السويداء: هل يكون هجوم “داعش” المقبل برعاية “حزب الله”؟

26 مارس 2019
السويداء: هل يكون هجوم “داعش” المقبل برعاية “حزب الله”؟
تشهد السويداء تطورات متسارعة بعد انتعاش عمليات التهريب في ريفها الشرقي مع بقايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، وتمويل “حزب الله” للمليشيات المحلية الموالية للسيطرة عليها.
“حزب الله” يتبنى “الدفاع الوطني”

جددت مليشيا “حزب الله” دعمها المادي واللوجيستي لمليشيا “الدفاع الوطني” في السويداء، لمدة شهرين قابلين للتجديد. وسيتكفل الحزب بدفع رواتب عناصر “الدفاع” في نيسان وأيار، بعدما توقفت رواتبهم منذ انتهاء العقد الماضي، مطلع العام 2019. كما ينص العقد الجديد على مد الحزب لمليشيا “الدفاع” بأسلحة خفيفة ومتوسطة، على أن تفتح الأخيرة باب التنسيب لأعداد محدودة من أبناء السويداء، وتنشر نقاطاً جديدة في الريف الشرقي على تخوم البادية يشرف عليها خبراء من “حزب الله”. وقد عقد المسؤول في “حزب الله” الملقب بـ”حجاج” 3 اجتماعات مع قيادة “الدفاع الوطني” في السويداء، خلال آذار/مارس، للاتفاق على تجديد العقد.

وتولى قائد مركز “الدفاع الوطني” السابق ر.س، مهمة تجديد عقد الارتباط مع “حزب الله”، مستنداً إلى علاقته القوية مع مدير “المكتب الأمني والعسكري في القصر الجمهوري”. ولا يزال ر.س هو الأمر الناهي في مركز “الدفاع الوطني” بالسويداء، رغم انتقاله للأمانة العامة المسؤولة عن “الدفاع الوطني” في سوريا في العام 2017. وتقلّد ضباط آخرون قيادة المركز في السويداء، إلا أن رجل الأعمال ر.س، أصبح من أبرز شخصيات “الدفاع الوطني” على مستوى سوريا، ويملك علاقات قوية مع الإيرانيين المسؤولين عن تشكيل المليشيا في سوريا.

وقال مصدر من الفصائل المحلية، لـ”المدن”، إن قيادة مليشيا “الدفاع الوطني” تواصلت مع الفصائل، واقترحت عليها استلام نقطتي رصد على تخوم البادية، وتزويدها بسلاح ثقيل ومتوسط، وتنسيب 40 مقاتلاً جدداً من أبناء القرى الشرقية لـ”الدفاع الوطني”. وأكد مصدر “المدن” أن أهالي المنطقتين المقترحتين رفضوا عودة نقاط “الدفاع”، تخوفاً من تكرار سيناريو مجزرة “داعش” في 25 تموز/يوليو 2018، عندما كانت “الدفاع” تنتشر بشكل واسع في الريف الشرقي. وكانت “الدفاع” قد انسحبت من المنطقة، بعد انتهاء عقد الدعم الأول مع “حزب الله” مطلع العام 2019.

التهريب ينتعش في البادية

ارتفع سعر طلقة البندقية الروسية “كلاشنكوف”، بشكل مفاجئ، خلال الأسبوع الماضي، من 40 إلى 100 ليرة، وبدأت تُفقد تدريجياً في الأسواق، بعد تجدد الطلب عليها من مهربي البادية، المرتبطين بتنظيم “داعش”. هذا بالإضافة إلى الألغام وقذائف “أر بي جي”. بينما حافظت بقية أصناف الذخيرة على سعرها. ويتبع “داعش” هذه السياسة في شراء الذخيرة منذ سنوات، من خلال التركيز على شراء كميات كبيرة من أصناف معينة، لفترة زمنية محددة، وعند الاكتفاء منها يشتري بقية الأصناف المتوفرة بسعر منخفض بعد كسادها في سوق السلاح، كذخيرة “بي كي سي” والدوشكا. مصادر “المدن” أكدت حصول التنظيم على كميات كبيرة من الذخيرة خلال الأيام الماضية.

وكشفت مصادر “المدن” أن عمليات التهريب باتجاه البادية تجري عبر طريقين رئيسيين؛ الأول يصل بين قرية الحريسة ومنطقة القسطل جنوب شرقي السويداء، والثاني يصل بين بلدة شقا وتل صعد في الشمال الشرقي. ويشرف على الطريقين مهربون من أبناء المحافظة على صلة مع مليشيات موالية، ومع ضباط من قوات النظام يؤمنون الذخيرة المطلوبة لهم وغالبيتها من مصادرات درعا وريف دمشق. كما يشمل التهريب المحروقات والمواد الغذائية والمخدرات، إلى خلايا التنظيم المنتشرة في البادية.

