ثورة في غرفة العمليات: الروبوت الجراحي المستقل يغير القواعد

beirut News20 يوليو 2025
ثورة في غرفة العمليات: الروبوت الجراحي المستقل يغير القواعد
تالا الحريري

في إنجاز علمي غير مسبوق، شهد عالم الجراحة ثورة حقيقية مع نجاح روبوت جراحي في تنفيذ جزء طويل وحاسم من عملية استئصال المرارة بشكل مستقل تماماً، دون أي تدخل بشري مباشر
الروبوت الذي أُطلق عليه اسم STR-H هو نظام جراحي هرمي قائم على تحويل اللغة إلى أفعال، تم تطويره بواسطة باحثين من جامعة جونز هوبكنز.

ما يميز هذا الإنجاز ليس فقط قدرة الروبوت على تنفيذ المهام الجراحية بدقة عالية، بل قدرته على التكيف مع الظروف المتغيرة في الوقت الفعلي واتخاذ قرارات مستقلة.

فخلال العملية، التي شملت 17 خطوة دقيقة مثل تحديد الشرايين والقنوات الصفراوية، ووضع المشابك الجراحية، وإزالة المرارة، أظهر الروبوت أداءً ثابتاً ومهارة تضاهي مهارة الجراحين المحترفين.

حتى عند مواجهة تغييرات مفاجئة في الأنسجة أو استخدام صبغات جراحية، حافظ الروبوت على أدائه الدقيق دون الحاجة لتدخل بشري.

كيف يعمل STR-H؟
يعتمد الروبوت STR-H على تقنيات التعلم الآلي المتقدمة، مشابهة لتلك المستخدمة في نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة مثل ChatGPT، وهذا لا يسمح له فقط بتنفيذ الأوامر المبرمجة، بل بفهم السياق الجراحي والتفاعل معه بذكاء.

اذ يمكن للروبوت الاستجابة للأوامر الصوتية مثل “أمسك رأس المرارة” أو “حرّك الذراع اليسرى قليلاً”، ويتعلم من هذه التوجيهات ليحسن من أدائه بشكل مستمر، تماماً كمتدرب جراحي يتلقى توجيهات من خبير.

أحد أبرز جوانب هذا التطور هو قدرة الروبوت على التكيف مع الفروقات التشريحية لكل مريض واتخاذ القرارات في الوقت الفعلي، بل وتصحيح أخطائه بنفسه إذا حدث شيء غير متوقع.

هذا يمثل قفزة نوعية من الروبوتات التي تنفذ مهاماً محددة إلى أنظمة تفهم الإجراءات الجراحية بشكل أعمق وتتصرف بمرونة.

يعتبر الروبوت “إس تي آر-إتش” (STR-H) أحدث قفزة في هذا المجال، فخلافاً للأنظمة الروبوتية السابقة التي كانت تقتصر على تنفيذ مهمات محددة، يمتلك “إس تي آر-إتش” القدرة على فهم الإجراءات الجراحية بشكل أعمق.

هذا الروبوت، الذي طورته جامعة جونز هوبكنز بتمويل حكومي أميركي، أثبت قدرته على تنفيذ جزء طويل من عملية استئصال المرارة على مريض يحاكي الإنسان الحقيقي، مع الحفاظ على أداء ثابت ومهارة تضاهي أمهر الجراحين البشريين.

بعد هذه المشاهدة المكثفة، تمكن الروبوت من تنفيذ العملية بدقة 100%، حتى في ظل ظروف غير متوقعة مثل اختلاف شكل الأنسجة أو إضافة صبغة تحاكي الدم.

ورغم أن الروبوت استغرق وقتاً أطول من الجراح البشري في هذه التجربة، إلا أن النتائج كانت مماثلة لما قد يحققه جراح محترف، مما يؤكد على موثوقيته وكفاءته.

وقد صرح الباحثون بأن هذا العمل يعالج أحد أكبر العقبات التي كانت تواجه استخدام الروبوتات الجراحية الذاتية في العالم الحقيقي، مؤكدين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون موثوقاً بما يكفي ليُستخدم في العمليات الجراحية.

الخطوة التالية لفريق البحث هي توسيع قدرات الروبوت لتدريبه على أنواع أخرى من العمليات الجراحية، بهدف تطويره ليصبح قادراً على إجراء عملية كاملة ذاتياً دون تدخل بشري. هذا التطور لا يعد فقط بزيادة دقة العمليات الجراحية وتقليل الأخطاء، بل قد يسهم أيضاً في توفير الرعاية الصحية في المناطق النائية أو في حالات الطوارئ حيث يكون الوصول إلى الجراحين المتخصصين محدوداً.

إن الروبوت “إس تي آر-إتش” ليس مجرد آلة تقوم بمهام مبرمجة، بل هو نظام ذكي يتعلم ويتطور، مما يجعله ركيزة أساسية في بناء مستقبل الجراحة الذاتية.

إن القدرة على أتمتة الإجراءات المعقدة بثبات وموثوقية عالية، كما أظهرت هذه التجربة، ستمهد الطريق لابتكارات لا حصر لها في مجال الرعاية الصحية.

المصدر بيروت نيوز