هذا الحوار الناري بين الطرفين يترافق مع جهد يبذله الوفد الأمني المصري، الذي عكف على تنظيم جولات وزيارات مكوكية بين غزة وتل أبيب، لكن “الضبابية” تسود الأجواء حيال ما يبحثه الوفد المصري.
وقد سلطت الصحافة الإسرائيلية الضوء في أعدادها الصادرة، الأحد، على التوتر الحاصل على حدود غزة، والقصف الإسرائيلي في القطاع، بالتزامن مع ما أسمته “التقدم” في مفاوضات التهدئة، حيث يسيران في خطين متوازيين.
وتنقل صحيفة “هآرتس” عما وصفتها شخصية رفيعة من “حماس” قولها “نريد تهدئة، والأسبوعان القادمان مصيريان”. وذكر موقع “واللا” الإخباري أنه لليوم الثالث على التوالي، سقطت قذيفة أطلقت من غزة قرب المستوطنات المحاذية، لترد الطائرات الإسرائيلية على ذلك. وأشار الموقع إلى تصاعد التوتر على حدود غزة، وأن رأساً متفجراً ل RPG رُبط مع بالون متفجر تم إطلاقه الى منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
وأما القناة “الثالثة عشرة”، فقد أشارت إلى أنباء قادمة من غزة، مفادها أن الفلسطينيين سيوقفون إطلاق البالونات الحارقة اتجاه المستوطنات المحاذية، مقابل الكهرباء لغزة.
إلى ذلك، كشف مصدر سياسي مطلع ل”المدن”، عن طبيعة التقدم الحاصل بمحادثات التهدئة، موضحاً أن إسرائيل وافقت على توسيع مساحة الصيد في بحر غزة ما بين تسعة عشر وعشرين ميلاً، بالترافق مع إدخال مساعدات لا تقتصر فقط على الأموال، وإنما مساعدات غذائية عاجلة للعائلات المحتاجة، بغية التخفيف من الأعباء والأوضاع الإنسانية المعقدة في غزة.
ومن المتوقع أن يصل رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة السفير محمد العمادي إلى قطاع غزة، بالتزامن مع زيارة مبعوث الأمم المتحدة لعملية التسوية في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف خلال الأيام القادمة، ارتباطاً بتفاهمات التهدئة الجديدة التي يجري العمل عليها. بينما قالت مصادر إن دفعة أخرى من المنحة القطرية ستدخل قطاع غزة قريبا بطريقة جديدة، حيث ستكون هذه المرة عبر حوالات بنكية لا عبر حقائب نقدية كما جرى في الحوالات السابقة. ويعني هذا أن “حماس” ستعود لتتسلم الدفعة الجديدة كرواتب لموظفيها، بعدما رفضتها المرة الماضية احتجاجاً على الإبتزاز الإسرائيلي بشأن إدخال الحوالات المالية.
لكن مصادر “المدن” المطلعة تفيد بأن التفاهمات التي يجري العمل عليها هي مبدئية ومرحلية حتى موعد إجراء الإنتخابات الإسرائيلية المقررة في التاسع من أبريل/نيسان المقبل، على أن يتم إعطاء وعود إسرائيلية بالتوصل لتفاهمات أكبر للتهدئة بعد تشكيل الحكومة القادمة، وليس قبل انتخابات الكنيست.
وتتوقع المصادر أن يشهد الأسبوع الحالي، أو الذي يليه ترجمة للتفاهمات الجديدة، بالتوازي مع قدوم السفير القطر محمد العمادي إلى غزة، وكذلك الحال بالنسبة للزيارات المكوكية التي يقوم بها الوفد الأمني المصري لغزة وتل أبيب.
ويكشف مصدر من غزة ل”المدن” عن خلافات بين “الجهاد الإسلامي” و”حماس”، بخصوص تفاهمات التهدئة (المرحلية) التي يجري العمل عليها؛ ف”الجهاد” تقول إنها لن تنصاع لهذه التفاهمات التي تبذلها مصر.
بيدَ أنّ رئيس “شبكة الأقصى” الإعلامية وسام عفيفة ينفي ل”المدن” وجود خلافات مع “الجهاد الإسلامي” بخصوص تفاهمات التهدئة، مشيراً إلى أن قيادة “الجهاد” كانت حاضرة في لقاءات الوفد الأمني المصري الأخيرة، وأن جميع الفصائل على إطلاع كامل بما يجري. وأضاف عفيفة أن قيادة الجهاد تتعاطى بإيجابية مع الجهود المصرية.
وأوضح عفيفة أن “حماس” قدمت مطالب بإسم كل الفصائل إلى إسرائيل عبر الجانب المصري، وذلك كي تحصل على إجماع فلسطيني بخصوص التهدئة، ولتقطع الطريق على أي طرف سيخرب التهدئة إذا ما تم التوصل إليها.
ويؤكد عفيفة أنه لا يمكن الحديث عن تقدم عملي في التهدئة، لكن الأمور وصلت إلى إطار تمهيدي، كما أنه ليس في جهود التهدئة الأخيرة أي جديد من حيث المطالب، وإنما يعمل الوفد المصري على استئناف تنفيذ تفاهمات التهدئة السابقة.
ويتابع “هناك محاولات للتهدئة وإحتواء الموقف قبل الذكرى السنوية الأولى لإنطلاق مسيرات العودة والتي تصادف في الحادي والثلاثين من آذار/مارس”. ولهذا، فإن هناك مؤشرات تتمثل بتقديم الجانب الإسرائيلي وعود للمصريين للتعاطي مع بعض المطالب في هذه المرحلة، غير أن عفيفة يشدد على أن الأمور خاضعة للإختبار الفعلي خلال الأيام القادمة، سواء على صعيد ما ستنفذه تل أبيب، أو من ناحية قدرة المقاومة على ضبط الشارع الذي يعاني كثيرا نتيجة عدم رؤيته أي متغيرات على أرض الواقع تحسن من أوضاعه المعيشية والإنسانية.
ويبدو أن “حماس” تحاول أن تضغط على إسرائيل للقبول بمطالبها من اجل التهدئة باستخدام وسيلتين؛ الأولى من خلال اطلاق البلونات الحارقة والمتفجرة خلال فترة التحضير لانتخابات الكنيست، وبالتوازي مع الجهد المصري. وأما الثانية، فعن طريق توظيف أسلوب المناورة القائم على التلويح بمسألة الخلاف مع حركة “الجهاد الإسلامي” ورفض الأخيرة لتفاهمات التهدئة.