في ظل الأوضاع الراهنة التي تفتك بالعباد وتقتلهم “عالبارد”، وتخنق البلاد وتطوقها بزنانير أزمات حارقة متلاحقة، بات عدد كبير من الشعب اللبناني على قناعة ان من طوّقهم بـ”نار” الأزمات المعيشية والحياتية والاقتصادية والمالية هو الطرف الذي يملك مفاتيح الأبواب السياسية، ويتحكم بمفاصلها من ألفها الى يائها، في كبيرها وصغيرها، وهم على ثقة اليوم أكثر من أي وقت مضى ان خروجهم من دهاليز “جهنم” لن يكون إلا من خلال مواجهة أصل المشكلة المُتمثّلة بوضع “حزب الله” يده على الدولة وشلّها.
مجموعة من الشخصيات الوطنية وقادة رأي في لبنان والخارج، من مختلف الطوائف، عقدوا اجتماعهم الأول لاطلاق الجلسة التأسيسية للمجلس الوطني “لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان” على أن يعقب ذلك مؤتمراً صحافياً بعد أيام، يُعلن فيه إطلاق المجلس وأهدافه الوطنية.
فتفت: وحدة وطنية تتجاوز الإطار الحزبي والطائفي
أوضح الوزير والنائب السابق أحمد فتفت في حديث لـ”لبنان الكبير” ان “المجلس مؤلف من مجموعة من المستقلين المؤمنين بأنه لا يمكن حل مشاكل البلد الا من خلال اعادة بناء الدولة التي لا يمكن ان تتحقق في ظل وجود الاحتلال الايراني عبر سلاح حزب الله. المبدأ هو خلق منصة اسمها المجلس الوطني، وهي منصة سيادية مفتوحة أمام كل الأطراف انما اليوم تضم فقط مستقلين من مواقعهم الشخصية. كل الاطراف السيادية مرحب بها في المجلس أو غيره، وبالتالي، لن يكون هناك أي نوع من السجالات بيننا وبين أي طرف آخر”.
وشدد على انها ” ليست منصة انتخابية على الاطلاق، ولن يكون لدينا مرشحين في الانتخابات، لكن سنعمل وفق شعار إزالة الاحتلال الايراني انطلاقا من العناوين السيادية الاساسية التي تتمثل: بالدستور ووثيقة الوفاق الوطني المنبثقة عن مؤتمر اتّفاق الطائف، باحترام الشرعية العربية وعدم التدخّل في شؤون الدول العربية، وباحترام وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية منها 1701 و1559″.
وأشار الى ان “آلية العمل وطنية. نحن نقول انه لا يمكن بناء أي شيء من دون وحدة وطنية تتجاوز الاطار الحزبي والطائفي. هناك واقع في لبنان حيث تتم معالجة الامور بالمنطق الحزبي والطائفي، ولم نصل الى مكان. نحن نطرح منصة وطنية تتجاوز هذا الاطار ومفتوحة أمام الجميع”، متسائلا: “هل يمكن مجابهة حزب الله بهذه الطريقة؟ نعم يمكن اذ سبق أن جرّبنا طريقة مماثلة ونجحت أكثر من مرة. نجحت سنة 1943 حين تشكلت منصة وطنية في وجه الاحتلال الفرنسي، كما نجحت المنصة الوطنية في الـ2004 – 2005 (البريستول) في وجه الاحتلال السوري. المنصات الوطنية هي الوحيدة التي تمنع وقوع لبنان بحرب أهلية كما انها منبر للوصول الى الدعم العربي والعالمي”.
وأكد انه “ليس لدينا أي دعم خارجي حاليا انما نعتمد على أنفسنا، وسنبدأ بلقاءات محلية وليس دولية لنشرح للاطراف اللبنانية أهداف المجلس الوطنية ثم يجب القيام فيما بعد بتحرك إقليمي ودولي، وسبق أن قمنا بهذه الخطوات أيام البريستول”.
ولفت فتفت الى “اننا سنعقد اجتماعات دورية، ومن الأرجح ان تكون عبر تقنية “زوم” لأن الكثير من المسجلين على المنصة هم لبنانيون خارج لبنان حيث أصبح عدد المسجلين بالمئات. سنتفق أولا على وثيقة لبنانية، وبعد المناقشة وخلال 3 أو 4 أيام ننتهي من صياغة الوثيقة، ونعرضها على الاعلام ثم ننطلق باتجاهات أخرى، مشيرا الى ان المنصة ليست موجهة ضد أحد، ومن الممكن ان يكون هناك تواصل مع الاحزاب والتيارات”.
وعن التخوف من تهديدات أمنية، وعودة الاغتيالات، قال فتفت: “نحن ناس قدريين والحامي الله”.
سعيد: ترتيب الأولويات وتحرير الدولة
وأشار النائب السابق فارس سعيد إلى ان “هناك من يعتبر ان العنوان فضفاض أو على الأقل غير متوازن مع حجم الأزمة. لم يكن لقاء قرنة شهوان متوازنا مع حجم الازمة التي كانت متمثلة بوجود 40 ألف عسكري سوري على الاراضي اللبنانية بدعم عربي وأميركي وغربي. ومع هذا، تمكنت قرنة شهوان من خلال اعادة تكوين وحدة داخلية وتوحيد اللبنانيين حول العنوان الاساس الذي هو تحرير الدولة من سطوة وهيمنة واحتلال الجيش السوري، من اخراج الأخير من لبنان من دون عنف أو بندقية أو حتى ضربة كف”.
وأضاف: “اليوم ما يقوم به المجلس الوطني هو ترتيب الاولويات السياسية. هناك من اعتبر أن الازمة المعيشية المالية والاقتصادية والمدرسية والصحية والديبلوماسية التي نعيشها هي نتيجة سوء ادارة. هذا صحيح، لكن لم تتمكن الدولة والجمهورية اللبنانية المحسوبة على حزب الله (رئيس في بعبدا محسوب على حزب الله ورئيس مجلس نواب محسوب بشكل صافي على حزب الله ورئيس مجلس وزراء أتى على تقاطع مصلحة مع الحزب) على الرغم من ان هذه الجمهورية وُلدت من أجل أن تعمل لمصلحة حزب الله، لم تتمكن حتى اللحظة ان تقدم أي حل لأزمة اللبنانيين لأن فوق هذه الدولة الشكلية هناك دولة فعلية اسمها حزب الله تعمل بأمر ايران. وبالتالي، ما نقوم به في المجلس الوطني، هو ترتيب الاولويات والذهاب الى الهدف الاساس الذي هو تحرير الدولة من هذا الاحتلال المعنوي والامني والسياسي والعسكري الذي يمارسه حزب الله لمصلحة ايران”.
وأوضح سعيد ان “يكون لبناني يحمل سلاحا شيء وان تكون الامرة على السلاح اللبناني ايرانية شيء آخر. الإمرة على حزب الله ليست إمرة محلية انما إمرة ايرانية صافية، وبالتالي تتحول كل بندقية وكل صاروخ وكل مجموعة أمنية وكل خلية تابعة لحزب الله أكانت سرايا مقاومة أو قوى نظامية، الى جزء من الحرس الثوري الايراني، وتمارس احتلالا صافيا على الاراضي اللبنانية”.