كشفت صحيفة “ذا غارديان” The Guardian البريطانية، نقلاً عن مسؤول مقرب من النظام الإيراني، أن طهران مرعوبة وتشعر بالذعر من أحداث العراق ولبنان. وأشارت الصحيفة إلى أن إيران تخشى من تدخل قبائل العراق ضدها، وحذرت من دفع العراق نحو صراع مسلح بعد حرق قنصليتها في النجف.
وفي التفاصيل، قالت الصحيفة في تقريرها، إن البرلمان العراقي سيبدأ عملية انتخاب زعيم جديد بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، حيث سيتعين على خليفته مواجهة الاضطرابات الشديدة التي تنتشر في جميع أنحاء البلاد، والتي دفعت قوات الأمن ضد المتظاهرين منذ ما يقرب من شهرين.
وتتصاعد المخاوف من أن البلاد قد تنهار تماماً وسط هذا الصراع.
وقتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 45 مدنياً كانوا يحتجون حول مدينة الناصرية الجنوبية يوم الخميس الماضي في واحدة من أسوأ الحوادث منذ اندلاع الاحتجاجات الأخيرة ضد الحكومة. لقد كان ردًا باستعراض القوة الغاشمة في أعقاب الهجوم على القنصلية الإيرانية في النجف يوم الأربعاء، وهو الهجوم الذي كان أقوى تعبير عن المشاعر المعادية لإيران من قبل المتظاهرين العراقيين، وفقاً للصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن الحملة الأمنية لم تخلق إلا استياءً متزايداً ضد إيران والطبقة السياسية في العراق، وأصبحت المواجهة بين المتظاهرين المتحدين في الشوارع والطبقة السياسية المحاصرة أكثر ترسخاً.
وتابعت الصحيفة أن العراق على المحك الآن، والسؤال هو ما إذا كان عراق ما بعد صدّام، الذي شيدته الولايات المتحدة الأميركية، يظل قابلاً للتطبيق بعد 16 عاما من الغزو الذي أطاح بنظام البلاد وأعاد توازن القوى في المنطقة.
ومنذ عام 2003، تم تقسيم الحكم العراقي على أسس طائفية، وكانت مؤسساته تستخدم الحكومات كإقطاعيات للوزراء الذين غالباً ما تكون ولاءاتهم ليست للدولة العراقية.
وكانت إحدى النتائج هي الفساد المستشري والمحسوبية في جميع أنحاء القطاع العام في البلاد، والذي سلب ثروة البلاد النفطية وترك الكثير من العراقيين دون فرص، بحسب الصحيفة.
وقال توبي دودج، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد وباحث منذ فترة طويلة في العراق، إن نظام ما بعد 2003 الذي ضم الفساد في الدولة العراقية، وكذلك الطائفية والإكراه، بدأ في الانهيار – والعنف الآن هو نتيجة لذلك.
إيران تورط العراق
وتحذر الصحيفة من الصراع المسلح وتقول إن زعماء القبائل في جنوب العراق، حيث تركزت أعمال العنف الأخيرة، قد انقلبوا على قوات الأمن في أعقاب عمليات القتل، التي يقولون إنها كانت موجهة من قبل المسؤولين الإيرانيين الذين لعبوا دوراً رئيسياً في الحملة.
لقد لعبت إيران دوراً بارزاً في شؤون العراق طوال سنوات ما بعد الغزو الأميركي، وخاصة منذ أن سحبت الولايات المتحدة قواتها في عام 2011. وكان الجنرال الإيراني قاسم سليماني شخصية محورية في القمع، ووجه باستجابة قاتلة ضد المتظاهرين والتي بدأت قبل شهر تقريبا.
وفي الوقت نفسه، تواجه إيران ضغوطاً على الجبهة الداخلية وانتفاضة في لبنان، حيث يلعب حزب الله، دوراً حيوياً في شؤون البلد الهش.
وقال مسؤول إقليمي على دراية بالملف الإيراني: “في لبنان والعراق، هم على قدم وساق في الحرب.. قد يكونون قادرين على تهدئة الأمور في لبنان، لكن في العراق لديهم القبائل التي يتعاملون معها، وهذا هو المكان الذي يخفقون فيه”. وتابع: “ما أطلق العنان في الجنوب على وجه الخصوص هو نزاع دموي، وهم يلومون إيران ووكلائها على ذلك. إنها أرض خطيرة للغاية وغير مملوكة لطهران”.
وطالب زعماء القبائل في محافظة ذي قار بمحاسبة قوات الأمن وقادة الميليشيات المسؤولين عن عمليات القتل في الناصرية. ويدفع هذا الموقف بالأحداث إلى المواجهة التي تلوح في الأفق الآن، باعتبارها أخطر ما واجهته إيران في الشرق الأوسط بعد صدّام.
وقال المسؤول: “إنهم مقتنعون بأن الأميركيين وراء هذا.. لم أرهم أبداً في هذه الحال من الخوف من قبل”.
وتضيف الصحيفة أن من بين المرشحين الذين سيحلون محل عبدالمهدي، هادي العامري، قائد وحدات الحشد الشعبي، التي تشكلت بعد سيطرة “داعش” على شمال العراق، وأصبحت منذ ذلك الحين واحدة من أقوى المؤسسات في العراق.
وأمام البرلمان العراقي 15 يومًا لتعيين رئيس وزراء جديد، لكن في الماضي لم يتم تسمية القادة الجدد إلا بعد شهور، كما أن الفشل في التوصل إلى إجماع بين الفصائل قد يغرق العراق في الهاوية.