بين الانفجار والحريق… الانهيار الجزئي للاهراءات أكيد

27 يوليو 2022
بين الانفجار والحريق… الانهيار الجزئي للاهراءات أكيد
 حسين زياد منصور
حسين زياد منصور

أيام قليلة تفصل اللبنانيين عن الذكرى الثانية لانفجار ٤ آب، فجراحهم لم تلتئم بعد، منهم من خسر عزيزاً وآخر تأذى جسدياً، عدا الدمار الهائل الذي ضرب أجزاء من العاصمة بيروت وتسبب في دمار الكثير من المباني والمنازل وتضررها. والى جانب التحقيقات المعلقة من أجل طي صفحة انفجار المرفأ، كان أهالي الضحايا على موعد دائم لإبراز قضيتهم من خلال تحركاتهم بين الحين والآخر كي لا ينسى أحد أو يتناسى هذه القضية.

وحدها الإهراءات مسرح الجريمة الصامد منذ سنتين بعد العصف المهول هي الشاهد على ما جرى حينها. شكلت هذه الصوامع رمز الحياة والمعيشة لعشرات السنين في لبنان، فهي لا تزال حتى بعد الانفجار مخازن للقمح، وقد حمت الجهة الغربية لبيروت من أهوال ٤ آب.

اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بهدم الإهراءات، تحت حجج متعددة أبرزها السلامة العامة والأمن الغذائي، لتعود وتتمهل في تنفيذه بعد معارضة ورفض أهالي شهداء المرفأ الذين طالبوا بتحويل الموقع إلى نصب تذكاري ينسجم مع مخطط إعادة تأهيل المرفأ وتدعيم ما تبقى من منشآت الإهراءات والمحافظة عليها كي تبقى شاهداً للتاريخ وتكريماً لكل المتضررين.

ومنذ أسبوعين عاد الدخان يتصاعد مما تبقى من إهراءات القمح إثر تجدد الحرائق التي ما أن يهرع رجال الإطفاء الى إخمادها حتى تتجدد، بسبب تخمر آلاف أطنان الحبوب والقمح المدفونة واشتعالها.

نتيجة هذه الحرائق المتكررة سيطر الخوف من سقوط أجزاء من الإهراءات، فكان تحذير من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من عدم الاقتراب من موقع الحريق، خوفاً من الانهيارات التي قد تحصل.

يؤكد وليم نون من أهالي شهداء المرفأ أنهم يعارضون هدم الاهراءات، وأن على المسؤولين معالجة مشكلة الحرائق فوراً واطفاءها، ومن المعروف أن لبنان سيشهد خلال شهرين ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة لذلك يجب أن يكونوا مستعدين لذلك.

ويستبعد أن يتخذوا من قضية الحريق ذريعة لتنفيذ خطتهم بهدم الاهراءات، مؤكداً “أننا متواجدون في كل الأحوال بصورة دائمة وسنمنعهم من ذلك”.

وعلى الصعيد الهندسي والعلمي، يقول نائب عميد كلية الهندسة في الجامعة العربية الدكتور يحيى التمساح: “لقد أجريت أكثر من دراسة عن الإهراءات، الأولى كانت بعد الانفجار، والثانية عن المباني المتبقية، وحالياً أتابع ملف الحرائق. أولاً لا وجود لما يسمى مبنى إهراءات، انهما مبنيان منفصلان عن بعضهما البعض، المبنى المتبقي من الناحية الجنوبية وهو عبارة عن ٦ صوامع ومبنى من الناحية الشمالية عبارة عن ٨ صوامع”.

ويضيف: “في الجهة الجنوبية، بعد الانفجار مالت الصوامع الست وثبتت ولم تعد تتحرك أبداً، والأضرار الانشائية في الجزء المتبقي ليست كبيرة. اما من الناحية الشمالية فالصوامع الثماني أصبحت تميل وفي الاتجاه المعاكس، وبصورة يومية هناك زيادة في الميلان. إذاً، فالمجموعة الجنوبية المكونة من ست صوامع تعتبر سليمة وثابتة، ولا تشكل أي خطر ولا احتمال لانهيارها. اما المجموعة الشمالية وهي التي تميل، فأشرنا مرات عدة الى ضرورة القيام بأي شيء في شأنها كتقوية التربة، فالأساسات تضررت بسبب الانفجار وهو ما يسبب هذا الميلان، ولو تمت تقوية التربة لكان من الممكن تدعيم المنشأة المتبقية. وهذه الإجراءات كان يمكن القيام بها قبل نشوب الحريق”.

ويوضح أن “الحريق معروف هندسياً بتأثيره السيء على المنشأة، فكلما كان الحريق أقوى واستمر لفترة أطول، يساهم في إضعاف البنية الانشائية وقدرتها على الصمود والتحمل، واستمرار الحريق يسرّع في مخاطر انهيارات جزئية في الإهراءات. وبقاء الحريق لما يقارب الأسبوعين أحدث أضراراً في أجزاء من المجموعة الشمالية وليست كلها، في حين أن المجموعة الجنوبية لم يصل اليها الحريق”.

ويرى أن “استمرار الحريق لأسبوعين أضعف بدون أي شك المنشأة بصورة كبيرة، وهناك احتمال حدوث انهيارات جزئية”. ويشير الى أنه تمكن في السابق من الذهاب مرات عدة لتفحص الأضرار وأخذ بعض العينات، “وكان من الممكن اجراء بعض التدعيمات والترميم اما الآن فلا أحد يملك أي معلومة عن حجم الأضرار التي حصلت بعد الحريق اذ لا أحد قادر على الذهاب الى مكانه”، لافتاً الى أن أي تواصل رسمي من الدولة لم يحصل معه للاطلاع على الدراسات التي أعدها، “مع العلم أنني أجريت مقابلات عدة منها مع أعرق المجلات العلمية للحديث عن ذلك، الا أن التواصل مع المؤسسات الرسمية كان غائباً”.

المصدر لبنان الكبير