لم يمرّ التصريح الأخير للأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله مرور الكرام على مسامع اللبنانيين بعامة والمسيحيين بخاصة، لما تضمّنه من شيطنة لحزب “القوات اللبنانية”، متهماً إياه بأنّ برنامجه الحقيقي هو الحرب الأهلية وتهجير المسيحيين، ومعلناً أنّ عدد المقاتلين الجاهزين للقتال في صفوف حزبه يبلغ 100 ألف، باستثناء الحلفاء والمنظمات غير العسكرية.
فأتى الرد من رئيس “القوات” سمير جعجع: “نحنا ما عنا مقاتلين. لدينا 30 أو 35 ألف محازب وهم واضحون جداً وموجودون في لبنان وخارجه.
(القوات) ضمانة لجميع اللبنانيين والمسيحيين، وأكبر مشروع يتناقض مع المسيحيين هو مشروع (حزب الله).
فالمسيحيون يريدون منذ قيامة الجمهورية لبنان الكيان والدولة، فيما يتناقض ذلك مع أهداف الحزب.
لنا مشروعنا للبنان منذ 40 سنة وهو كيان حر، مستقل، بحدوده الدولية المعترف بها. ومن يكون ضدّ هذا المشروع سنكون ضدّه”.
هجوم وهجوم مضاد باتا حديث البلد، إذ أنّ الكثيرين اعتبروا أنه في الهجوم الأول، سقط نصرالله في شرّ بليّته لأنّ خطابه ليس واقعياً.
كما أنّ تركيزه على “القوات” بهذا الشكل سيؤدّي الى رفع شعبيته، لا داخل الطائفة المسيحية فحسب، إنما لدى معظم اللبنانيين، خصوصاً بعد حادثة الطيونة، وفق مصدر مطلع أشار لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ “المسلمين السنّة كانوا ضمنياً الى جانب (القوات)، وإن لم يعلنوها على الملأ، وما شهدناه من رفع صور لجعجع في طرابلس وعكار وسواهما من المناطق ذات الطابع السنّي ليس سوى تعبير واضح عن تأييده”.
أما الهجوم المضاد الذي أتى على لسان جعجع، والذي رأى فيه عدد من الناشطين أنه كان هادئاً، بغضّ النظر عن تأييد المضمون من عدمه، فقد أشعل مواقع التواصل الاجتماعي من مؤيّدين ومعارضين.
إذ أطلق مناصرو “حزب الله” هاشتاغ ضد جعجع بعنوان #صار_الوقت_ترجع_عالسجن، فيما أطلق مناصرو “القوات” هاشتاغ مضاداً بعنوان #بتهددنا_بتوحدنا.
وتصدّر العنوانان الترند على “تويتر” مع الإشارة إلى أنه تم قطع بث قناة “MTV” خلال مقابلة جعجع عن مناطق الضاحية الجنوبية وبعض القرى الشيعية.
إزاء الوضع القائم، لا بد من طرح سلسلة أسئلة: هل التوتّر بين جعجع ونصرالله ينذر بأزمة جديدة؟ وهل شيطنة “القوات” زادت فعلاً من شعبيته الوطنية وليس المسيحية فقط؟ وماذا يقصد مناصرو “القوات” بأنّ شيطنته تحوّله من “قوات لبنانية” إلى “قوات الله” في مواجهة “حزب الله”؟
واكيم: كرة التوتير ليست عندنا
أوضح عضو “كتلة الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم أنّ “كل ما يقوله حزب (القوات) يُفسّر بطريقة خاطئة.
فالمقصود من (قوات الله)، ليس مردّه إلى السلاح أبداً، بل أنّ الجميع بات مستاء من تصرّف (حزب الله) واستقوائه على الآخرين، مما جعلهم ينفرون منه ويلتفّون حول (القوات).
وكلما تهجّموا عليه، تزيد شعبيته، لأنّ الجميع يرون ماذا يجري ومَن يتعرّض للظلم. كأن الله يجمع الناس حول (القوات)”.
ولفت إلى أنّ “كل ما يحصل هو من طرف واحد، والقضاء يجب أن يكشف من هو هذا الطرف الذي بدأ بالتهديد قبل أشهر.
كرة التوتير ليست عندنا، بل عند الطرف الآخر الذي يراعي مصالحه الخاصة أكثر من المصلحة اللبنانية.
خطواتنا ثابتة باتجاه القانون والدولة وبناء الجمهورية القوية، وسنستمر بالعمل في هذا الاتجاه، ولا نخاف أحداً”.
علم الدين: لعبة “شيطنة” لشدّ العصب
قال النائب عثمان علم الدين لـ”لبنان الكبير”: “إننا معرّضون لأي أزمة في أي لحظة في ظل الأوضاع الخطيرة التي نعيشها، والمعطيات المتوافرة تؤكد أنّ الجميع لا يريدون جرّ البلد إلى حرب طائفية.
نحن في مرحلة دقيقة جداً، ويبدو أننا ذاهبون من سيئ إلى أسوأ”.
وتابع: “وصلنا إلى مرحلة التفلّت في المناطق والأحياء، وبين العائلات في البلدة الواحدة.
طالما هناك سلاح أقوى من سلاح الدولة، ووجود دويلة أقوى من الدولة، والتخلّي العربي عن لبنان بسبب هذا السلاح، ومؤسّسات الدولة التي أصبحت مهترئة، فإنّ كل ذلك ينذر بأنّ البلد مفتوح على كل الاحتمالات”.
وتحدّث عن “لعبة الشيطنة بين الأطراف في السياسة بهدف شدّ العصب الطائفي قبل الانتخابات النيابية المقبلة”، لافتاً إلى أننا في بلد طائفي والجميع يعمل على دغدغة العواطف الشعبوية، مشدداً على “حكمة الرئيس سعد الحريري وحنكته التي ساهمت في منع الفتنة السنّية الشيعية من دون أن يستغل ذلك شعبوياً”.
الخازن: لا يحتمل البلد انقسامات
شدّد النائب فريد هيكل الخازن على أنّ “ما يحمي لبنان اليوم هو لغة الحوار والاعتدال”، معتبراً أنّ “حزب (القوات) استفاد شعبياً إثر أحداث الطيونة، لكن المهم اليوم كيف ننقذ البلد وليس كيفية الاستفادة شعبياً، خصوصاً أنّ الاستفادة الشعبية الناتجة عن أي تصادم داخلي تكون نتيجتها الخسارة”.
ورأى أنّ “أي تشرذم طائفي تستفيد منه القوى السياسية المعنية، ويخسر لبنان الذي لا يعيش ولا يستمر إلا على التفاهم والاعتدال.
نظامنا هو نظام ديموقراطي توافقي، فحتى من يأخذ أكثرية في مجلس النواب لا يمكنه أن يحكم وحده.
إنه بلد الشراكة التي تفترض حداً أدنى من التفاهم الوطني، ونحن أمام استحقاقات كبيرة في ظلّ أوضاع معيشية صعبة جداً.
وبالتالي، لا يحتمل البلد انقسامات. لذلك، يجب أن تقتنع كل القوى السياسية بأنه لا يمكن أي فريق التغلّب على الآخر، وعلاقة التفاهم والحوار والانفتاح هي التي يجب أن تسود بين القوى السياسية والطوائف.
الأساس ألا ينحدر لبنان إلى الخطاب السياسي والطائفي المتطرّف”.