هل يكشف الموسم الجديد اتساع الهوة بين كبار أوروبا؟

7 سبتمبر 2022

ينطلق الثلاثاء دور المجموعات من الموسم الجديد لدوري أبطال أوروبا، حيث يبدأ ريال مدريد الإسباني حملة الدفاع عن لقبه القياسي الرابع عشر من الأراضي الأسكتلندية. وذلك على وقع مرور ثلاثين عاما على انطلاق دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بصيغته الحالية كبديل لكأس الأندية الأوروبية البطلة.
وكان مرسيليا الفرنسي أول بطل يتوج بلقب المسابقة بحلتها الجديدة موسم 1992 – 1993، وبقي منذ حينها الفريق الوحيد من بلاده الذي يحصل على هذا الشرف في صيغتي البطولة، رغم الأموال الطائلة التي أنفقها غريمه باريس سان جرمان بقيادة مالكيه القطريين.
ومنذ أن توج بورتو البرتغالي عام 2004 بقيادة المدرب جوزيه مورينيو، احتكرت أندية إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا اللقب، ثم منذ فوز إنتر الإيطالي بقيادة مورينيو أيضا بلقب 2010، رفعت خمسة أندية فقط الكأس، حيث فاز بها كل من برشلونة الإسباني وتشيلسي الإنجليزي وبايرن ميونخ الألماني مرتين، وليفربول الإنجليزي مرة واحدة.
وكانت حصة الأسد خلال هذه الفترة من نصيب ريال مدريد الذي وبعد فوزه في مايو على ليفربول 1 – 0 في باريس، رفع الكأس المرموقة للمرة الخامسة في غضون تسعة أعوام، مؤكداً التألق الدائم للنجوم المخضرمين مثل الكرواتي لوكا مودريتش والفرنسي كريم بنزيمة.
ويبدأ النادي الملكي بقيادة الإيطالي كارلو أنشيلوتي الذي بات في مايو أول مدرب يحرز الكأس أربع مرات في مسيرته، رحلته نحو نهائي يونيو في إسطنبول ضمن مجموعة من المفترض ألا يواجه صعوبة في تجاوزها. ويتواجه ريال مع سلتيك الأسكتلندي ولايبزيغ الألماني وشاختار دانييتسك الأوكراني ضمن المجموعة السادسة، مدركا تماماً أنه حتى الهزيمة مثل التي تلقاها الموسم الماضي على أرضه أمام شيريف تيراسبول المولدافي أثبتت في نهاية المطاف أنها غير مكلفة.
وقال أنشيلوتي لوسائل إعلام إسبانية “كان من المفترض أن تكون أسهل مباراة لنا العام الماضي ضد شيريف في برنابيو وخسرناها، وبالتالي علينا احترام هذه الفرق”. كما سارع للإشارة إلى عامل آخر يمكن أن يلعب دوره هذا الموسم وهو الجدول الزمني للمباريات.
وفي العادة، يصل دور المجموعات إلى نهايته في ديسمبر، لكن كأس العالم المقررة نهاية العام في قطر أجبرت الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) على تعديل روزنامته. وسيكون برنامج دور المجموعات مضغوطا حيث تقام المراحل الست على مدى شهرين، مع تقديم موعد البداية.
وتيرة مختلفة
رأى المدرب الألماني لليفربول يورغن كلوب الذي يبدأ فريقه مشواره الأربعاء خارج أرضه ضد نابولي الإيطالي، أنه “يتوجب علينا أن نكون مستعدين ليس فقط لجودة الخصم بل أيضا لمطالب ووتيرة مختلفة”. وقد يكون التأثير الحقيقي لهذا التغيير محسوساً فقط عندما تبدأ الأدوار الإقصائية في فبراير، حين يتعين على العديد من نجوم كبار الأندية في أوروبا أن يمرّوا بتجربة الاستنزاف البدني لإقامة كأس العالم في منتصف الموسم.

