صحيح أن لبنان دخل غرفة العناية الفائقة منذ أشهر طويلة، إلا أنه بات في حال حرجة جداً يعيش على أجهزة تنفس تحاول ضخ روح حلحلة في عروقه ليتبين أن مضاعفات الأزمات التي تزداد يوماً بعد يوم تفوق قدرة المعالجين على إنعاشه والذين لم ينجحوا في اعادة ايقاع نبض الحياة الى معدلها الطبيعي على المستويات كافة.
جديد الأزمات الأزمة الديبلوماسية مع دول الخليج على خلفية موقف وزير الاعلام جورج قرداحي من الحرب في اليمن وما رافقها من سلبية شديدة على مستوى تلك الدول، فيما سعى المسؤولون اللبنانيون الى احتواء الموقف من دون أن ننسى أزمة التحقيق في أحداث الطيونة والتحقيق في انفجار المرفأ وما يرافقه من تداعيات سلبية تصل شظاياها الى مجلس الوزراء الذي لا يزال في “إجازة مرَضية”، مع ان مصادر قريبة من الرئيس نجيب ميقاتي أكدت لـ”لبنان الكبير” أن ثمة مساعي حثيثة للعودة الى الانعقاد في وقت قريب وان هناك مخارج تدرس لمشاركة الجميع خصوصاً ان الأفرقاء أصبحوا على قناعة بضرورة الفصل بين السلطات والإسراع في بتّ المشاكل المعيشية التي فاقت كل تحمل.
لناحية التحقيق في انفجار المرفأ، فقد رفع القاضي طارق البيطار جلسة استجواب الرئيس حسان دياب بعد تبلغه دعوى مخاصمته من الهيئة العامة لمحكمة التمييز، اذ أعلن وكيل دياب الوزير السابق رشيد درباس أن موكله ملتزم الصمت ولا يريد الدخول بسجالات سياسية مع أحد وهو مصمم على الاحتكام الى القانون.
كما تقدم وكيل المدعى عليه الوزير السابق نهاد المشنوق بدعوى مخاصمة الدولة، وتالياً رفع يد المحقق البيطار عن ملاحقة المشنوق حتى بتّها.
وشرح رئيس مركز “ليبرتي للدراسات القانونية والاستراتيجية” محمد زكور لـ”لبنان الكبير”، المسار القانوني لدعوى مخاصمة الدولة، مشيراً الى ان “القاضي البيطار أجّل الجلسة أو أرجأها لحين بتّ دعوى مخاصمة الدولة لأنه عندما يقع الضرر من خطأ قاض، يحق للمدعى عليه مخاصمة الدولة بعطل وضرر.
ووكلاء الرئيس دياب اعتبروا ان البيطار أخطأ بالاجراءات التي اتخذها وانه غير متخصص، وبالتالي، على الدولة التعويض بعطل وضرر عن الخطأ الذي ارتكبه القاضي الذي هو موظف دولة”.
ولفت الى ان “منطق الامور يقول ان ترجأ الجلسة لحين بتّ دعوى مخاصمة الدولة من الهيئة العامة لمحكمة التمييز المؤلفة من 5 قضاة يشكلون ما يسمى الهيئة العامة ولديها صلاحية البتّ في طلبات مخاصمة الدولة.
وهي ليست محكمة انما هيئة عامة اختصاصها هذا الموضوع.
وهنا يمكن أن تصدر الهيئة قراراً يفيد بأن القاضي ليس مخطئاً ولا عطل وضرر لأصحاب الدعوى، واما تصدر قراراً ان القاضي أخطأ ويحق لهم بعطل وضرر لدى الدولة.
واذا كان القرار انه ليس هناك خطأ، يعود البيطار لمتابعة مسار عمله في القضية التي علّقها لحين بتّها”.
على مقلب آخر، وفي حين ان على جدول أعمال جلسة مجلس النواب أمس 35 بنداً إلا ان تثبيت موعد الانتخابات والمقاعد التي سيقترع على اساسها المغتربون، كانا بمثابة “النار تحت الرماد” التي أشعلت السجالات بين النواب خصوصاً بين النائب علي حسن خليل والنائب سيزار أبي خليل على خلفية اتهام حسن خليل رئيس الجمهورية بمخالفة الدستور لعدم دعوته سابقاً لانتخابات فرعية.
