تل رفعت: هل أضحت العودة حلماً؟

14 أبريل 2019
تل رفعت: هل أضحت العودة حلماً؟

شكّل رفع علم النظام على التل الأثري وسط مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، قبل يومين، صدمة لدى أهالي المدينة وريفها المُهجّرين عنها قسراً.

مهجرو تل رفعت كانوا قد أحيوا، في شباط/فبراير، الذكرى الثالثة لتهجيرهم وخسارتهم مدينتهم وريفها لصالح “وحدات حماية الشعب” الكردية بدعم جوي روسي. لكن حلم العودة القريبة، كما يأمل الأهالي، بددته مليشيات النظام التي رفعت العلم فوق تل المدينة، وأرسلت المزيد من التعزيزات العسكرية خلال الأيام القليلة الماضية. رفع العلم وإرسال التعزيزات هي رسالة واضحة تؤكد تمسك مليشيات بالمدينة، على الأقل هذا ما فهمه الأهالي الذين بدوا متململين من الأخبار المتداولة محلياً في مناطق المعارضة المسلحة، والتي تتحدث عن اقتراب موعد المعركة المرتقبة ضد “وحدات الحماية” في ريف حلب، والتي يُفترض أن تشمل منطقتي تل رفعت ومنبج.

وتظاهر المئات من الأهالي المُهجّرين من تل رفعت وريفها، في بلدة سجو، الجمعة، ودعوا فصائل المعارضة لتنفيذ عمليات عسكرية واستعادة مناطقهم قبل أن تسلمها “وحدات الحماية” بالكامل لمليشيات النظام. ورفع المتظاهرون لافتات تعبر عن مآسي التهجير الذين يعانون منه، وناشدوا الجيش التركي الوفاء بتعهداته واستعادة مناطقهم.

هل انسحبت القوات الروسية؟

ما تزال القوات الروسية متواجدة في منطقة تل رفعت، بخلاف الأخبار المتداولة عن انسحابها. وتتمركز القوات الروسية في ثلاث نقاط عسكرية رئيسية؛ مطار منغ العسكري، وفي كتيبة تل عجار قرب دير جمال، وعلى أطراف مدينة تل رفعت.

وجرت العادة منذ بداية أذار/مارس، أن يتبادل الضباط الروس والأتراك الزيارات الميدانية للنقاط والقواعد العسكرية، ولم يتم حتى الآن تسيير دورية مراقبة منظمة تشمل كامل خطوط التماس بين المعارضة والمليشيات. وبرغم الإعلان عن تسيير دورية مشتركة قبل أسبوعين إلا أنها لم تكن سوى جولة بالقرب من مطار منغ وخطوط التماس القريبة منه.

القوات الروسية المتمركزة في تل رفعت، منعت تنظيم احتفالية كبيرة كان يُفترض أن يحضرها “الأمين العام المساعد لحزب البعث” هلال الهلال، ووزيرا الصناعة والموارد المائية، ومحافظ حلب، وقائد مليشيا “لواء الباقر”، وقائد “فيلق المدافعين عن حلب”. ولذلك، فقد نقل الاحتفال المركزي في ريف حلب من تل رفعت إلى قرية بلاس في ريف حلب الجنوبي. واكتفت مليشيات النظام بتنظيم احتفالية مصغرة في تل رفعت، حضرها أعضاء قيادة فرع البعث، وقائد “المربع الثاني” العقيد زهير زهير، وقائد “المربع الأول” الحاج قاسم، التابعين لـ”فيلق المدافعين عن حلب”.

تعزيزات عسكرية

مصادر خاصة أكدت لـ”المدن”، أن مليشيا “فيلق المدافعين عن حلب” التي يدعمها “الحرس الثوري” الإيراني، قد أرسلت تعزيزات عسكرية خلال الأيام القليلة الماضية إلى تل رفعت، غالبيتها من “المربع الثاني”. والمربعات هي تسميات تنظيمية داخل الفيلق لكتائبه وتشكيلاته المسلحة، ولكل مربع حيز انتشار وسيطرة في حلب وريفها. ومعظم عناصر “المربع الثاني” الواصلين إلى منطقة تل رفعت هم من ريفي حلب الشرقي والشمالي، وقد التحق قسم منهم بخطوط التماس مع المعارضة المسلحة في ريف حلب.

ومع وصول التعزيزات شهدت جبهات في ريف حلب في اليومين الماضيين اشتباكات عنيفة، في جبرين ومرعناز. وأفشلت المعارضة محاولة تسلل في محور مارع–حربل جنوب شرقي تل رفعت. وتبادل الطرفان القصف بالأسلحة الثقيلة. وقصف الجيش التركي من قواعده في ريف حلب مواقع مليشيات النظام و”الوحدات”، بأكثر من 20 قذيفة مدفعية.

وجاءت هذه التطورات بعد هدوء نسبي شهدته الجبهات في ريف حلب خلال شباط وأذار، وأبلغت القواعد التركية في ريف حلب الفصائل المعارضة برفع جاهزيتها تحسباً لأي تطورات ميدانية قد تحصل في جبهات القتال.

هل اقتربت سيطرة المعارضة على تل رفعت؟

الناطق الرسمي باسم “الجيش الوطني” المعارض، الرائد يوسف حمود، أكد لـ”المدن”، أن المسار التفاوضي التركي–الروسي حول تل رفعت وريفها متوقف، وما جرى من تصعيد في جبهات ريف حلب مؤخراً تتحمل مسؤوليته بشكل مشترك مليشيات النظام و”الوحدات”، وتم التعامل بحزم مع مصادر النيران المعادية.

وحول رفع علم النظام، وإرسال تعزيزات عسكرية إلى تل رفعت، قال حمود: “لن تمنع هذه التحركات عملياتنا العسكرية في حال انطلقت بالفعل، فهذه التحركات لم تنفع مليشيات النظام والوحدات سابقاً في عفرين، ولن تنفعهم في تل رفعت في حال قررنا خوض المعركة”.

قبل الانتخابات البلدية التركية الأخيرة انتشرت أنباء في ريف حلب، تؤكد على اقتراب سيطرة المعارضة على تل رفعت، وقد يتم الأمر بعد الانتخابات، وستكون شاملة على مختلف جبهات ريف حلب من تل رفعت غرباً، وحتى منبج شرقاً ضد “وحدات الحماية”. وذلك في حال لم ترضخ “الوحدات” للضغوط وتنسحب من المنطقة من دون قتال. فصائل المعارضة لم تؤكد هذه المعلومات، واكتفت بالتلميح إلى أنها تنتظر الإشارة من الجيش التركي.

التدريبات المكثفة التي تجريها فصائل “الجيش الوطني”، وبعضها بإشراف ضباط أتراك، منذ بداية أذار/مارس، عززت فرضية اقتراب المعركة. عدد كبير من مقاتلي الفصائل تدربوا خلال الأسبوعين الماضيين على استخدام الأسلحة الثقيلة، وتلقت أعداد منهم تدريبات المشاة، وعمليات الإنزال الجوي التي شاركت فيها مروحيات تابعة للجيش التركي في واحدة من القواعد العسكرية التركية بريف حلب الشمالي. كذلك تلقى مقاتلون من “أحرار الشرقية” تدريبات على حرب المدن. وخرّجت فرقة “السلطان مراد” دورة صاعقة عسكرية، قبل يومين، من كليتها الحربية في عفرين. وضمت “فرقة الحمزة” أكثر من 20 ضابطاً من مختلف الاختصاصات إلى صفوفها.