التهديدات الأمريكية لتركيا حول صفقة منظومة الدفاع الروسية تضع اردوغان أمام خيارين: إما موسكو أو واشنطن

4 أبريل 2019

[author title=”إسماعيل جمال” image=”http://”][/author]

إسطنبول: بات الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، على بعد أسابيع قليلة فقط من اتخاذ قرار «استراتيجي وحاسم» حول إتمام أو إلغاء صفقة شراء منظومة «أس 400 الدفاعية» من روسيا، في ظل تهديدات أمريكية، وصلت إلى مستويات غير مسبوقة مع وقف تسليم تركيا أي متعلقات ببرنامج صناعة طائرات «أف 35» الحربية الأحدث في العالم، والتلويح بتأثير ذلك على عضوية أنقرة في حلف شمال الأطلسي الناتو.
وحتى اليوم، ما زال يجزم كبار المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم اردوغان ووزير الدفاع خلوصي أكار، أن بلادهم سوف تستلم المنظومة الروسية خلال الأشهر القليلة المقبلة رغم التهديدات الأمريكية، معتبرين أن الصفقة تمت بشكل نهائي لا رجعة عنه، وأن الحديث حالياً يتعلق فقط بتفاصيل موعد التسليم النهائي، المتوقع خلال الأسابيع المقبلة.
وتقول واشنطن إن شراء تركيا للمنظومة الدفاعية الروسية يشكل خطراً على منظومة حلف الناتو ويجعل أسرار طائرات «أف 35» الحربية مكشوفة أمام روسيا، معتبرةً أن ذلك يشكل تهديداً على أمن الحلف وتماسكه وهو مخالف لمبادئه.
وعقب أشهر طويلة من التهديد بوقف تسليم أنقرة طائرات «أف 35» في حال عدم تراجعها عن شراء المنظومة الروسية، أعلنت واشنطن رسمياً أنها ستعلق تسليم تركيا هذه الطائرات، وكذلك ستوقف العمل المشترك في برنامج صناعة الطائرة، مشددةً على أن «قرار تركيا شراء منظومة الصواريخ الروسية أس-400 لا يتوافق مع استمرار مشاركة تركيا في برنامج أف 35».
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، تشارلز سامرز جونيور: «بانتظار قرار صريح من تركيا بالامتناع عن تسلّم نظام «أس-400»، تم تعليق عمليات التسليم والأنشطة المرتبطة بتفعيل القدرات التشغيلية لطائرات أف-35 في تركيا»، مضيفاً: «في حال اشترت تركيا منظومة أس-400، فمن شأن ذلك أن يعرض برنامج أف-35 إلى الخطر»، وأكد البنتاغون أنه بدأ بالبحث عن مصادر ثانية لإنتاج قطع أف-35 التي يتم تطويرها حاليا في تركيا.
وعكس ما هو شائع، فإن تركيا لا تعتبر بمثابة مشتر فقط للطائرة الأحدث في العالم، ولكنها تعتبر دولة محورية في برنامج تطوير وصناعة الطائرة، ولذلك من شأن الصفقة أن تؤدي إلى وقف مؤقت في برنامج صناعة الطائرة، والذي ستنجم عنه خسائر بمليارات الدولارات.
وبالتزامن مع قرار البنتاغون، جدد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، تحذيراته لتركيا خلال لقاء جمعه مع نظيره التركي، مولود جاووش أوغلو، الأربعاء الماضي، في واشنطن، معبّراً عن قلقه «من احتمال امتلاك تركيا» للمنظومة الروسية، كما حذر بلهجة غير مسبوقة من «التداعيات المدمرة» لأي عملية عسكرية تركية في شمال شرق سوريا.
من جهته، شدد الوزير التركي على أن «الصفقة أبرمت وانتهى الأمر، وتركيا لن تتراجع»، معتبراً أن العرض الأمريكي المتعلق ببيع تركيا منظومة باتريوت الدفاعية «لم يحتو على ضمانات». وأكد أنه «لا يمكن إجبار تركيا على الاختيار بين الغرب وروسيا، وهي لن تسلك مثل هذا المسار».
وفي تهديد آخر، قال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس: «في حال إتمام تركيا لصفقة شراء منظومة «أس 400» للدفاع الجوي من روسيا، فإنها تخاطر بإخراجها من برنامج إنتاج طائرات «أف 35» الأمريكية، وهو ما لن يتسبب فقط في إضعاف القدرة الدفاعية لتركيا، وإنما سيلحق الضرر بمنتجي الأجزاء التي يتم تصنيعها في تركيا».
ورداً على هذه التهديدات، وبنفس المستوى، رد نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي بالقول: «على الولايات المتحدة أن تقرر، هل تريد أن تبقى حليفة لتركيا، أم المخاطرة بصداقتنا ووضعنا في موقف صعب أمام أعدائنا عبر التعاون مع التنظيمات الإرهابية»، في إشارة إلى استمرار الولايات المتحدة في دعم الوحدات الكردية في سوريا.
ورغم هذه القرارات والتهديدات، قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن العمليات التدريبية التي تقدم حاليا لطيارين وفنيين أتراك على كيفية استخدام وصيانة طائرات «أف-35»، في قاعدة «لوك» الجوية، في ولاية أريزونا، ما زالت مستمرة، وهو ما أكّدت عليه أيضاً وزارة الدفاع التركية، أمس الخميس، والتي أكدت أن عمليات تدريب الطيارين الأتراك ما زالت متواصلة.
كما حاول رئيس الأركان العامة الأمريكية، الجنرال، جوزيف دانفورد، تهدئة الأجواء عبر التأكيد على أن بلاده تسعى للتوصل إلى حل مع تركيا في هذه المسألة، مشيراً إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق لحل الخلافات، فيما أعرب وزير الدفاع بالوكالة، باتريك شاناهان، أنّه يبقى متفائلاً بإتمام صفقة بيع طائرات مقاتلة من نوع «أف-35» إلى تركيا، إذ قال: «أعتقد أنّنا سنجد حلاً للمشكلة بشكل يُتيح حصول تركيا على الباتريوت وأف-35».