ومع ذلك، فإن فكرة فوز أحد باللقب من خارج المجموعة الضيقة لأندية النخبة خيالية إلى حد كبير. وعندما يبدأ ريال حملة الدفاع عن لقبه، لن يكون الأوفر حظاً على الورق لتتويج آخر في ظل وجود أندية مثل مانشستر سيتي الإنجليزي ونجمه الجديد النرويجي إرلينغ هالاند، أو باريس سان جرمان الذي نشط مجددا في سوق الانتقالات ضمن مسعاه لتحقيق الحلم المطلق وهو الفوز باللقب القاري لأول مرة في تاريخه.
ورأى المدرب الجديد لسان جرمان كريستوف غالتييه أن “دوري أبطال أوروبا يستخرج أفضل ما لدى اللاعبين والمشجعين والفرق”، مضيفا “سيكون هناك استخفاف كبير إذا قلنا إن باريس سان جرمان هو المرشح الأوفر حظا”. كما سيكون ليفربول وبايرن من بين المرشحين للفوز باللقب، فيما تبدو حظوظ تشيلسي أو جاره توتنهام وبرشلونة أضعف. واعتبارا من 2024، سيتم توسيع دور المجموعات ليشمل 36 فريقا عوضا عن 32، مع وضع جميع الفرق معا في مجموعة واحدة بواقع ثماني مباريات لكل منها، عوضاً عن التوزيع الحالي في ثماني مجموعات من أربعة فرق.
من المتوقع أن يؤدي هذا النظام الجديد إلى تغيير واقع دور المجموعات بعدما بات التنبؤ بنتائجه أمرا سهلا في ظل هيمنة الكبار. ولا يجب الانتظار حتى 2024 لاختبار صعوبة التنبؤ في ظل وجود بايرن وبرشلونة وإنتر في مجموعة واحدة (الثالثة) خلال النسخة الحالية، بجانب بطل تشيكيا فيكتوريا بلزن الذي يواجه فرقا متوجة معا بما مجموعه 14 لقبا في المسابقة القارية الأم.
ومن المحتمل جدا أن يقصى برشلونة من دور المجموعات للموسم الثاني تواليا، بعد صيف انشغل فيه ببيع أصوله وتوزيع ديونه الطائلة حتى يتمكن من تعزيز فريقه. وأقر مدرب النادي الكتالوني تشافي هرنانديس أنه “لدينا مجموعة صعبة للغاية. ربما تكون المجموعة الأصعب خلال الأعوام العشرين الماضية”.
وإذا كان برشلونة عزز صفوفه بالتحايل على ديونه، فإن الصعوبات المالية جعلت معظم أندية دوري أبطال أوروبا عاجزة عن الاحتفاظ بأفضل لاعبيها. فمنذ وقت ليس بالبعيد، كانت مجموعة تضم بوروسيا دورتموند الألماني وإشبيلية الإسباني مليئة بالمخاطر بالنسبة إلى مانشستر سيتي. لكن سيتي نفسه جرّد دورتموند من هالاند، بينما خسر إشبيلية ثنائي قلب دفاعه الفرنسي جول كونديه والبرازيلي دييغو كارلوس لصالح برشلونة وأستون فيلا الإنجليزي تواليا، وبات أضعف بكثير نتيجة ذلك.
هذا مجرد جزء من النمط السائد الذي دائما ما يطال أياكس أمستردام الهولندي، أحد أطراف المجموعة الأولى مع ليفربول ونابولي ورينجرز الأسكتلندي، إذ خسر مدربه إريك تن هاغ ومدافعه الأرجنتيني ليساندرو مارتينيز وجناحه البرازيلي أنتوني لصالح مانشستر يونايتد الإنجليزي، وباع هدافه العاجي سيباستيان هالر إلى دورتموند.
وبنفيكا البرتغالي الذي يواجه سان جرمان ويوفنتوس الإيطالي في المجموعة الثامنة، خسر جهود مهاجمه الأوروغوياني داروين نونييز لصالح ليفربول، فيما شهد منافسه سبورتينغ توجه نجمي وسطه ماثيوس نونيش وجواو بالينيا الى إنجلترا للدفاع عن ألوان ولفرهامبتون وفولهام.
كما خسر كل من بروج البلجيكي وسالزبورغ النمساوي وكوبنهاغن الدنماركي أفضل هدافيهم، كما حال فيكتوريا بلزن الذي انتقل مهاجمه الفرنسي جان دافيد بوغيل إلى الوحدة السعودي. هذه الأندية كلها صغيرة في بركة دوري الأبطال، ومعظمها ستكون تكملة عدد وليس أكثر، ليستمر بذلك اتساع الهوة بين أندية النخبة والآخرين.