بعد مضي ما يقارب أسبوعين على التظاهرات والاحتجاجات التي عمت جميع المدن والبلدات الإيرانية تقريباً، والتي بدأت احتجاجاً على الارتفاع المفاجئ لأسعار البنزين، تصل يومياً فيديوهات وصور وتقارير جديدة من الداخل بعد الرفع النسبي لحظر الإنترنت، تؤكد ممارسة السلطات الإيرانية القمع الوحشي ضد المحتجين، فيما لا يزال الإنترنت معزولاً في معظم جنوب البلاد، وخاصة في إقليم الأهواز وبلوشستان.
ونشر موقع “كلمة”، اليوم الأحد، تقريراً حول نقل جثث 40 من القتلى إلى مستشفى الإمام الحسين بمدينة شهريار وحدها خلال الـ3 أيام الأولى من الاحتجاجات. كما نقل في نفس الفترة حوالي 300 جريح للمستشفى. وتفيد تقارير عن نقل جثث وجرحى إلى مكان مجهول من قبل الحرس الثوري.
ووفقاً للتقرير، فإن القتلى سقطوا نتيجة إصابات أعيرة نارية في الرأس، وتعرض الجرحى إلى إصابات بالرصاص والضرب بالهراوات وغيرها من الإصابات، التي أدت إلى جروح خطيرة في الأطراف وفي الظهر والعمود الفقري.
وحسب تقرير “كلمة”، تم إجراء 50 عملية جراحية في اليوم الأول و74 في اليوم الثاني، ولكن في اليوم الثالث وصلت مركبات النقل العام والحافلات الصغيرة التابعة للحرس الثوري، وتم تهديد العاملين بالمستشفى ومصادرة جميع الهواتف والصور ومقاطع الفيديو المتاحة، ثم تم أخذ جميع الجرحى والقتلى إلى مكان مجهول.
ولا يزال المسؤولون الإيرانيون يتهربون من إعطاء إحصائية رسمية حول عدد القتلى والجرحى والمعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة.
وتحدث بالأمس عدد من المسؤولين بهذا الخصوص، فقال المساعد السياسي في وزارة الداخلية الإيرانية جمال عرف، إن عدد القتلى سيتم الإعلان عنه من الادعاء العام، وفقاً لتقرير الطب الشرعي، إلا أنه فند الإحصائيات التي نشرتها مؤسسات حقوق الإنسان الدولية.
ومن ناحية قال مساعد الحرس الثوري في الشؤون السياسية يدالله جواني، في اجتماع بمدينة أصفهان، إن الاحتجاجات الأخيرة كانت أوسع من تلك التي شهدتها إيران في العامين 2009 و2018، واصفاً إياها بالأوسع في خلال عمر النظام الحالي منذ العام 1979، مؤكداً أن الاحتجاجات عمت 29 محافظة من أصل 31 محافظة.
واعترف قائلاً: “يعتقد جميع الخبراء أنه بهذا الوضع الاقتصادي والضغط الخارجي والعقوبات، لا يمكن إدارة البلاد بشكل صحيح”.
من ناحية أخرى، قال نائب مدينة كرج في البرلمان الإيراني محمد جواد کولیوند، إن الاحتجاجات التي بدأت ضد الغلاء وتقنين البنزين “عمت 719 منطقة في البلاد”، مضيفاً أن في محافظة أبرز غرب محافظة طهران تم اعتقال 400 في أيام الاحتجاجات ولا يزال 200 منهم قيد الاعتقال.
بدوره وصف رئيس تحرير صحيفة “جوان” التابعة للحرس الثوري الإيراني في افتتاحية للصحيفة، أن 10 مدن إيرانية شهدت “حرب شوارع”، إلا أنه لم يذكر أي مصدر لذلك، وحاول اتهام المحتجين باللجوء إلى العمل المسلح فزعم “أن المحتجين حملوا السلاح في مختلف المدن فهاجوا 80 مركزا عسكريا وأمنيا، وأن أكثر الضحايا سقطوا خلال العمليات المسلحة”.
إلا أن شهودا ميدانيين يؤكدون أن التظاهرات بمجملها كانت سلمية، وبعض أطراف المعارضة تتهم الحرس الثوري بعسكرة الاحتجاجات، بغية قمعها والحؤول دون استمرارها.
خامنئي المسؤول الأول
وفي تقرير نشره موقع “زيتون” الإصلاحي، اليوم الأحد، استناداً إلى تقارير خاصة، أكد أن المرشد الأعلى علي خامنئي هو المسؤول الأول وراء رفع أسعار البنزين في إيران، حيث كان قد طلب خمس مرات منذ نيسان الماضي من حكومة حسن روحاني أن ترفع سعر البنزين، في حين عارض رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي القرار، ثم اختار الصمت وأعرب رئيس السلطة التنفيذية حسن روحاني عن عدم معرفته بالقرار. ولم يبد رئيس السلطة التشريعية علي لاريجاني أي موقف معارض أو موافق بهذا الخصوص. وهؤلاء الثلاثة هم أعضاء المجلس الاقتصادي الأعلى الذي وافق على قرار اتخذه المرشد لوحده.
وبهذا القرار يرى المراقبون أن خامنئي خسر شعبيته بين الفئات التقليدية الموالية لنظام “الجمهورية الإسلامية” بين من يطلق عليهم في إيران بـ”المستضعفين”.