روسيا.. بين تحجيم إيران وأمن إسرائيل

27 يناير 2019

ليس هناك من شك في أن التعاون الروسي – الإيراني في سوريا تكتيكي وليس استراتيجياً. فالعلاقة بين موسكو وطهران دخلت خلال الأيام الماضية منعطفاً جديداً مع دخول الإقليم فى بوتقة الصراع الإيراني – الأميركي والإسرائيلي.

في أيلول 2018 زودت موسكو دمشق بنظام إس-300 الصاروخي رغم اعتراضات إسرائيل، وذلك عقب اتهامها تل أبيب بالتسبب في إسقاط طائرة روسية حربية وعلى متنها 25 عسكريا، في سوريا. إن من شأن هذه المنظومة تمكين دمشقمن إغلاق أجوائها أمام الهجمات الإسرائيلية، وتمييز الطائرات الروسية، وإيقاف أجهزة الرادار والاتصالات لكل القوات التي توجه الضربات للأراضي السورية. بيد أن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت المواقع التي قيل أنها قواعد للخبراء والمستشارين الإيرانيين وقوات الحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” في العاصمة السورية  ومحيطها ومطاراتها في الأيام الماضية خلقت ريبة عند الايرانيين دفعتهم الى اتهام موسكو بالتواطؤ مع إسرائيل من خلال تعطيل منظومة الدفاع الصاروخي “إس 300″، حيث قال رئيس لجنة الأمن القومي والسیاسة الخارجیة في مجلس الشورى الإيراني، حشمت الله فلاحت بیشه إن هناك ما وصفه بالتنسيق الواضح بين روسيا وإسرائيل عند تنفيذ أي ضربة داخل الأراضي السورية.

فلماذا لم تمنع منظومة إس 300 الطيران الحربي الإسرائيلي المعادي من التحليق فوق الاراضي السورية؟إ

إن أمن إسرائيل هو أحد أهم أولويات روسيا، فالإسرائيليون يعرفون هذا، وكذلك الولايات المتحدة، وأي طرف آخر، بما في ذلك الإيرانيون والأتراك والحكومة في دمشق. يقول نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف يوم الجمعة الماضي في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأميركية، نافياً أن تكون بلاده حليفة لإيرانفي ما يتعلق بوجودها في سوريا؛ ومضيفا: “نحن لا نستخف بأي طريقة بأهمية التدابير التي من شأنها ضمان أمن قوي لدولة إسرائيل“.

وفي هذا السياق، ترى مصادر سورية مطلعة لـ”لبنان24” أن روسيا اتخذت قرارا باضعاف ايران في سوريا، وبدأ العمل الجدي على ذلك منذ نحو ثلاثة أشهر، غامزة من قناة زيارات رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتانياهو المتكررة إلى موسكو والتي تصب في هذا السياق، بالتوازي مع  التفاهم الأميركي – الروسي  حول تقويض دور طهران في دمشق. وإذا كانت القوات الايرانية متواجدة في غالبية المناطق السورية، فإن الوحدات العسكرية الروسية حاضرة أيضاً وتبقى موسكو، بحسب المصادر، الأقدر على تحجيم الوجود الايراني، بهدف تعزيز نفوذها أكثر وتوفير الاستقرار في الاقليم.

ويأتي ما تقدم، بحسب المصادر نفسها، انطلاقاً من أن قرار الرئيس فلاديمير بوتين المشاركة في الحرب ضد الارهاب، هو لتأمين مصالح روسيا في المنطقة ذات الأهمية الحيوية. فالكرملين ليس طرفا يحمل لواء الدفاع عن القضية الفلسطينية، إنما طرف كالولايات المتحدة يستطيع أن يلعب دوراً  في حل الصراعات والنزاعات في العالم وفي مقدمتها الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي.

لكن هل يمكن أن تضحي روسيا بإيران وهي في الوقت عينه تحتاج إلى قوى اقليمية تساندها.

كان لافتا أمس أن إطلالة السيد حسن نصرالله عبر قناة “الميادين” لنحو ثلاث ساعات  فلم يتطرق العلاقة السورية – الإيرانية بشكل دقيق، فإشارته إلى الموضوع اقتصرت على أن  الاعلام يتحدث عن خلاف روسي – ايراني. ومع ذلك لا تتردد المصادر السورية نفسها في القول إن موسكو بقدر ما تبتعد عن طهرانبقدر ما تقترب من أنقرة، فروسيا وايران تعاونتا فقط في سوريا، ولا يمكن اعتبارهما حليفين. في المقابل لا يخفى التنسيق الوثيق بين الرئيس بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان  في ما خص الازمة السورية واقامة المناطق الآمنة وتطورات الاحداث في الشمال السوري ومؤتمر استانة، بالتوازي أيضا عن التعاون الاقتصادي والعسكري، فلقاء الرجلين الاسبوع الماضي هدف إلى تخفيف حدة الخلافات بشأن  المنطقة الآمنة على الحدود السورية – التركية، بعد الانسحاب الأميركي، وبما أن التناقضات بين تركيا والولايات المتحدة تزداد، فان موسكو تحاول توطيد أواصر التعاون مع أنقرة، علما أن تشكيل أي قطب ركيزته روسيا ضد الولايات المتحدة لا يمكن ان تكون إيران من ضمنه لانها على خلاف ايديولوجي مع اسرائيل، في حين أن أوساطا سياسية تقول إن سوء تفاهم يخيم على الاجواء التركية – الروسية، ومرده اصرار أنقرة على أن تدخل المناطق التي ستخليها القوات العسكرية الأميركية في الشمال السوري، في حين أن موسكوتريد تسليمها الى الجيش السوري.