مرت جلسة مجلس النواب، التي انعقدت مع بدء الدورة العادية للمجلس والتي خصصت لانتخاب هيئة مكتب المجلس ثم تحولت إلى تشريعية وعلى جدول أعمالها بندان؛ الأول يتعلق بالانتخابات النيابية والثاني بالكوتا النسائية، بهدوء وسلاسة إلا أن أجواء “التيار الحر” كانت ملبدة، كالعادة، بالاعتراضات والتهديدات والسير عكس التيار الوطني، اذ ان مصلحة الأرصاد الجوية الخاصة بالنائب جبران باسيل، “تفيد عن احتمال حدوث عواصف في التواريخ المحددة للانتخابات، مما قد يصعّب حصول العملية الانتخابية بالإضافة إلى تقاطع عدد من المهل الانتخابية مع الصوم عند الطوائف المسيحية”.
لكن رد رئيس البرلمان نبيه بري، على باسيل، جاء حاسماً: “صوتنا وخلصنا ومنكمل بالجلسة”.
أما رئيس الحكومة، فوعد بالقيام “بكل جهدنا للعمل لاجراء الانتخابات ضمن المهل القانونية، وستكون شفافة وسليمة”.
لم ينته الاستعراض الباسيلي عند الاعتراض على التصويت لاجراء الانتخابات النيابية في 27 آذار المقبل، بل طالب بإعادة التصويت بالمناداة على إلغاء اقتراع المغتربين لـ 6 نواب فحصل هرج ومرج، وأعيد التصويت سريعاً بالمناداة، وصدّق القانون، وقال برّي: “خلص خلصنا كأننا أول مرة منعمل جلسة”، فصفّق نواب “القوات”، واحتج باسيل على “التصويت بالمناداة بحجة انه لم يكن واضحاً وشفافاً”.
الاعتراض على بند تقريب موعد الانتخابات، دفع باسيل إلى التهديد باللجوء الى المجلس الدستوري للطعن بالقانون الذي سيصدر، مع الإشارة إلى أنّ رئاسة الجمهورية قد تردّ القانون من جديد إلى مجلس النواب، وهذه الخطوة قد تنتهي بإعادة التصويت على القانون مرّة ثانية، لذلك لجأ باسيل إلى امكان الطعن أمام المجلس الدستوري بيد أن هذا الموقف لم يأت مصادفة، بل ترافق مع توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم تعيين عضوين في المجلس الدستوري.
وللاستيضاح حول مجريات الجلسة، والقراءة القانونية والسياسية للمواقف والاعتراضات التي سجلها باسيل، تواصل “لبنان الكبير” مع فاعليات دستورية وسياسية من مختلف الكتل والتي أجمعت على أن الاعتراض هدفه سياسي وانتخابي، ويخفي في طياته محاولة لتأجيل الانتخابات لأن شعبية “التيار الوطني الحر” حالياً في أدنى مستوياتها.
الحجار: الاعتراض يخفي رغبة بتطيير الانتخابات
اعتبر عضو ” كتلة المستقبل” النائب محمد الحجار ان “اعتراض باسيل وإعطاءه ذرائع واهية، أمر في غير محله لأن الاسباب التي أدت الى تقريب موعد الانتخابات هي الصوم عند المسلمين والمسيحيين.
مع العلم ان الحدة التي تحدث بها وتهديده بالمجلس الدستوري، تشير الى انه يخفي في طياته رغبة وإرادة بعدم اجراء الانتخابات وتطييرها خصوصاً في حال قبل المجلس الدستوري بالطعن في ظل ما يُحكى عن تبدل موازين القوى لمصلحة التيار الوطني الحر داخل المجلس بعد توقيع مرسوم تعيين عضوين فيه”.
وأشار الى ان “الكل يعلم ان شعبية التيار الوطني الحر تراجعت بشكل كبير، وهم يعتقدون انهم في حال استطاعوا تأخير الانتخابات ربما يتمكنون من إحداث تغيير على مستوى المزاج الشعبي الا ان ذلك كحلم إبليس بالجنة”.
ولفت الى انه “في حال تم قبول الطعن، فهذا يعني أن المهل التي عدلناها خلال الجلسة النيابية الاخيرة سيطرأ عليها تعديل آخر، والخشية هنا من تأخير المواعيد، وان نصل الى متاهات لا نعرف أين يمكن أن تأخذنا.
وتالياً، نكون أمام انجاز جديد من انجازات العهد”.
وناشد الحجار “رئيس الجمهورية توقيع المرسوم، ولنجري الانتخابات في موعدها علّنا نغيّر في وجوه المجلس المنتخب على أمل تغيير المعادلات لما فيه مصلحة البلد والدولة”.
أبو الحسن: محاولة للتأجيل نتيجة حسابات غير ملائمة
رأى عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب هادي أبو الحسن ان “أي محاولة للطعن بالتعديلات خصوصاً في ما يتعلق بتحديد موعد 27 آذار لاجراء الانتخابات، سيأخذنا الى تأجيل الانتخابات.
وأخشى أن تكون هذه محاولة باطنية لتأجيل الانتخابات انطلاقاً من حسابات انتخابية وسياسية غير ملائمة لهذا الفريق السياسي”.
وأشار الى انه “تحت شعار الطقس والعواصف، يأخذنا الى تأجيل غير منظور للانتخابات، وبالتالي، نكون أمام عملية تجديد لمجلس النواب، ونحن نرفض هذا الامر”.
وأضاف: “لنترقب ونرَ ماذا سيحصل في المجلس الدستوري، مع العلم ان التجارب السابقة غير مشجعة اذ ان القبول بالطعن خيار ممكن، ونحن نحذر من هذا الامر”.
صادر: لا أرى أسباباً جدية للطعن
أكد الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر “انني لا أرى أسباباً جدية للطعن أمام المجلس الدستوري الا اذا كان المجلس بعد التعيينات الاخيرة أصبح لصالح التيار، وهذا أمر معيب لأن هناك استخفافاً بالعدلية والقضاة. يجب محاربة عقلية المحاصصة.
واذا كان باسيل يهوّل بالمجلس الدستوري بناء على محسوبيات في التعيينات الاخيرة، فإن الامر معيب. فهذا النوع من التعيينات يؤدي الى هذا النوع من التعليقات، وفهمنا كفاية”.
وأضاف: “إنني لا أرى مرتكزاً قانونياً صلباً يمكّن باسيل من ربح الطعن أمام المجلس الدستوري، لكن لم نعرف حتى الآن ماذا سيتضمن الطعن الذي سيتقدم به، متسائلاً هل حولنا القضاة إلى رجال مستزلمين أو تابعين لفريق معين؟ هذا لا يجوز”.
وأوضح أن “هناك مهلاً على المجلس الدستوري أن يبتّ خلالها في الطعن فيوقف تنفيذ القانون اذا وجد ان الطعن جدي ويبحثه ليأخذ القرار ببطلانه او عدمه.
اليوم باسيل يلوح بالطعن، لكنه يتّكل على أن يرد رئيس الجمهورية القانون الى مجلس النواب” .
ورأى صادر ان خلف الاعتراض على تقريب موعد الانتخابات “حسابات انتخابية تلعب دورها لانه اذا حصلت الانتخابات في آذار لن تكون حظوظ التيار قوية، فالمزاج الشعبي معاكس للتيار، وهم يأملون ان يتغير مسار هذا المزاج من خلال استغلال حدث ما أو مواقف تعيد بعضا من الشعبية التي هي اليوم في أدنى مستوياتها”.