على قيمة العملة الوطنية، كما مكنته من اقتراض الأموال اللازمة لإعادة الإعمار. 

خواجة: لا حكومة ناجحة كلياً أو فاشلة كلياً

قال عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة لـ”لبنان الكبير”: “لا يمكن الحديث عن حكومة ناجحة كلياً أو حكومة فاشلة كلياً. الحكومات تحاسب على سياساتها وبرامجها وبياناتها الوزارية.

للأسف تعودنا على بيانات انشائية حتى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الحالية كنت أفضل أن يكون بيانها الوزاري مقتضباً، يؤكد على الثوابت وحل مشاكل المواطنين اليومية كالكهرباء والمحروقات وإعادة الحيوية للمؤسسات والانتظام العام للادارة. تكون بذلك حققت الكثير”.

وميّز بين الحكومات وصلاحياتها قبل اتفاق الطائف وبعده، معتبراً ان “عهد الرئيس فؤاد شهاب أفضل مرحلة مر بها لبنان حين أصبح لدينا ادارة فعلية، وانتظمت كل المؤسسات وتدنّت نسب الفساد. أما مرحلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ففيها السلبيات والايجابيات.

من إيجابياتها انها عملت على اعادة الاعمار وانفتاح لبنان بقوة على الخارج إذ لعب الرئيس الشهيد رفيق الحريري دوراً مركزياً في هذا الامر. ومن سلبياتها ان السياسات العامة التي رسمت هي سياسات ريعية، لم تعط أولوية للإنتاج والاعتماد على الذات”. 

علوش: الحريري وشهاب أرسيا قواعد الدولة

اعتبر نائب رئيس “تيار المستقبل” مصطفى علوش ان “الحكومة التي تألفت بعد ثورة 1958 والتي رأسها فؤاد شهاب كانت حكومة مفصلية في تاريخ لبنان إذ أنهت آثار الحرب الاهلية المحدودة التي حصلت، ومن ثم عملت على بناء دولة حديثة من خلال المشاريع التي وضعها الرئيس شهاب.


كما ان الحكومات التي رأسها الرئيس الشهيد رفيق الحريري من سنة 1992، حكومات مفصلية، لاعادة لبنان الى الخريطة الدولية والاقليمية والوطنية. شهاب والحريري عملا على إرساء قواعد بناء دولة”.


وعمن يقول إن قبل الطائف كان لدينا حكومات في حين ان بعد الطائف أورثتنا الحكومات ديوناً، قال علوش: “هذا كلام يراد منه الاساءة مباشرة الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهذا الكلام يلغي كل المعطيات الحقيقية ان لبنان كان بلداً مدمراً، وخسر في الحرب 27 مليار دولار، والناتج القومي فيه لا يتعدى الـ4 مليارات.

كان الخيار الوحيد هو الذهاب نحو بناء الاقتصاد الذي لا يأتي من العدم انما ببناء بنى تحتية. والديون التي يتحدثون عنها أدت الى رفع الناتج القومي خلال سنوات قليلة وبشكل كبير.

لذلك، من يقول هذا الكلام عليه أن يعترف من الذي سبّب هذا الواقع المزري والواقع اللبناني المذهبي والطائفي والمليشيات المسلحة والحروب التي أقحم فيها لبنان، وكيف تسببت بتراكم الديون. رفيق الحريري أخرج لبنان من الحرب الأهلية، ومن اغتالوه هم الذين تسببوا بتراكم الازمات والديون”. 

الصايغ: لا يمكن ارتهان لبنان لوقت طويل

لفت مستشار الرئيس سعد الحريري داوود الصايغ الى ان “حكومات الرئيس فؤاد شهاب والرئيس الشهيد رفيق الحريري تركت بصمة.

من بعد الرئيس شهاب ما من أحد وضع حجرا أو قام بخطوة اصلاحية الى حين وصول الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أتى بمشروع وبرؤية لاعادة الاعمار التي تتخطى الاعمار المادي الى اعادة لبنان الى الساحة الخارجية، وعقد التحالفات مع العالم كله، شرقا وغربا، خلال 12 عاماً ان كان في الحكومة أو في المعارضة”.

