تعتبر فئة كبيرة من اللبنانيين أنّ وجود اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية بات يشكل عبئاً كبيراً أكثر من أي وقت مضى باعتبار أنّهم أول المستفيدين من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وزادوا نسبة البطالة لدى المواطنين نتيجة سيطرتهم على أعمال ومهن كثيرة وقللوا من فرصهم في الحصول على أي مساعدة. هؤلاء اللاجئين، ليسوا السوريين وحسب، بل من أي بلد كانوا، لجأوا إلى بلاد كانت في يوم ما مزدهرة وأمورها ميسرة لتحضنهم فيما إنعدم الأمان في بلادهم. تركوا بيوتهم وأراضيهم وكل ممتلكاتهم، وعانوا من البرد والجوع والتشرد حتى استطاعوا التأقلم مع نمط حياة جديد في بلد جديد.
بلاد لا تزال الحرب مستمرة فيها وأخرى الأجواء مشحونة فيها، ومن اللاجئين من قرر العودة إلى بلاده ومنهم من استقر هنا وأسس حياة جديدة بعدما فقد كل شيء في بلده. وبما أنّ الزعماء العرب يتجاهلون تقديم المساعدة الى اللاجئين ويسعون الى التآمر على شعوبهم، يبرز هنا دور الأمم المتحدة في مساعدتهم ومحاولة تأمين حياة كريمة لهم.
رشدي: ملتزمون بدعم الفئات الأكثر ضعفاً
في خضم كل هذا الهجوم على اللاجئين، أشارت المنسّقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنان نجاة رشدي، في بيان، إلى أنّ “التداول في الفضاء العام بعودة اللاجئين السوريين إلى سوريا ازداد خلال الأسابيع الماضية في لبنان”، مكررة “بالنيابة عن المجتمع الإنساني الدولي وبصفتي منسقة الشؤون الانسانية في لبنان، بأن حماية اللاجئين واللاجئات هي واجب إنساني وأخلاقي يدخل في صميم المبادرات الإنسانية كافة”. وذكّرت بـ”التزام الحكومة اللبنانية بمبدأ عدم الاعادة القسرية بموجب القانون الدولي، وبمبدأ ضمان العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين واللاجئات”.
وأوضحت أنّه “وسط الانهيار الاقتصادي غير المسبوق في لبنان وارتفاع مستويات الفقر والحاجات الإنسانية، تبقى الأمم المتحدة وشركاؤها ملتزمين بدعم الفئات الأكثر ضعفاً وفقاً لحاجاتهم بغض النظر عن جنسيتهم أو إعاقتهم أو دينهم أو نوعهم الاجتماعي أو جنسهم أو مسقط رأسهم”.
أضافت: “خلال العام الماضي، قام المجتمع الانساني، بما في ذلك الأمم المتحدة من خلال خطّتَي الإستجابة المذكورتَين آنفاً، بزيادة دعمه للشعب اللبناني والعائلات والمجتمعات المحلية والمؤسسات العامة لتقليل تأثير الأزمات المتعددة عليهم وتلبية الحاجات الماسة للفئات الأكثر ضعفاً، وذلك كجزء من مهمة المجتمع الإنساني الأساسية المتمثلّة في عدم إهمال أحد”.
اليوم، وبعد مرور زمن طويل على وجود اللاجئين على الأراضي اللبنانية وخصوصاً السوريين منهم، لم يعد اللبناني قادراً على تحمّل المزيد، بدايةً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي هدد بإعادة اللاجئين السوريين، إذا لم يتعاون المجتمع الدولي مع بلاده في تأمين عودتهم إلى سوريا، بإعتبار أنّ لبنان غارق في عجز تأمين الخدمات الأساسية لمواطنيه، وقال: “بعد 11 عاماً على بدء الأزمة السورية، لم تعد لدى لبنان القدرة على تحمل كل هذا العبء، لا سيما في ظل الظروف الحالية”. ودعا “المجتمع الدولي إلى التعاون مع لبنان لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، وإلا فسيكون للبنان موقف ليس مستحباً على دول الغرب، وهو العمل على إخراج السوريين من لبنان بالطرق القانونية، من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحزم”.
وكان لوزير الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار رأي مماثل بتأكيده على عدم تمكن لبنان من استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، معتبراً أنّ “الدولة ملتزمة بمبدأ عدم الاعادة القسرية للنازحين، ولكن الوضع لم يعد يحتمل ولم تعد الدولة اللبنانية قادرة على تحمل كلفة ضبط الأمن في مخيمات النازحين والمناطق التي ينتشرون فيها”.
وقدمت منظمة الأمم المتحدة 9 مليارات دولار من المساعدات في إطار خطة لبنان للاستجابة للأزمة منذ العام 2015، لكن أزمات لبنان المتلاحقة أغرقت شرائح واسعة من اللبنانيين في فقر مدقع، ليتبيّن أنّ الدولة اللبنانية هي من تخلّفت عن تدارك الأزمات وتأمين حياة كريمة للشعب اللبناني فيما يعتاش السوري اليوم من مساعدات الأمم المتحدة وليس من مساعدات الدولة اللبنانية.
لم يكتف اللبنانيون بذلك، فكون السوريين قضوا على الأخضر واليابس وسرقوا رزقهم وشوهوا بلدهم، حسب قول البعض، تزداد الحملات ضدهم يوماً بعد يوم، عدا عن حملات الاضطهاد المباشر لهم في بعض المناطق وإستغلال بعضهم الآخر. فلا يأخذ اللبناني سوى عينة من الشعب السوري للهجوم عليها لكنّه لا يرى ما يعانيه الجزء الآخر منه في المخيمات فاقداً أبرز الأمور الحياتية المهمة.
ولم تفوّت الاعلامية داليا أحمد (الحاصلة على الجنسية اللبنانية) بروباغندا “هاجم تشتهر” لتستغل قضية اللاجئين السوريين في برنامجها “فشة خلق” بهدف كسب المزيد من المشاهدات. فقد هاجمت السوريين بأسلوب استفزازي ودعتهم للعودة إلى بلادهم بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان، لتصبح واحدة من المهاجمين العنصريين للاجئين، مع العلم أنّها منذ فترة قصيرة جدّأً كانت ضحية للتنمر بسبب لون بشرتها وجنسيتها كونها ليست لبنانية الأصل، وتقاسمت لأكثر من 20 عاماً الموارد مع اللبنانيين ولم يتوجه أحد اليها بأي كلمة. وبدلاً من مهاجمة شعب تشرّد بسبب حكامه، فلتهاجموا حكامكم الفاسدين الذين أوصلوهم وأوصلوكم إلى هذه الحال حتى أصبحتم كلاجئين في وطنكم.