شهدت منطقة بعلبك – الهرمل مسرحية من إعداد “حزب الله” وإخراجه، وهذه المسرحية لا تكتمل عناصرها من دون تأمين الكومبارس اللازم لها، فاختار لها الحزب مرشحين متقلبي المزاج، يخافون من نفوذه وسيطرته لاتمام المهمة المتوجبة عليهم وبأقل الخسائر الممكنة.
وبعد العديد من المشاورات واللقاءات التي عقدت بين مسؤولين من الحزب والمرشحين الثلاثة تم الإتفاق على جملة الانسحابات المتتالية من اللائحة التابعة لـ “القوات اللبنانية”.
أما الخطوات التالية فلم تحدد بعد ولم يزكي “حزب الله” هؤلاء المرشحين على لوائحه خاصة بعدما سجل عليهم في مرحلة سابقة اعتراضاً على سياسته في مواقف عدة.
“حزب الله” أراد بكل ما لديه من نفوذ وقوى برهنة أن مناطقه الشيعية لا تخرق وأنه المهيمن الوحيد على أرجاء المناطق الشيعية كافة وتحديداً البقاع.
وهدفه تبيان حجم “القوات” الضئيل في بعلبك – الهرمل، ولكنه لا يستطع القيام بكل هذه الخطوات بمنأى عن حليفه اللدود حركة “أمل”، فالعشائر تابعة بشكل أساس للرئيس نبيه بري والولاء للحركة.
كما أن لا وجود لمرشح شيعي يشكل خطراً على الثنائي في هذه الدورة خاصة في ظل غياب المرشح السابق والمعارض لـ “حزب الله” يحيى شمص. اما رئيس لائحة “بناء الدولة” الشيخ عباس الجوهري فليس سوى خصم من خصوم الثنائي ولكن من سابع المستحيلات أن يشكل خطراً على وجود “حزب الله” ومهما قدم من مساعدات وخدمات للبعلبكي فلن يصل الى الندوة البرلمانية لأن الحزب لا يريده.
ولم يتبدّل المشهد الانتخابي في بعلبك ولا أجواء لدى المواطن توحي بأنه مهتم بهذا الاستحقاق الذي يقترب يوماً بعد يوم، ولم يتأثر أيضاً بما حدث في الآونة الأخيرة وبجملة الانسحابات التي طالت المرشحين في لائحة “القوات”.
وبالتالي، لم نشهد إنسحاباً لمرشح واحد فحسب بل تبعه مرشحان آخران في الأسبوع نفسه، وهذا ما ساهم في طرح العديد من التساؤلات وعلامات الإستفهام، لماذا أرادوا إضعاف هذه اللائحة وخاصة أن رئيسها الشيخ عباس الجوهري تعرض الأسبوع الفائت الى اطلاق نار وقذائف أثناء لقاء إنتخابي له في بلدة الخضر في بعلبك؟ ما يحدث عبارة عن سياسة ترغيب وترهيب يمارسها “الثنائي الشيعي” ضد من يخالفه ولا يتفق مع سياسته وخاصة اذا كان من طائفته، اذ أنه لا يتقبل المعارضة الشيعية المعتدلة لأنها تشكل خطراً كبيراً على بقعته ومحيطه الذي يسعى دائماً الى إبقائه تحت عباءته وخاضعاً له.
واعتبرت مصادر مطلعة أن “الحادثة كانت متوقعة اذ لطالما أراد حزب الله ضرب اللائحة التي تنافسه، وما حدث ليس ذكاء منه بل عبارة عن مسرحية مدبرة بكامل عناصرها والمرشحون ليسوا سوى أتباع لدى الحزب يحركهم كيفما يريد ويشاء من أجل مصالحه الخاصة.
والملفت في المرشحين الثلاثة أنهم تابعون لعشائر وعائلات كبيرة.
فرامز أمهز وهيمن مشيك ورفعت المصري تابعون لعائلات نفوذها وسيطرتها كبيران نتيجة الغطاء الشرعي المؤمن لها سياسياً وقضائياً”.
اما من حضر المؤتمرات التي عقدها المرشحون الثلاثة من أجل تأكيد إنسحابهم من المعترك الانتخابي والتشديد على أهمية “المقاومة” وإعتزازهم بها، فلاحظ طريقة إلقائهم الكلمات ونظراتهم التي توحي بأنهم لا يدركون ماذا يقرأون، ولا يعلمون الخطوة التالية، وحالة الضياع والتشتت كانت واضحة المعالم. اما رفعت المصري فضرب آخر ما تبقى من عائلته وجعلها لا تدرك ما يحدث.
ومن المعروف أن عائلة المصري لا علاقة لها بالثنائي، لا بل تعارضه في العديد من المواقف، لكن رفعت قرر إعطاء صبغة جديدة للعائلة الرافضة لمنطق “حزب الله”.
اذاً، يبدو أن سيطرة “حزب الله” ستبقى في هذه المناطق مع استخدامه سياسة واضحة من دون أن يبالي بكل ما يقال عنه، كما أنه لا يعير الإستحقاق الانتخابي أهمية لأن حاصله مؤمن ونوابه معروفون مسبقاً. فكيف سيتخلص البعلبكي من هذه العقلية وهذه السيطرة؟ وهل 15 أيار سيغير شيئاً من المعادلة في بعلبك؟