تجري الانتخابات البلدية والاختيارية (انتخاب مخاتير البلدات) في 31 أيار 2023 أي بعد حوالي 10 أشهر من اليوم بعدما اقترحت الحكومة اللبنانية، تأجيل هذه الانتخابات التي كان من المفترض أن تتم في أيار 2022، بسبب عدم الجهوزية المادية والبشرية. وعلت مؤخراً أصوات بعض الأحزاب المسيحية (“القوات اللبنانية”، “الكتائب اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”) المطالبة باقتراح تقسيم بلدية بيروت إلى بلديتين.
فقد أعلن عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب غسان حاصباني، في إجتماع لنواب بيروت، أنّ النص القانوني يرتكز على استحداث بلديتين لبيروت الموحدة ضمن مجلس مشترك، ورفض اعتبار هذا الأمر تقسيماً. فيما رأى عضو تكتل “لبنان القوي” النائب نقولا صحناوي أن هذا الاقتراح مشروع إنمائي لبيروت وغير طائفي “لأن هناك مناطق كثيرة تعاني من غياب البلدية عنها، والتقسيم، إذا حصل، سيحسن الأداء البلدي وسيسمح بتنفيذ مزيد من المشاريع الانمائية في العاصمة”.
في المقابل، عارض هذا الاقتراح كل من “حزب الله” وحركة “أمل” والنواب التغييريين، واعتبر النائبان محمد خواجة وإبراهيم منيمنة أنّه طرح طائفيّ بامتياز ويسيء إلى بيروت وأبنائها. وجاء هذا الاقتراح اثر تقسيم بيروت كما هو الحال في الدوائر الانتخابية أي بيروت الأولى وبيروت الثانية التي تضم كل منها مناطق عدة من العاصمة، نتيجة غياب المناصفة في أعضاء المجلس البلدي.
واستغرب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ما يردده البعض من طروحات ومشاريع همايونية في تقسيم بلدية بيروت، مؤكداً أنها “لا يمكن أن تمر لأن التقسيم هو عودة إلى شرقية وغربية في بيروت، وهذا أمر مرفوض شكلاً ومضموناً ويهدّد العيش المشترك الإسلامي – المسيحي الذي حافظنا وسنحافظ عليه مهما كان الثمن”. وشدد على أن “التناتش على بيروت من خلال بلديتها لا يرضى به الجميع والأمور تعالج بالحكمة وبالقانون لا بتجاوزه، وهذا يستدعي استنفار كل المخلصين المعنيين في هذا الأمر”.
جعفيل: بيروت ستبقى واحدة
وفي سياق معارضة هذا الاقتراح، قال المحامي محمد زياد جعفيل لموقع “لبنان الكبير”: “كنا سابقاً نتمسك بالمناصفة في بلدية بيروت احتراماً لرغبة الشهيد رفيق الحريري، ولكن بعد طرح تقسيم العاصمة والإصرار عليه نقول: أولاً، ان تمسكنا بالمناصفة لم يكن يوماً دليل ضعف أو عدم تمثيل وحضور، وإنما كان رسالة وطنية هادفة. ثانياً، على الرغم من عدم عدالة هذه المناصفة، فهمها البعض تكريساً لواقع غير موجود، وتجرأ بعض الموتورين على القفز على واقع غير موجود لتكريس واقع جديد. ثالثاً، المعايير نفسها أثيرت في قانون الانتخاب إلى أن انتهينا الى قانون انتخابي عليل وهجين، مكرّساً الطائفية والمذهبية في كل شارع”.
أضاف: “أمام هذه الجرأة والعقلية المريضة التي لم تنته بانتهاء الحرب ومعابرها المشؤومة، نقول كلمة واحدة: خسئتم… بيروت ستبقى واحدة، وبلديتها واحدة، غير قابلة للتقسيم. لا تدفعوا الشعب البيروتي الأصيل بجناحيه إلى الانتقال إلى لغة ثانية، وسقف لا قدرة لكم على تجاوزه، أو حتى عبوره، أو القفز عليه”.
وأوضح “أننا ما زلنا حتى هذه اللحظة نطالب بالمناصفة، لكن اذا أرادوا التكلم معنا بهذا المنطق، فسنقول انّه لا يحق لهم نصف المجلس البلدي في الأساس، بزيادة الربع، وذلك من ناحية المساحة والعدد. ولكن للأسف هم يكرّسون وجودهم في المجلس البلدي المقترح لبيروت أن يكون لهم النصف فيه والعضوية الكاملة في مجلس بلدي آخر، ما يعني أنّ ما لكم نصفه لنا وما لنا يبقى لنا. يا عيب الشوم 30 سنة لم يتعلموا”.
في كل نقاش يدور حول بلدية بيروت، نرى الكثيرين يحمّلونها مسؤولية الأضرار في العاصمة نتيجة إهمالها المدينة وتقاعسها عن مهامها وغياب الانماء، ما جعل حاجات بيروت وأهلها ناقصة. إضافةً إلى عدم تطوير هذه البلدية امكاناتها وإعلانها دوماً عن العجز والخلل الذي أصاب مجالس العاصمة في السنوات الأخيرة.