وإثر السجال على خلفية اعتماد الأكثرية بين رئيس البرلمان نبيه برّي ونواب “التيّار الوطني الحر”، توجه برّي لنواب “الوطني الحر”، قائلاً: “بدكن انتخابات أو لأ؟ قولوا بصراحة. بعد الطائف أصبح تفسير الدستور يعود إلى مجلس النواب وهذا الأمر لا نقاش فيه”.
وعلى الاثر، انسحب اعضاء “تكتل لبنان القوي من الجلسة التشريعية بسبب حدوث مخالفة دستورية كبيرة”، كما ادّعى النائب جبران باسيل.
وثبّت مجلس النواب قانون تبكير الانتخابات الى 27 آذار بدلاً من 8 ايار، وصوّت نواب تكتل “لبنان القوي” ضده، وامتنع نواب “كتلة الوفاء للمقاومة” عن التصويت على القانون فيما صوت ٦١ نائباً ضدّ اعتماد المقاعد الستة للمغتربين.
وما شكل استغراباً لدى النواب موقف وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الذي أشار الى ان اتمام تسجيل لوائح المغتربين مستحيل وفقاً للمهل الجديدة بعد تقريب الانتخابات خصوصاً ان النقاش كان مطولاً في اللجان المشتركة الثلثاء الماضي اذ اعتبر مصدر نيابي ان موقف بوحبيب جاء منسجماً مع توجه فريقه السياسي.
وأشار النائب محمد خواجة لـ”لبنان الكبير” الى انه “حصل تصويت على مادتين أساسيتين: تقريب موعد الانتخابات وحصلت على 77 صوتاً، وموضوع الاغتراب الذي حصل على 61 صوتاً.
وهنا حصل جدل اذ ان البرلمان ينقصه 11 نائباً بسبب الوفاة والاستقالة، واذا حسبنا الاكثرية من دون الـ11 نائباً تكون 59 صوتاً، لافتا الى ان رئيس الحكومة ووزير الداخلية قالا ان باستطاعتهما تنظيم الانتخابات في حال تم تقريب موعدها الى 27 آذار”.
وتوضيحاً لما جرى في الجلسة التشريعية من سجالات متبادلة واتهام بحصول مخالفة دستورية، قال زكور: “بناء على ما تسرب من القوى السياسية بمحاولة ايجاد مخرج للمأزق الذي وضع النواب أنفسهم فيه وهو تحديد موعد الانتخابات في 27 آذار المقبل، وبناء على رد رئيس الجمهورية للقانون، اعتبر مجلس النواب، وحفاظاً على ماء وجهه انه أصر على القانون.
لكن في واقع الحال، فإنه سحب عبارة الانتخابات المزمع عقدها في 27 آذار، وتقدم بتوصية لاجراء الانتخابات في 27 آذار المقبل، لذلك يعتبر بمثابة تعديل ضمني للقانون ان حذفت منه عبارة المزمع عقدها.
وهي تخريجة على الطريقة اللبنانية”.
وأشار الى ان “القوى السياسية تحاول تفادي تجرّع كأس الطعن من “التيار الوطني الحر” لدستورية قانون الانتخابات. وبسبب انسحاب نواب تكتل “لبنان القوي” من الجلسة، فمن المرجح ان يتجه الى تقديم طعن بدستورية القانون”.
على صعيد آخر، وفيما كشف ان البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي سيبدأ اتصالاته بالقادة المسيحيين للاجتماع ولمّ شملهم لإعادة التواصل في ما بينهم تحت عنوان الحفاظ على القواسم المشتركة لأن الامور بدأت تنزلق باتجاه الاشتباك على الارض، جرى تداول معلومات عن فكرة عقد قمة روحيّة مسيحية – اسلامية تأتي تتويجاً لتحرّك البطريرك الراعي، من شأنها ان تبدّد المخاوف عبر التأكيد على العيش الواحد ورفض كل ما يتهدّده من أي جهة، إلا ان مصادر بكركي نفت عبر “لبنان الكبير” معرفتها بأي قمة من هذا النوع يجري التحضير لها.