جنود النظام السوري مجدداً: بدنا_نتسرح

9 يوليو 2019
بعد عامين من إطلاقه أول مرة، عاد هاشتاغ #بدنا_نتسرح إلى صدارة مواقع التواصل الاجتماعية في سوريا مجدداً، وعبره يطالب جنود في جيش النظام السوري بتسريحهم من الخدمة العسكرية التي باتت أبدية في البلاد، مثلما هي شعارات النظام المقيتة تماماً: “الأسد للأبد”.

وكانت الحملة انطلقت العام 2017 للمطالبة بتسريح مجندين احتفظ بهم من دورات 102 و103 و104، أي من العام 2010، بالإضافة إلى جنود احتياط اقتيدوا للخدمة منذ العام 2012. وفيما تم تسريح عناصر من الدورة 102 العام الماضي، إلا أن العديد من جنود النظام ما زالوا يعانون في الخدمة الإلزامية الطويلة، والتي من المفترض أن تنتهي في خلال عامين فقط.

وكتب أحد العناصر في “فايسبوك”: “بدنا نتسرح عندي أربعة أولاد، تعبت والله، وكلنا تعبنا متى نؤمن وضعنا ووضع أطفالنا، حاج تعبت”، وقال آخر متسائلاً: “سرح النظام دورتي صف ضابط، وأكثر من وحدة مجندين، وبعدها أوقف التسريح. أيعقل أن يكون ذلك خدعة لوهم الناس بأن التسريح مستمر، فيلتحقون بصفوفه. الأسئلة تدور في رأسي منذ الشهر الماضي، أيعقل أن سبب عدم التسريح هو معارك إدلب؟”.

ونشر أحدهم صورة ساخرة لهيكل عظمي مستلق على أريكة وأرفقها بكتابة: “شكلي وأنا ناطر برقية التسريح، #دورة 104 صف ضباط”، وهي صورة تم تداولها منذ أعوام ضمن السياق نفسه.

وما زالت هنالك صفحات في “فايسبوك” مثل “مطالبة بتسريح دفعتي 104 و106 واحتياط 2012” نشطة، وتخصص كل وقتها للمطالبة بتسريح المجندين في جيش النظام. لكن الأسباب الداعية لذلك اختلفت بشكل راديكالي عما كانت عليه قبل عامين، فحينها كان يشار إلى التدخل العسكري الروسي والإيراني كأسباب يجب أن تساهم في تخفيف قيود التجنيد الإجباري التي يفرضها النظام في مناطق سيطرته، لكن الأسباب باتت اليوم محصورة في نهاية الحرب وسيطرة النظام على مناطق واسعة في البلاد، ما يقتضي تخفيف مظاهر العسكرة في البلاد ومن ضمنها التجنيد.

ويحتفظ النظام بعناصر في صفوفه ضمن الخدمتين الإلزامية والعسكرية، بعضهم مر على خدمته ثماني سنوات، لكن التعليقات تشير إلى التمييز في تطبيق القوانين والقرارات بالإضافة إلى انتشار المحسوبيات والفساد في جيش النظام، حيث تُفرض قوانين التجنيد الإجباري بشكل صارم على الفقراء والعائلات العادية من دون تطبيقها على الأغنياء وأولاد المسؤولين. فكتب أحدهم مثلاً: “لماذا تم التسريح حتى مواليد 1981 فقط سؤال؟ إما أن يكون أحد أبناء المسؤولين مطلوب احتياط، أو أن يكون أحد المسؤولين مطلوب احتياط؟ جاوبنا مشان الله؟ ونحن مواليد 83 ليش ما طلع قرار تسريحنا؟”.

وقبل أيام، تداولت وسائل إعلامية موالية للنظام، مقطعاً مصوراً لعنصر في صفوف النظام يطالب رئيسه بتسريح العناصر الذين أمضوا سنوات في الخدمة. كما طالب المشاركون في الحملة بقرار علني واضح، بخصوص طريقة ومدة الخدمة الاحتياطية ومدة الاحتفاظ، خصوصاً أن هناك الآلاف منهم مازالوا في الخدمة منذ أكثر من ثماني سنوات.

ويجب القول أن أكثر ما يثير الاستغراب في هذا النوع من الحملات، أن أصحابها يبحثون عن تحصيل العدالة من النظام السوري، رغم أنه الجهة التي تقوم بالممارسات نفسها، ليس منذ تسع سنوات فقط بل منذ سبعينيات القرن الماضي، لكن الاستياء نفسه والتعبير عنه يبقى جديراً بالملاحظة حتى لو لم يرتقِ إلى مرتبة التمرد.

وبدأت قوات الأسد بتسريح الدورات المحتفظ بها في صفوفها من مجندين إجباريين واحتياط في أيار/مايو 2018، بتسريح الدورة الأولى رقم 102، بعدما أتمّت ثمانية أعوام في الخدمة، لتنهي بذلك خدمة مئات العناصر الإلزامية والاحتياط.

وعقب ذلك تم تسريح دورات أخرى من صفوف الجيش بعد إصدار أمر إداري يقضي بتسريح الدورات التي أتمت خدمة خمس سنوات من مجندين إجباريين واحتياط، بدأت بالدورتين 248 و249 وما قبلهما للضباط المجندين، إلى جانب إيقاف دعوة الاحتياط للضباط المجندين الملتحقين خلال العام 2013 الذين أتموا خمس سنوات في الخدمة الاحتياطية حتى التاريخ نفسه. لكن الأمر الإداري ترافق بتكثيف دعوات الاحتياط لمختلف فئات الشباب عبر نشرات معممة على شعب التجنيد والمراكز الحدودية.

والحال أن النظام عبر تلك القرارات الشكلية، حاول خلق وهم بإنهاء مظاهر الحرب في البلاد، بعد إعلانه العاصمة دمشق وريفها “منطقة خالية من الإرهاب” العام الماضي، فيما تتجه البلاد إلى نوع من النزاع المتجمد. كما يحاول تخفيف الضغط والاستياء في الأوساط الموالية له، خصوصاً بعد الغارات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، مع تحول الحرب في البلاد إلى حروب مباشرة بين القوة الفاعلة في البلاد، وتحديداً الصراع بين إسرائيل وإيران.