هل باتت الرياضة حكراً على الأغنياء؟

5 يناير 2023
هل باتت الرياضة حكراً على الأغنياء؟

مع دخول لبنان السنة الثالثة على انفجار الأزمة الاقتصادية، تتأثر مختلف القطاعات بانهيار الليرة. فالتكاليف ارتفعت ما بين أجور العاملين واشتراك الكهرباء والإيجار، وغيرها. بالتالي، تُضطرّ المؤسسات إلى رفع أسعارها لتغطية تكاليف التشغيل أولاً، وبطبيعة الحال الطموح لتحقيق الأرباح بهدف الاستمرارية.
ومن بين تلك القطاعات، القطاع الرياضي، إذ إن كثر من الشباب يلجأون لممارسة الرياضة، سواء لتحسين لياقتهم البدنية، أو للتسلية وتمضية الوقت والتخفيف من الضغوط النفسية جرّاء الأوضاع الصعبة المعروفة. لكن هواية ممارسة أنواع الرياضة على اختلافها، تكاد تصبح من أحلام الرفاهية والترف، وبات “يُضرب لها ألف حساب”.
وفي جولة سريعة على النوادي الرياضية (gym)، نرى أن الاشتراك يتراوح ما بين 500 ألف و3 ملايين ليرة للشهر الواحد. يضاف إليها “الملحقات” للذين يرتادون النوادي بشكل روتيني، مثل المكمّلات الغذائية (proteins, creatine…)، فضلاً عن الجلسات الرياضية الخاصة التي يُشرف عليها مدرب متخصِّص (personal trainer)، ليكون شهر المشترك قد تخطّى الـ5 ملايين.
بعيداً من النوادي الرياضية (gym)، وعلى سبيل المثال، كان معظم الشباب الذين يهوون لعبة كرة القدم، “يستأجرون” ملعباً من أحد الأندية الرياضية لممارسة هذه الهواية، لساعة ونصف الساعة، وذلك بمعدّل 10 آلاف لكلّ لاعب. لكن اليوم أصبحت المباراة الواحدة عبئاً عليهم، إذ إن كلفة استئجار الملعب باتت تتخطَّى المليون ليرة.
وعلى قاعدة “الحاجة أمّ الاختراع”، بات لاعبو كرة السلة يستأجرون “نص ملعب”. أي أنهم يتنافسون على سلّة واحدة بمباراة “street ball” (3 ضد 3)، بدلاً من أن يلعبوا على الملعب كاملاً، وذلك لدفع نصف القيمة وتوفير النصف الثاني لمباراة أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر الفنون القتالية من الرياضات الأكثر شيوعاً، خصوصاً بعد تقدّم المستوى وتطوّره في لبنان وتحقيق إنجازات عالمية عدة، لكنها أصبحت من الكماليات. فقبل الأزمة كان الاشتراك الشهري حوالي 50 ألف ليرة، لكنه بات اليوم يزيد عن الـ20$ شهرياً (تختلف بحسب عدد الأيام أسبوعياً وإذا كان العديد كبيراً في الصف)، أي حوالي الـ850 ألف ليرة. بالإضافة إلى الـgloves والـprotections والمتابعة الغذائية الصحيحة. ما يعني أن احترافها شبه مستحيل.
أما بالنسبة للرياضات الموسمية، فـ”انسوا”. رياضة التزلّج معروفة بتكلفة ممارستها العالية أكثر من الرياضات الأخرى، لأن المستثمرين يسعون لجني الأرباح بفترة قصيرة نسبياً، لذلك يرفعون الأسعار. ومع ارتفاع سعر صرف الدولار، أصبح الدخول إلى الـpistes حوالي 50$ للشخص في اليوم، فضلاً عن إيجار الـski، فيكون يوم اللبناني بكلفة حوالي 100$.
وبالإضافة إلى التزلّج، لا تُخفى صعوبة ارتياد المسابح لممارسة واحدة من أفضل الرياضات. لكن على الرغم من ارتفاع الأسعار، لا يزال من الممكن الدخول من فترة إلى أخرى وبشكل متقطِّع إلى المسابح، لكن من الصعب تحمُّل كلفة ممارسة هذه الرياضة يومياً.
وعلى ضوء ما تقدَّم، يكون اللبناني أمام خيارين: إمّا الاشتراك بالنوادي الرياضية، أو ممارسة الرياضة بمفرده، وذلك من خلال الجري في الأحياء غير السكنية في الأيام المشمسة أو الاستعاضة عن ذلك بالقيام ببعض التمارين في المنزل.