بعد مرور أكثر من أسبوعين على الاضراب الذي ينفذّه موظفو القطاع العام، لا تزال الحلول المطروحة من الحكومة مدار سجال بين رابطة الموظفين وقواعدها. وهناك من يتهم الرابطة بأنها تتخذ مواقفها التصعيديّة بدفع من بعض الأطراف السياسيّة، فيما هناك من يريد العودة الى العمل حتى لا يزداد الانهيار أكثر ولا يعود بإمكان الدولة أن تطبّق الشطور التي وعدت بها لأن الاضراب شلّ الإدارة وأضرّ بالخزينة العامة.
في السّياق، رأى مصدر مسؤول في وزارة الإعلام أن “الإضراب أصبح مسيّساً لأنه بحسب الاجتماعات التي عقدت في رئاسة الحكومة كانت إيجابيّة وكان هناك تفهّم من الرئيس نجيب ميقاتي لوضع القطاع العام بعدما تلاشت معاشات الموظفين وأصبحت تتراوح ما بين ٨٠ – ١٠٠ دولار”.
وأشار المصدر الى أن “رابطة موظفي الدولة باتت ترفض المقررات التي تصدر من دون سبب يذكر لا سيما وأن رواتب الموظفين في القطاع العام ستصبح ما بين ٩ – ١٢ مليون ليرة وهو مؤشر جيّد”، متسائلاً “لماذا الإصرار على رفض رابطة موظفي الدولة أي قرار يصدر من دون أسباب موجبة خصوصاً وأن ٩٠٪ من الموظفين في القطاع العام قبلوا بالجدول الذي سرّب حول الرواتب وتصحيح الأجور؟”. وكشف أن “دوائر الماليّة والصّرفيات أبدت تجاوبها مع الاجتماع الذي حصل اليوم (امس)، وأن هناك إيجابيات لحلحلة الأمور الأربعاء، وتكلفة تصحيح الأجور ستكلّف الخزينة ١٤٠ مليار ليرة وهو مبلغ ليس بالكبير”، لافتاً الى أن “هناك خلافات بدأت تظهر داخل الرابطة وقد تكون هناك انسحابات منها لا سيما من وزارة المالية”.
أمّا بالنسبة الى إضراب “الوكالة الوطنية للإعلام”، فأوضح المصدر أن “الإضراب لا يزال مستمراً والخلافات بدأت تظهر في صفوف الموظفين بين معارض لإبقاء الوكالة مقفلة وبين مؤيد لاستمرار الإضراب، ويشير البعض إلى أن تصحيح الرواتب كما يجري التداول به مقبول إلا أن البعض الآخر يرى ضرورة الالتزام مع رابطة موظفي الدولة”.
وحسب المصدر فان “وزير الاعلام طلب من مسؤولي الأقسام عدم الضغط على الموظفين وترك الخيار لهم لحين الوصول الى حلحلة شاملة بخصوص القطاع العام. ولكن بسؤالنا لعدد من الموظفين رأى البعض أن المسألة لم تعد مسألة تصحيح أجور أو ارتفاع الرواتب بل أصبحت أيضاً عدم قبض الرواتب في موعدها المحدد بسبب إضراب الماليّة، مع توقع ألا يتم صرف الرواتب قبل ٢٠ الشهر المقبل حتى لو شهدت الأمور حلحلة”.
اما الصحافية الاقتصاديّة عزّة الحاج حسن فقالت: “لا يمكننا أن ننكر أن رواتب موظفي القطاع تدنّت قيمتها جداً وباتت شبه معدومة واليوم نرى شبه تعطيل كامل وتام لكل قطاعات الادارات والمؤسسات على القطاع العام بسبب تدني هذه الأجور”. وأكدت أن “هذه المسألة ضروريّة إنسانيّاً ومهنيّاً ولكن التسرّع في إقرار هذه الزيادات في حال لم توضع خطّة إصلاحية وتتخذ قرارات موازية لزيادة الأجور سيدخلنا في الأزمة نفسها التي دخلناها في أواخر عام ٢٠١٧ وبداية ٢٠١٨”.
ورأت أن “هذا الموضوع لا يحتمل تسرعاً ولا مزايدات اليوم، فلا يمكن رفع الأجور وقطف الثمار لاحقاً بالمزيد من التضخم والانهيار النقدي”، مشددة على “ضرورة أن يترافق موضوع زيادة الأجور مع إجراءات وقرارات لدرء مخاطر السلسلة الجديدة”. ولفتت الى “ضرورة إقرار الموازنة العامة لتحديد حجم الإيرادات وزيادتها لأن إيرادات الدولة اللبنانية باتت شبه معدومة وليس على حساب الفئات الضعيفة”.
أضافت: “في حين يتكلمون عن الدولار الجمركي، بمعزل عن باقي السياسات الضرائبيّة، الموضوع يستحق المزيد من التعمق والدرس وإعادة تصحيح ضريبي شامل ووضع خطة لإعادة هيكلة القطاع العام وتحديداً الرواتب وإعادة هيكلة ميزانيّة الدولة لكي تعرف الدولة ما لها وما عليها”.