صيدا – جزين: المزاج السني المتعكر يفرمل تركيب لوائح

27 فبراير 2022آخر تحديث :
صيدا – جزين: المزاج السني المتعكر يفرمل تركيب لوائح
فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

دائرة صيدا – جزين هي الأولى في منطقة الجنوب، ووفقاً للتقسيم الانتخابي، التنافس فيها يجري للفوز بمقعدين للسنة ومقعدين للموارنة ومقعد كاثوليكي، ويبقى الناخب الشيعي عنصر قوة أساسياً في حسم المعركة التنافسية، إذ هناك حوالي عشرة آلاف ناخب في القرى الشيعية المنتشرة في قضاء جزين، مثل كفرحونا وروم والريحان وعرمتى ومليخ واللويزة، وأصوات الناخبين الشيعة موزعة تقريباً بالنصف بين حركة “أمل” و”حزب الله” الذي يصب أصواته عادة لصالح أي مرشح وفقاً للفتوى الشيعية.

وتتضح الصورة بعد اعلان التحالف الإنتخابي بين الحزب و”التيار الوطني الحر”، إذ يصب الحزب أصواته في المنطقة لصالح التيار.

أما بالنسبة الى “أمل”، فوفق مرافقين لسير عملية الترشيحات ومواقف الأطراف السياسية، فإنها لن توافق على تقديم أصواتها لــ “الوطني الحر”، ومناصروها لهم حرية أكثر في الاختيار ولا يلتزمون الفتاوى، مما يصعّب عملية ضبط التصويت ويربك الحسابات الإنتخابية، إلا إذا كان هناك إتفاق منسق على مستوى الهيئات العليا في الحركة في المنطقة، والواضح أن الرئيس نبيه بري متمسك اليوم بالنائب ابراهيم عازار الذي فاز في انتخابات 2018 على لائحة “لكل الناس” إضافة الى النائب أسامة سعد.

الصراع الإنتخابي سيكون حاداً في المنطقة المسيحية، فقد حسم “التيار الوطني الحر” صراع الترشيح بين النائب السابق أمل أبو زيد والنائب الحالي زياد أسود لصالح الأول على حساب الثاني، على الرغم من أن لوائح الترشيحات النهائية للتيار لم تطلق بعد، حتى تتم معرفة من منهم سيكونون نواباً فعليين. ويبدو أن حسم ترشيح أبو زيد كونه مرشح يرضي فريقي الثنائي الشيعي وروسيا وسوريا.

من جهته، يدرك حزب “القوات اللبنانية” حاجته الى دعم من أصوات الناخبين السنة في صيدا، لكن أهل المدينة اليوم لديهم مشكلة مع “القوات” كون شبابها لم يشاركوا في فعاليات ثورة 17 تشرين سواء في جزين أم في ساحة إيليا “وهي اشكالية لا يمكن التغاضي عنها”، بحسب ما يتناقله ناشطون في الثورة.

في انتخابات 2018 لم ينجح مرشح “القوات” عن المقعد الكاثوليكي عجاج حداد، ودعمت شاباً صيداوياً من تجمع 11 آذار يدعى سمير البزري في لائحة “قدرة التغيير” التي شكلتها وضمت مرشحاً مارونياً لحزب “الكتائب” هو جوزف نهرا.

ولأن حزب “القوات” لا يدرك حتى الآن من هم المرشحون الفعليون في صيدا حتى يبني تحالفاته، فإنه لم يعلن عن مرشحه، وهذه المشكلة يواجهها أيضاً “التيار الحر”، لأنه لا يعرف من هم المرشحون السنة الحقيقيون، ولا يستطيعان توقع أين ستصب الأصوات السنية وأي مرشح سيكون قادراً على أن يكون في السلطة الفعلية.

وفقاً لقانون الإنتخاب فقد فصلت قرى شرق صيدا وحارة صيدا نهائياً عن هذه الدائرة، وتم ضمهما الى الدائرة الثانية أي صور – الزهراني، بمعنى أن هناك 12 قرية مسيحية في شرق صيدا، لن تصوّت إلا في منطقة الزهراني، كذلك بالنسبة الى حارة صيدا، فالأصوات الشيعية ستصب في الزهراني لصالح نبيه بري.

