صفقة القرن: القدس والمستوطنات خارج الحسابات الأميركية

28 مارس 2019
صفقة القرن: القدس والمستوطنات خارج الحسابات الأميركية
قال وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، الأربعاء، إن خطة السلام الأميركية (صفقة القرن) التي تعتزم الولايات المتحدة طرحها ستتخلى عن “المعايير” القديمة التي تتعلق بقضايا مثل القدس والمستوطنات، مؤكداً فشل المقاربة القديمة.
وقال بومبيو في شهادة أمام الكونغرس “أنا واثق تماماً أن ما تمت تجربته في السابق قد فشل، وأنا متفائل بأن ما نفعله سيوفر لنا احتمالات أفضل بأن نحقق النتائج التي ستكون أفضل للشعب الإسرائيلي وكذلك للشعب الفلسطيني”.
ومن المتوقع أن تطرح إدارة الرئيس دونالد ترامب الخطوط العامة لخطة السلام بعد الانتخابات الإسرائيلية في 9 نيسان/أبريل.
وقال بومبيو إن الولايات المتحدة تريد “توسيع النقاش”، وذلك رداً على سؤال عما إذا كان اتفاق السلام سيركز، كما في الماضي، على ترسيخ الحدود والاعتراف المتبادل ووضع القدس والمستوطنات في الضفة الغربية وعودة اللاجئين الفلسطينيين.
وأضاف بومبيو “هذه كانت المعايير التي احتلت النقاشات سابقاً وقادتنا إلى ما نحن عليه الآن: لا حل”. وأشار إلى أن الخطة الأميركية “ستستند إلى الحقائق على الأرض والتقييم الواقعي لما سيقودنا إلى تحقيق نتيجة جيدة”.
من جهته، كشف السفير الأميركي في إسرائيل دايفيد فريدمان، عن ثلاثة محددات أساسية لـ”صفقة القرن”، تتضمن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية المحتلة، والتواجد الأمني الإسرائيلي الدائم في منطقة “غور الأردن”، واعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
وقال السفير الأميركي في كلمة أمام “إيباك”: “إذا تغلب الإرهاب على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) بالطريقة التي حلت بقطاع غزة بعد انسحاب إسرائيل من هذه المنطقة، هل يمكن أن نترك هذا لإدارة أميركية قد لا تفهم حاجة إسرائيل للحفاظ على السيطرة الأمنية المهيمنة على يهودا والسامرة وموقع دفاع دائم في غور الأردن؟”.
وأضاف: “هل يمكن أن نترك هذا لإدارة قد لا تدرك أنه في ظل السيادة الإسرائيلية أصبحت القدس للمرة الأولى منذ 2000 عام مدينة ديناميكية ومزدهرة مفتوحة بالكامل لأتباع الديانات الإبراهيمية الثلاثة؟”، بحسب زعمه. وتابع: “هل يمكن أن نترك هذا لإدارة لا تفهم أن السلام في الشرق الأوسط يأتي من خلال القوة، وليس فقط من خلال الكلمات على الورق؟”.
من جهته، حذّر وزير الخارجية الفلسطينية، رياض المالكي، من أن اعتراف الإدارة الأميركية بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية هو بداية تنفيذ لمراحل “صفقة القرن”.
وقال إنه خلال القمة العربية “ستتم المطالبة بموقف عربي جدي، في ظل المخاوف من اعتراف أميركي بالسيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، مع تقبل واشنطن لإقامة دويلة فلسطينية في قطاع غزة”.
وأكد في السياق على أهمية تمسك القادة العرب، في قمّتهم، بمبادرة السلام العربية، وتطبيقها بحذافيرها من الألف إلى الياء كما هي “التطبيع مع إسرائيل عند انسحابها من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ العام 1967”.
وفي السياق، حذرت صحيفة “هآرتس” من أن اعتراف الرئيس الأميركي بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، سيفتح الباب أمام إسرائيل لضم مزيد من الأراضي التي تُضاف إلى ما احتلتها العام 1967، لا سيما الضفة الغربية.
ورأت الصحيفة أن توقيع ترامب على مذكرة الاعتراف قد يفضي إلى “عواقب وخيمة”، مضيفة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد يزهو “بإنجازه العظيم”، لكن ثمة حقيقة واحدة لم تتغير هي أن الجولان “أرض محتلة، والقانون الدولي لا يعترف بضم أرض من جانب واحد”.
وأضافت أن إسرائيل “تتهاوى نحو منحدر زلق، حيث تنقض بيديها عُرى الحل القائم على أساس دولتين واستبداله بحل الدولة الواحدة، وهي الآن تستهدف تسريع هذه العملية الخطرة”.
وقالت “هآرتس” إن اليمين الإسرائيلي سيستخدم سياسة “فرِّق لتنتصر”، حيث سيحاول في بادئ الأمر ضم المنطقة (ج) من الضفة الغربية، التي تشمل كل المستوطنات اليهودية، بالإضافة إلى عدد ضئيل نسبياً من السكان الفلسطينيين. وسيسعى اليمين الإسرائيلي في مرحلة لاحقة إلى السيطرة على المنطقتين (أ) و(ب) ومنحهما حكماً ذاتياً. وستكون العاقبة في تلك الحالة “فصلاً عنصرياً رسمياً”.
ورأت “هآرتس” أن الضرر المحدق بإسرائيل جراء ضم المنطقة (ج)، سيكون أسوأ عشرات المرات من المنفعة العائدة من الاعتراف الأميركي بالجولان أرضاً إسرائيلية.
وأوضحت: “إسرائيل نتنياهو، التي استقوت بعرض ترامب السخي والهوس التوراتي لغلاة المتطرفين الوطنيين، ينحدر سريعاً نحو دولة ثنائية القومية. ولعل المرء ليأمل فقط في أن يتوقف هذا الانحدار المتهور في 9 أبريل/نيسان”.