ورأى ان “هناك حكومات عبر التاريخ كان لها تأثير في الواقع اللبناني، لكن بداية علينا التحدث عن مرحلتين: ما قبل اتفاق الطائف وما بعده.

قبل اتفاق الطائف كانت السلطة التنفيذية منوطة برئيس الجمهورية، وهو يعين الوزراء ويقيلهم ويختار من بينهم رئيساً.

بعد اتفاق الطائف، أصبحت السلطة الاجرائية منوطة بمجلس الوزراء ورئيس الحكومة هو رئيس مجلس الوزراء. اذاً السلطة الاجرائية لم تعد عند رئيس الجمهورية”.


وتحدث عن الإنجازات في العهود الرئاسية “اذ أنه في عهد الرئيس فؤاد شهاب، أُنجزت كل الاصلاحات التي نراها اليوم من كهرباء لبنان والبنك المركزي والضمان الاجتماعي ومجلس الخدمة المدنية والمجلس التأديبي والمشروع الأخضر والاصلاح الاداري”.


واعتبر ان “الحكومات المحطات، لكل منها ظروفها، مشدداً على انه “حين رأس الحكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري خريف 1992 كان لديه مشاريع وعنده رؤية وحقق إنجازات كثيرة ووضع لبنان على الخريطة السياسية والاقتصادية العربية والعالمية”.

وأضاف الصايغ: “تداخلت في العقود الأخيرة السياسة بعملية التأليف، وفي سنوات الوجود السوري كانت تتألف الحكومات بطلب من المسؤولين السوريين، وكانت تسيّر الامور ضمن الواقع السياسي الذي كان قائما، لكن في الوقت الحاضر مطلوب منا ومن المجتمع الدولي حيث أجمع العالم الغربي خلال مؤتمر “سيدر” في نيسان 2018 على وجوب الإصلاحات، وانضم العرب الى هذه المقاربة والاتحاد الاوروبي والأمين العام للامم المتحدة والعالم كله حتى البابا فرنسيس في خطابه في تموز الماضي، دعا السياسيين اللبنانيين الى تجاوز مصالحهم السياسية في سبيل المصلحة العامة”.

ورأى ان “لبنان يمر بمرحلة صعبة لكن لن تدوم”، معتبرا ان “ما يمكن ان تنجزه الحكومة الحالية هو الاصلاح قبل كل شيء، وهو ليس مطلبا داخليا انما عالميا، وهذا دليل على اهتمام العالم بهذا البلد الصغير الذي هو ضرورة لمنطقته وللعالم، ولا يمكن لأحد أن يرتهنه لوقت طويل”. 

صادر: رفيق الحريري نجح اقتصادياً

رأى الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر انه “كلما كان عدد الوزراء أقل، ويتفقون على سياسة انقاذ، تكون الحكومة أكثر فاعلية، معتبرا حكومة الرئيس ميقاتي حكومة محاصصة ومعها لن نخرج من الجورة، ولا امكانية للانتاج في ظل هذه المحاصصة”.

وتحدث عن حكومة “الرئيس فؤاد شهاب التي ضمت 4 وزراء، استطاعوا انقاذ الدولة لأنهم شخصيات وطنية بامتياز، وعملوا خارج الاصطفاف الطائفي فنجحوا في قيادة البلد نحو الاستقرار والازدهار، متسائلاً هل الحكومة الحالية حكومة اختصاصيين مستقلين؟”.

واعتبر ان “الرئيس الشهيد رفيق الحريري تمكن من تشكيل حكومات فيها الحد الادنى من الوطنية، وكانت انتاج البيت أي انتاج رفيق الحريري الذي نجح في انقاذ البلد من الناحية الاقتصادية أما الحكومات المتوالية فكانت حكومات محاصصة فقط من دون بوصلة اذ لم تعمل لمصلحة الدولة”.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

المصدر لبنان الكبير