” ساير الجنة “: فيلم إماراتي يذهب بمشاهديه إلى فضاء إبداعي بديع

25 سبتمبر 2018
” ساير الجنة “: فيلم إماراتي يذهب بمشاهديه إلى فضاء إبداعي بديع

من قلب العاصمة الإماراتية أبو ظبي، خرج إلينا فيلم ” ساير الجنة ” الإماراتي كتحفة سينمائية أبهرت الجماهير في جميع أنحاء العالم، بحكايته الاستثنائية المبدعة التي تحاكي وجداننا بكل عناية، وخلطه المذهل بين اللحن الشرقي التراثي والحديث، حقق خلالها المخرج والكاتب الإماراتي سعيد سالمين بالاشتراك مع فريق العمل نجاحًا كبيرًا وحاز على إشادة واسعة في مهرجانات السينما الدولية.

يتناول الفيلم قصة سلطان، وهو صبي يبلغ من العمر 11 عاماً، يبحث عن حنان افتقده بعد رحيل أمه وهو صغير، وبعد المعاملة الباردة والقاسية في معظم الأوقات من قبل زوجة أبيه، يكتشف الصبي صندوقاً قديماً يحتوي على صورة لجدته التي لم يرها مطلقاً، ويجد خلف الصورة ما يشير إلى عنوانها في الفجيرة، فيقرر الصبي هو وصديقه، الذهاب إلى الفجيرة للعثور على الجدّة، محاولين التغلب على العوائق والحواجز والمصادفات الغريبة التي تصادفهما خلال الرحلة المنهكة.

نقلة نعية حققها الفيلم على المستوى البصري في الساحة المحلية أنجزت بانتاج صورة بصرية مبهرة بعيدا عن الصورة النمطية التقليدية التي لطالما وسمت الأفلام العربية وشكلت فارقا كبيرا مع السينما العالمية، إلا أن سعيد سالمين المخرج المعروف بتبنيه لأحدث التقنيات والأفكار السينمائية تمكن من إنتاج فيلم قادرعلى المنافسة الحقيقية مع أهم الأفلام العالمية لهذا العام، وظهر ذلك في حصده المستمر للجوائز العالمية، إذ فاز أخيراً بجائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم من مهرجان سينما لوس أنجلوس في الولايات المتحدة، الذي نظمت فعالياته في الفترة من الأول حتى الرابع من شهر نوفمبر.

لا يمكن الحديث عن نجاح “ساير الجنة” دون الإشارة إلى أداء النجوم والممثلين. قدم الفريق الأمثل للأداء، حيث قدموا أداءً مذهلاً ومقنعًا، ونجحوا في جذب الجمهور ونقلهم إلى عالم القصة بشكل فعال. تألق الممثلون بتجسيد شخصياتهم بمهارة واحترافية، لاسيما أن هذا الفيلم كان التجربة الأولى لبطلي الفيلم جمعة الزعابي و أحمد الزعابي الذين أبدعا في تجسيد شخصيتين متميزتين في ظهورهما الأول على شاشات السينما، بالإضافة إلى الظهور المميز لكل من فاطمة الطائي، مريم سلطان، عبد الله مسعود وهند الزرودي.

تميز الصورة والقصة ترافق أيضا مع موسيقى تصويرية استثنائية من تأليف الملحن السوري خلدون اسماعيل، الذي اعتمد في بناء موسيقاه على التراث الشعبي الإماراتي، ممزوجا بعناصر موسيقية سينمائية تراعي المعايير العالمية الحديثة، وظهر هذا الدمج بنيل الموسيقى التصويرية لرضا المشاهدين على اختلاف جنسياتهم وخلفياتهم الثقافية المتنوعة، لينجح بأخذ الجمهور في رحلة فنية أصيلة ساحرة، ساهم من خلالها في  تجسيد معاناة الشخصيات وأفراحها ورحلاتها ببراعة. وتخلق ارتباطًا عميقًا مع السرد السينمائي.

يعد نجاح “ساير الجنة” مؤشرًا على نمو صناعة السينما الإماراتية وقوتها الإبداعية. فقد قامت الكوادر المحلية بعمل استثنائي في تطوير وإنتاج هذا الفيلم، وقد تم استقباله بإشادة كبيرة من قبل الجمهور والنقاد على حد سواء. وبفضل النجاح الكبير الذي حققه، يعد فيلم “ساير الجنة” دليلا إضافيا على القدرة الإبداعية السينمائية التي تتمتع بها صناعة السينما في الإمارات العربية المتحدة، ومؤشرا إيجابيا على مستقبل واعد لهذه الصناعة على المدى القريب.