لم يعلن حزب “القوات” عن مرشحه في جزين، وبحسب المتابعين فان “الصورة ستتبلور خلال الأيام المقبلة، لا سيما بعد كلمة الرئيس فؤاد السنيورة في مؤتمره الصحافي”.

النائب بهية الحريري لم تعلن حتى الآن عزوفها ويعمل كثيرون من محبيها على تشجيعها على الترشح منفردة، كإحدى شخصيات المجتمع المدني الناشطة في المنظمات النسائية والجمعيات والمعلمين، ما سيؤمن لها الدعم من جمهور هذه القطاعات، الا أن التريث سيد الموقف حتى الآن.

بالنسبة الى المرشحين السنة، فالمرشحون الرسميون في صيدا حتى الآن هم: رنا الطويل التي فاجأ ترشحها أهل المدينة، وهي تعمل في السعودية ومقيمة هناك، لكنها كانت تأتي وتشارك في الثورة، وجمهورها السياسي قليل جداً.

طرح أيضاً كمرشح إسم إسماعيل حفوظة، وترشحه بيد أسامة سعد، وهو ابن أبو اسماعيل حفوضة أحد قياديي “التنظيم الشعبي الناصري”، كما أنه عضو لجنة مركزية في التنظيم وكان مفروزاً للتنسيق بين مجموعات الثورة.

وهناك المرشح أسامة سعد نفسه، وله مشكلة مع مجموعات من الثورة وحتى الآن لم يعلن ترشحه الرسمي ولم يعرف برنامجه الإنتخابي ولم يكشف توجهاته الفعلية أو يعلن عن تحالفاته التي تخيف البعض لا سيما مع “حزب الله” كما في السابق، ومع أحزاب الممانعة في الحركة الوطنية ومن بينهم الشيوعيون والبعثيون.

لذلك يشد ناخبو الثورة “الفرامل”، حتى تظهر الصورة التي يمكن أن تتضح في 6 آذار يوم احياء ذكرى استشهاد معروف سعد، بحيث من المتوقع أن يلقي أسامة سعد كلمة تبين توجهه السياسي وتكشف طبيعة تحالفاته. وقد تبنت “كلنا إرادة” ترشيح سعد في صيدا، وهي إحدى مجموعات ثورة 17 تشرين وتقدم دعماً لمرشحي الثورة ممن لا يرتبطون بعلاقات مع القوى الحزبية.

“الجماعة الاسلامية” طرحت إسم بسام حمود عضو المكتب السياسي وهو مرشح سابق، وكانت أعطت غطاء سنياً للتيار العوني في إنتخابات 2018، ولهذا الصيداويون اليوم بحسب تعبير أحد الأهالي، “لا يتعاطفون معهم كونهم صبّوا أصواتهم لصالح زياد أسود الذي توعد وهدد صيدا وشتم السنة والصيادنة واعتبرهم إرهابيين”. ولم يتضح حتى الآن مع من ستتحالف “الجماعة” في هذا الاستحقاق ولمن ستصب أصواتها.

ومن بين أسماء المرشحين التي تطرح في جزين اسم الوزير السابق شربل نحاس الأمين العام لحركة “مواطنون ومواطنات”، وجرى الحديث عن إتجاه لتشكيل لائحة تضمه مع أسامة سعد وجان عزيز لم تتاكد بعد. ولا بد من متابعة موقف السنة من دعم مثل هذه التركيبة الانتخابية، لا سيما وأن بعض مجموعات 17 تشرين مثل “نبض الجنوب” و”العامي” و”مستقلون” وبعض من هم في محيط “المستقبل” لم يعرف ما إذا كانوا سيعطون أصواتاً لسعد، أو يفكروا في التنسيق معه اذا لم تتبلور صورة اللائحة بوضوح، أي من سيدعمها، مع الأخذ في الاعتبار أن السعودية فتحت الطريق أمام سعد عبر توجيهها تحية له بما يوحي أنها لا تعارض ترشحه، وقد تكون الرسالة التي وصلته تشير الى فك تحالفه مع “حزب الله” وعدم الذهاب بعلاقته معه بعيداً.