وتُسهّلُ حواجز قوات النظام المنتشرة قرب سد الزلف التهريب، وتفرض آتاوة مالية عالية على كل سيارة تعبر المنطقة مهما كانت وجهتها والبضاعة المنقولة فيها. دفع الآتاوة كفيل بعدم تفتيش حمولة السيارات. مصدر من قوات النظام أشار لـ”المدن” إلى أن عناصر أحد الحواجز أحرقوا سيارة كانت تنقل مواد غذائية باتجاه مخيم الركبان، السبت، بعدما رفض المُهرّبُ دفع 300 ألف ليرة وطالبهم بخفض المبلغ. كما اعتقل الحاجز أحد المهربين بعد إحراق السيارة ببضاعتها. وتسمح الحواجز يومياً بمرور حوالي 15 سيارة تصل إلى مناطق “داعش”، في حين تُغلق أحياناً طرق التهريب باتجاه مخيم الركبان، على الحدود السورية/الأردنية، في محاولة للتضييق على النازحين فيه.

نزوح واستنفار في الريف الشرقي

شهدت قرى ريف السويداء الشرقي التي تعرضت لهجوم “داعش” منتصف العام 2018، موجة نزوح جديدة باتجاه مدينتي شهبا والسويداء، جراء تجدد نشاط التنظيم في البادية وتزايد عمليات التهريب، إضافة لانتشار شائعات يومية عن تواجد آلاف الدواعش على مقربة من قرى الدروز ونيتهم للهجوم عليها بين يوم وأخر. وباتت القرى الممتدة من اسعنا إلى بارك، خالية بنسبة 50% من سكانها. بعض القرى نزح عنها أكثر من 70% من السكان. ويأتي ذلك في ظل محاولات من المرجعيات الدينية في السويداء لإعادة الأهالي إلى قراهم، عبر تخصيص الجزء الأكبر من التبرعات التي تصل المحافظة لهم. وتتخوف المرجعيات الدينية الدرزية من أن يكون تهجير الأهالي “ممنهجاً من أحد الأطراف”، بحسب رواية مصدر مقرب من مشايخ العقل لـ”المدن”.

الفصائل المحلية رفعت جاهزيتها على طول الخط الشرقي في السويداء، وتستهدف بشكل يومي أي تحرك مشبوه في عمق البادية. وتحاول الفصائل المحلية منع محاولات التهريب عبر مناطق سيطرتها، والتعامل مع أي هدف متحرك. مليشيا “الزوبعة”، التابعة لـ”الحزب السوري القومي الاجتماعي”، عثرت على كمية من القذائف والألغام داخل أحد مخابئ التنظيم أثناء تمشيط أجزاء من منطقة الدياثة. وحذر قائد المليشيا أهالي المحافظة من تنامي خطر التنظيم في البادية، موضحاً أن “الدواعش” فروا من المخبأ قبل وصول عناصر المليشيا له.

مصادر “المدن” في البادية أكدت أن “الدواعش” لا زالوا يتحركون على شكل خلايا نائمة، ويتجنبون توجيه ضربات على ريف السويداء الشرقي، في الفترة الراهنة، للاستفادة من خطوط التهريب في المنطقة. كما أن أعدادهم لا تتجاوز المئات في بادية السويداء، وهم منقسمون على شكل مجموعات صغيرة تتوارى في المناطق الوعرة من البادية، وتحيط بهم قوات النظام من الجهتين الشمالية والجنوبية.

عشائر البادية بين مطرقة إيران وسندان روسيا

أعطى النظام أراضي المشاع الممتدة من شرقي تل أصفر في ريف السويداء باتجاه منطقة القلمون الشرقي في ريف دمشق، بصيغة “ضمان” لعشيرة الجملان، بوساطة إيرانية، بذريعة رعاية مواشيها في المنطقة. وهذه المناطق خاضعة لسيطرة قوات النظام ومتاخمة لمناطق نشاط خلايا “داعش”. وانتقل العشرات من عشيرة الجملان مع مواشيهم إلى المنطقة، ما أثار حفيظة عشائر الحسن، السكان الأصليين لبادية السويداء الشرقية الذين هجّرتهم قوات النظام إلى درعا، وتعرقل حالياً أي مساعي لعودتهم.

بعض وجهاء عشيرة الحسن، توجهوا إلى دمشق لتقديم شكوى لدى “الأمن الوطني” على تضمين أراضي من حقهم بالرعي لعشيرة الجملان. أحد مسؤولي النظام اتهمهم أثناء مقابلتهم، بـ”العمالة لصالح داعش”، وقال إن عودتهم إلى البادية ستخلق “مشاكل جديدة مع جيرانهم الدروز”، ما دفعهم لتقديم شكوى ضد النظام إلى مركز المصالحة الروسي في درعا.

وتشير مصادر “المدن” إلى أن تطوّع أفراد من الجملان، في منطقة اللجاة، بالمليشيات التابعة لإيران و”حزب الله”، جعلهم طرفاً مرحباً به من جانب النظام، على حساب عشائر الحسن التي انضم جزء كبير من أبنائها إلى “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا. ورغم تورط بعض الأفراد من الجملان بالتهريب لصالح التنظيم، وتبوؤ أخرين من العشيرة لمراكز عسكرية قيادية مع “داعش” في البادية، إلا أن النظام سمح لهم بالانتقال المؤقت عبر تضمين أراضي المشاع لهم، في خطوة أنعشت خلايا “داعش” في البادية. وتجددت عمليات التهريب لصالح التنظيم، منذ وصول الدفعة الأولى من الجملان، إلى البادية قبل أسبوع.