كأس العالم لكرة القدم ليست محاولة لإحراز اللقب ورفع الكأس الغالية فقط، بل تتخطى ذلك لتتحول إلى تنافس أو حتى صراع بين القارات خصوصاً بين القارة “العجوز” أوروبا وأميركا الجنوبية “اللاتينية”. وتتخطى المنافسة في المونديال مسألة تتويج بلد باللقب.
هذا التنافس يبدأ من استضافة البلدان للمسابقة، وبالتالي القارات، إذ أصبح مبدأ المداورة بين القارات هو السائد في اختيار البلد المضيف للبطولة، أو الدول المضيفة، كما في حالة الولايات المتحدة والمكسيك وكندا عام 2026.
لكن الأهم من الصراع بين القارات لتأكيد التفوق في كأس العالم، هو حصد أكبر عدد ممكن من الألقاب، وهو ما ينحصر منذ انطلاق هذه البطولة عام 1930 في قارتَي أوروبا وأميركا الجنوبية، مع غياب تام لسائر القارات عن التتويج، حتى يندر وصول بعض البلدان من تلك القارات إلى نصف النهائي.
وهكذا يدور صراع بين قارتَي أوروبا وأميركا الجنوبية، وهما فعلاً القارّتان الأفضل في عالم كرة القدم، ليس في المونديال فحسب، بل أيضاً في جميع البطولات وتخريج النجوم.
وإذا كانت أوروبا تتفوق على أميركا الجنوبية في بطولاتها، سواء للمنتخبات، ككأس أمم أوروبا، أو الأندية كدوري الأبطال أو البطولات الوطنية، كما في إنكلترا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا، والتي يتوجه إليها اللاعبون المميزون من أميركا الجنوبية وتتنافس على التعاقد معهم الأندية الأكبر في القارة، وخصوصاً من البلدين الأقوى في القارة اللاتينية، أي البرازيل والأرجنتين، فإن أوروبا كذلك تتفوق على أميركا الجنوبية في كأس العالم.
فقارة أوروبا أحرزت خلال 21 نسخة من المونديال 12 لقباً، من خلال تتويج كل من ألمانيا وإيطاليا بـ4 ألقاب، وفرنسا بلقبَين، وكل من إسبانيا وإنكلترا بلقب، مقابل 9 ألقاب لقارة أميركا الجنوبية بتتويج البرازيل بـ5 ألقاب وكل من الأرجنتين والأوروغواي بلقبين.
وشهد الصراع بين القارتين ندّية كبيرة، فطوال الفترة الممتدة بين مونديالي 1930 و1998، فشلت جميع المنتخبات المتوّجة بتحقيق اللقب على أراضي القارة المنافسة، باستثناء فوز البرازيل بمونديال 1958 في السويد، بفضل أسطورتها بيليه.
بعد فوز البرازيل بمونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، باتت منتخبات أميركا اللاتينية تتفوق على نظيرتها الأوروبية بواقع تسعة ألقاب مقابل ثمانية، قبل أن تنجح منتخبات أوروبا في الهيمنة على المسابقة والفوز بالنسخ الأربع الأخيرة.
وفي آخر أربع مونديالات، لم ينجح أي منتخب من أميركا اللاتينية بالوصول إلى المباراة النهائية باستثناء الأرجنتين التي خسرت نهائي 2014 أمام ألمانيا، كما لم يتواجد أي منتخب من خارج أوروبا في الدور نصف النهائي في نسختي 2006 في ألمانيا و2018 في روسيا.
لكن بعد تطورهما الواضح في السنوات الأخيرة وتحقيقهما نتائج مميزة في التصفيات وفي المباريات الودية، يعتقد الكثيرون من المراقبين أن منتخبي البرازيل والأرجنتين جاهزان لمقارعة الأوروبيين وإعادة الكأس إلى قارتهما، عبر بوابة مونديال قطر.