من يقف وراء الإغتيالات في درعا؟

27 فبراير 2019
من يقف وراء الإغتيالات في درعا؟

قُتِلَ القاضي في ما كان يُعرفُ بـ”دار العدل في حوران” الشيخ علاء الزوباني، في بلدة اليادودة غربي درعا، بمسدس كاتم للصوت، أثناء خروجه من المسجد. وهذه هي الحادثة الأولى من نوعها التي يُستخدم فيها كاتم للصوت في عملية اغتيال منذ سيطرة النظام على المنطقة، بحسب مراسل “المدن” سليمان الحلبي.

ولم يسبق للزوباني الانخراط بالعمل المسلح طوال سنوات الثورة، واقتصر عمله على إمامة مسجد بلدة اليادودة وقاض في “دار العدل”، وتم تكليفه من أهالي بلدته اليادودة لمفاوضة النظام عنهم لتسليم السلاح و”تسوية أوضاع” المطلوبين.

وثمة رابط بين مقتل الزوباني واغتيال رئيس بلدية اليادودة محمد المنجر، مطلع كانون الثاني/يناير، التي جرت بالقرب من منزل الزوباني. وراجت حينها اتهامات للزوباني، بوقوفه خلف اغتيال المنجر، رغم أن يد النظام واضحة في الاغتيال.

خلال الشهرين الماضيين، جرت 5 اغتيالات، استهدفت مدنيين وعسكريين، وسط غياب شبه تام لأجهزة النظام الأمنية عن التحقيق والبحث عمن يقف وراءها. بعض المستهدفين فيها، كانوا من قوات النظام، وآخرها اغتيال المساعد أول في “الأمن العسكري” نذير الصبح، منتصف شباط/فبراير. الصبح، أحد أبرز الفاعلين لانجاز “المصالحة” في أكثر من قرية وبلدة وبينها اليادودة. وبعدها بأيام، اغتيل فكري البردان، الذي حاول إسعاف الصبح.

ويمكن تقسيم عمليات الاغتيال التي تشهدها درعا، منذ تموز/يوليو، إلى قسمين؛ الأول يستهدف قيادات من النظام بينهم قادة “مصالحة”، وهذا النوع تنفذه فروع الأجهزة الأمنية نتيجة التنافس في ما بينها للسيطرة المطلقة على المنطقة تبعا لولاءات مختلفة، بعضها روسي والآخر إيراني. “الأمن العسكري” يستهدف “الفرقة الرابعة”، والعكس. ويكثر هذا النوع من الحوادث في المناطق التي تسيطر عليها أكثر من جهة أمنية تحاول كل منها بسط نفوذها المطلق.

القسم الآخر من عمليات الاغتيال يستهدف مدنيين كرئيس بلدية المسيفرة عبدالإله الزعبي، ورئيس بلدية اليادودة محمد المنجر، ومحاولة اغتيال رئيس بلدية المزيريب أحمد النابلسي. وهذه العمليات تستهدف شخصيات ساهمت بعودة النظام إلى المنطقة وروجت لـ”المصالحات” خلال فترة سيطرة المعارضة. والقاسم المشترك في مثل هذه العمليات هو استهداف شخصيات تنحدر من عائلات كبيرة في محافظة يغلب عليها الطابع العشائري، لتبدأ بعدها أجهزة النظام الأمنية من خلال عملائها ببث الشائعات عن معارضين يقفون وراء هذه العمليات. وبذلك، تهدف قوات النظام لدفع عوائل القتلى للثأر، ما قد يستمر لسنوات. مثل هذه الشائعات كادت أن تشعل الحرب بين عائلتي الحشيش والعميان في ريف درعا الغربي، بعد اغتيال يوسف الحشيش من بلدة تل شهاب في كانون الأول/ديسمبر 2018.

فشل النظام في إذكاء نار الثأر التي حاول العمل عليها خلال الشهور الماضية بين عشائر المحافظة أعطاه مبررات للتدخل وشن حملات اعتقال والمطالبة بجمع ما تبقى من أسلحة بحجة ضبط الأمن. في حين غابت الدولة وأجهزتها الأمنية عن التدخل في وقف الاقتتال بين عائلتي الرفاعي والشريف، التي خلفت قتيلاً وعدداً من الجرحى في بلدة نصيب شرقي درعا. وجاء الرد من رئيس “الأمن العسكري” في المنطقة الجنوبية العميد لؤي العلي، بعدم قدرة الدولة على التدخل في ظل انتشار السلاح، معلناً بطريقة غير مباشرة عن رضا النظام على استمرار الاقتتال الذي يشغل الأهالي عن تجاوزات النظام بحقهم.

المدن