شاي وحلويات ووسائل تسلية في طوابير انتظار البنزين الدمشقية

17 أبريل 2019
شاي وحلويات ووسائل تسلية في طوابير انتظار البنزين الدمشقية

باتت أزمة البنزين في دمشق، وقضاء السوريين ساعات طويلة في طوابير للحصول عليه، محط تندر مع عرض سوريين صوراً لوسائل نقل قديمة بسبب العجز عن توفر الوسائل الحديثة، في وقت يصادف فيه اليوم الذكرى الـ73 لـ«عيد الجلاء»، عقب خروج آخر جندي فرنسي من سوريا في 17 أبريل (نيسان) 1946.
وقد حاول البعض ابتداع أساليب لتبديد زمن الانتظار الطويل أمام محطات الوقود، من قبيل تحويله إلى «سيران» مع العائلة أو الأصدقاء، وتحولت طوابير السيارات إلى هدف تتنافس عليه حملات الترويج الإعلاني لشركات الصناعات الغذائية.
وفي تعليقه على خبر نشرته صفحة «يوميات قذيفة هاون» في موقع «فيسبوك»، عن إعلان وزارة النفط أنها ستقوم خلال اليومين المقبلين بافتتاح محطتين في دمشق لبيع مادة البنزين نوع «أوكتان 95» بالسعر العالمي، المتوقع أن يصل سعره إلى 600 ليرة سورية لـلتر الواحد، نشر «أبو الخير» صورة لـ«حمار» لونه أصفر (لون تاكسي الأجرة في سوريا)، وكتب عليه باللون الأحمر «تاكسي»، ودون في أسفل الصورة بخط عريض عبارة: «بعد غلاء المحروقات، رجعت أيامك يا كبير». وعلى الخبر ذاته، علق سالم سالم بنشر صورة لحمار بسرج ولجام أزرقين، وكتب في أسفل الصورة «للبيع حمار موديل 2000».
وبعد أشهر من نقص حاد، خصوصاً في أسطوانات الغاز المنزلي، ونقص في المازوت والكهرباء، توسعت الأزمة منذ نحو أسبوعين أكثر لتطال البنزين، مما دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات خفضت بموجبها الكمية اليومية المسموح بها للسيارات الخاصة، من 40 إلى 20 لتراً، ثم 20 لتراً كل يومين، ووصل الأمر إلى 20 لتراً كل خمسة أيام.
وكانت الحكومة السورية قد أقرت، الأحد، خلال اجتماعها، تخفيض كمية البنزين المخصصة للسيارات الحكومية بنسبة 50 في المائة، حيث تتراوح الكمية المخصصة للسيارات الحكومية بين 90 إلى 150 لتراً شهرياً.
وتندر السوريين على أزمة البنزين التي تزداد تفاقماً لم يقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما بات حديث العامة في شوارع العاصمة وريفها، والشغل الشاغل لهم، وبات كثيرون يتداولون بسخرية في أحاديثهم في الطرقات والجلسات إمكانية عودة العربات التي تجرها الأحصنة، وأيضاً الحمير، كوسيلة للتنقل. ويقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: «الأمر ليس سهلاً، فقد يحتاج إلى ترخيص من وزارة النقل، وأيضاً موافقة أمنية!»، بينما يتندر آخر بالقول: «يمكن أن يصدروا تعليمات بأن الحصول على حمار يحتاج إلى بطاقة ذكية!»، في إشارة إلى «البطاقات الذكية» التي تصدرها الحكومة للعائلات وأصحاب السيارات للحصول على كميات من مازوت التدفئة والغاز المنزلي والبنزين بالأسعار الحكومية.
وفي مواجهة فترة الانتظار الطويلة أمام محطات تعبئة الوقود للحصول على 20 لتراً من البنزين، التي قد تمتد إلى نهار كامل، راح مواطنون يبدعون في توجيه النصائح والإرشادات لتبديد زمن الانتظار، كاصطحاب الأصدقاء وورق اللعب والأراكيل والشاي، وغير ذلك، ويقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نعبي بنزين لنروح سيران، صرنا نعمل سيران لنعبي بنزين».
«أبو مروان» الذي تجبره ظروف زوجته الصحية على استخدام السيارة، جلب معه معظم أفراد العائلة، مع وجبة غداء وكميات من المكسرات والبسكويت وبراد شاي وأنواع من العصائر، وافترشوا الرصيف العريض المحاذي لطابور الانتظار أمام محطة الوقود.
وطوابير السيارات أمام محطات الوقود الممتدة لمسافات طويلة تحولت إلى هدف تتنافس عليه حملات الترويج الإعلاني لشركات الصناعات الغذائية، إذ أطلقت شركة محلية لإنتاج مواد التسالي الغذائية، كالفستق السوداني بنكهات متعددة، حملة إعلانية للتذوق المجاني، تحت عنوان: «خلي الانتظار مفيد مع منتجاتنا ع الأكيد»، وقال موظف في الشركة بمقطع فيديو مصور بثه على حساب الشركة في «فيسبوك» إن الفكرة جاءت «تغيير شكل، وللفت النظر إلى منتجنا، وتهوين وقت الانتظار، ونحن أول من بدأها، وسنستمر فيها، مع الأزمة ومن دون أزمة».
وقامت الشركة بإرسال فريق من الشباب إلى محطات الوقود في ضاحية قدسيا، ومن ثم إلى حي برزة، حيث محطة قاسيون للوقود، وقاموا بتوزيع عينات الفستق المقرمش على أصحاب السيارات المنتظرين، وتقدر أعدادهم بالآلاف.
شركة غذائية محلية أخرى، تنتج راحة الحلقوم بنكهات وألوان متعددة، تلقفت الفكرة، وبسرعة أرسلت فريقاً من الشباب إلى محطة الوقود في حي المزة، وأطلقت حملتها الترويجية بمخاطبة المنتظرين.
ونشرت الشركة على حسابها في «فيسبوك» صوراً مع تعليق بأنها أول شركة تقوم بحملة التذوق المجاني لمنتجها في محطات الوقود، الأمر الذي أثار ردود فعل مستاءة من شركة الفستق، باعتبارها صاحبة الفكرة.
وبينما كانت السوريون يتداولون صور الحملات عبر «السوشيال ميديا»، ويتفاعلون مع الفكرة بالسؤال عن محطة الوقود التي ستوجد فرق التذوق المجاني، كي يقصدونها للتزود بالبنزين، وتجريب المنتجات الجديدة، كانت الشركتان تتراشقان من خلال الاتهامات بسرقة الفكرة. كما قامت شركات أخرى بتنظيم مسابقات لأولئك الذين ينتظرون في الطوابير، وحمل آخرون أوراق لعب (شدة)، ووسائل تسلية أخرى.