في جزين العميد جوزف اسمر يطرح كمرشح عن مجموعة المقربين من من مجموعة الضباط وعمداء الجيش المتقاعدين المقربين من العميد جورج نادر، الذي يدّعي أنه في الثورة وكان قد استقال من الجيش، علماً أنه كان يخدم في صيدا وله علاقات مع كل الأطراف السياسية، بمن فيهم “حزب الله” وحركة “أمل” وأسامة سعد، وهو مقرب من قوى الشارع المسيحي المعارض أي “الكتائب” و”القوات”، وأخوه مسؤول اقليم جزين في “الكتائب”.

وأثناء خدمته في صيدا كونه ضابط مخابرات، بنى علاقات واسعة، وهو ناشط مع مجموعة نادر في الثورة والمؤلفة من الجنرالات المستقلين، الذين يقفون ضد قائد الجيش السابق الذي خدموا معه أي الجنرال ميشال عون، وضد سياسته وسياسة “التيار الوطني الحر” لأنه تم استبعادهم.

ويعمل نهرا على تشكيلة انتخابية مدعوماً من “كلنا ارادة” ويسعى الى ضم اسماعيل حفوضة، اضافة الى تشجعيه أحد أطباء مستشفى جزين على الترشح وضمه الى اللائحة.

ولا بد من الاشارة الى تأثير أصوات المغتربين لا سيما في جزين، فهم يلعبون دوراً أساسياً.

وقد يكون تصويتهم لصالح “القوات” بالدرجة الأولى وهو أمر يخيف “التيار الحر” الذي حاول الالتفاف على الموضوع عبر طرح 6 نواب لتصويت المغتربين في الدائرة 16 بـ 6 نواب وعدم مساواتهم في الانتخاب بالاقتراع لــ 128 نائباً، وهو الاقتراح الذي رفضه المجلس الدستوري بعد الطعن الذي قدمه التيار بقانون الانتخاب.

من الواضح أن المعركة الانتخابية في صيدا صعبة. فالمزاج السني متعكر وينحو نحو الاعتكاف. أما المزاج المسيحي فمربك وينتظر ما يمكن أن تكون عليه الصورة عند السنة، ومن هم المرشحون الذين يمكن التحالف معهم. وحده الصوت الشيعي صلب ويصب في قوة أساسية في جزين من حوالي 57 الى 62 ألف صوت، اضافة الى 10 آلاف صوت مغترب شيعي ستصب في اتجاه واحد وستعمل على تأمين تحصيل حاصل لأي مرشح، وبالطبع هذا سيكون للعونيين، الذين يعملون بالتنسيق مع “حزب الله” على تظهير شخصية سنية، بالتعاون مع مشايخ من صيدا مقربة من “حزب الله” لتشكيل لائحة، كما يجري في بقية الدوائر حيث ينشط الطرفان للتنسيق بهدف عدم تشتت الاصوات وتأمين الحواصل لا سيما المارونية منها.

أخيراً لا بد من انتظار المرشح السني الذي قد يدفع به السنيورة في حال اعتكفت بهية الحريري عن الترشح ليكون بيضة القبان ويستطيع أن يغير الصورة، وقد يحصل تحالف مع “القوات” لتأمين الخرق بنائب اذا دعم سنياً.

وبرأي متابعين، فان التركيبة في صيدا وانقسامها العمودي ما بين سعد والسنيورة قطعت الطريق على أي مرشح مستقل قد تكون له القدرة على المنافسة.

هناك أسماء كثيرة طرحت على الطاولة وهي شخصيات سنية صيداوية لها تأثير ولكن ليس لديها الحظ في أن تصل الى البرلمان.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

المصدر لبنان الكبير