الانتخابات الأميركية… ماذا يحدث في “الثلاثاء الكبير”؟

3 مارس 2020

ينتظر ملايين الأميركيين “الثلاثاء الكبير” حين تجري 14 ولاية أميركية وأرض أميركية انتخابات ومؤتمرات حزبية في يوم واحد لاختيار مرشحيها لخوض انتخابات الرئاسة.

“الثلاثاء الكبير” هذا العام يحدث اليوم الثلاثاء، في الثالث من آذار، ويأتي بعد أن يكون قد تم التصويت بالفعل في آيوا ونيوهامشير ونيفادا وساوث كارولاينا. وسيظل الطريق طويلا قبل اختيار مرشح الحزب الديمقراطي الذي يواجه الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية يوم 3 تشرين الثاني، لكن الزخم الذي يكتسبه هذا الحدث يأتي نظرا لمشاركة هذا العدد الكبير من الولايات ولأنه يعطي مؤشرا قويا على ترتيب المرشحين في كلا الحزبين.

لماذا تختار بعض الولايات إجراء انتخاباتها ومؤتمراتها الحزبية في يوم واحد؟

السبب هو جعل تأثير الولايات يبلغ حده الأقصى، فالعديد من الولايات والمناطق التي تجري فيها انتخابات “الثلاثاء الكبير” لديها عدد قليل من السكان ومن المندوبين، ومن خلال عقد منافساتها في نفس اليوم، تصبح قادرة جماعيا على إحداث تأثير أكبر في اختيار الرئيس الأميركي المقبل.

ومن ناحية أخرى، فإن يوم الثلاثاء الكبير يساهم أيضا في تضييق مجال المتنافسين، إذ من المتوقع أن ينسحب من السباق المرشحين الذين لم يحققوا سوى مكاسب قليلة في منافسات تلك الولايات.

وبإمكان الولايات اختيار مندوبيها الجمهوريين الذين ينافسون ترمب، لكن ترمب لا يواجه منافسة حقيقية لذلك سيتم التركيز على انتخابات الديمقراطيين.

الولايات التي ستصوت في “الثلاثاء الكبير” هي: كاليفورنيا، مين، تكساس، أوكلاهوما، كولورادو، نورث كارولاينا، فرجينيا، أريزونا، تينيسي، آلاباما، مينيسوتا، يوتا، أركنسا، ماساتشوستس، فيرمونت.

التصويت في اختيار المرشح الديمقراطي الذي يواجه ترمب يتم بواسطة المندوبين، ويختلف عدد المندوبين في كل ولاية ويتم تحديده بواسطة سلسلة من المعايير، عادة يكون بحسب توزيع السكان والوزن الذي تتمتع به الولاية في الحزب.

وكلما زاد عدد الأصوات التي يحصل عليها المرشح في الاجتماع الحزبي أو الانتخابات التمهيدية، يزداد عدد مندوبي المرشح. ويأمل جميع المرشحين بالفوز بأكبر عدد من المندوبين.

اليوم، ستتم المنافسة على أصوات 1357 مندوبا، من مجموع 3979 مندوبا، أي أكثر من ثلث مجموع أصوات المندوبين، وهو أكبر من أي عدد مندوبين في أي انتخابات تمهيدية أو مؤتمرات حزبية أخرى. ويحتاج المتنافس الديمقراطي الذي سيقوم الحزب بإعلانه مرشحا لمنافسة ترمب الفوز بغالبية الأصوات المندوبين (1991 مندوبا على الأقل) في جميع الانتخابات السابقة والمقبلة.

أهمية خاصة

ويكتسب “الثلاثاء الكبير” هذا العام أهمية خاصة لمشاركة أكبر ولايتين من حيث عدد السكان هما كاليفورنيا وتكساس. كاليفورنيا التي كانت تختار مرشحيها من قبل في شهر حزيران، تتمتع بوزن نسبي كبير وعدد كبير من المندوبين هذا العام (494)، ما يمثل 30 في المئة من إجمالي عدد المندوبين.

وما يفسر أهمية كاليفورنيا هذا العام أيضا أن كلا من المرشح الاشتراكي بيرني ساندرز ورجل الأعمال البارز مايكل بلومبرغ ركزا جهودهما الانتخابية بشكل كبير على هذه الولاية خلال الأشهر الماضية. وأنفق بلومبرغ نحو 40 مليون دولار على الإعلانات في كاليفورنيا وسيوجه نحو 800 موظف من حملته للعمل هناك خلال الحدث المنتظر. وتشير “سي أن أن” إلى أنه أنفق 124 مليون دولار على الإعلانات في الولايات الـ14 مجتمعة.

منافسة محتدمة

وخلال الأسابيع الماضية، حل كل من ساندرز ورئيس بلدية ساوث بيند السابق بولاية إنديانا بيت بوتدجدج في المركزين الأول والثاني في استحقاقي آيوا ونيوهامشير، وتوزعت معظم أصوات تيار الوسط بين بوتدجدج وعضوة مجلس الشيوخ إيمي كلوبوشار.

وانسحب كل من بوتدجدج و كلوبوشار من السباق الرئاسي، ما يجعل المنافسة قوية بين ساندرز ونائب الرئيس السابق جو بايدن وبلومبيرغ.

وبعد أدائه اللافت في آيوا ونيوهامشير، يتصدر ساندرز الذي يتمتع بشعبية كبرى بين الشبان المؤيدين لبرنامجه اليساري استطلاعات الرأي الوطنية، غير أن منافسيه، الذين يرون أن برنامجه اليساري سيؤدي لعزوف الناخبين المستقلين والمتأرجحين الذين يحتاجون أصواتهم لعودة الديمقراطيين للبيت الأبيض، سيحاولون التصدي له. وفضلا عن ذلك فإن ما تم كشفه من معلومات مربكة مساء الجمعة حول تدخل روسي لصالحه قد ينعكس سلبا على حملته.

أما بلومبرغ، فقد تمكن من الارتقاء إلى المرتبة الثالثة في متوسط استطلاعات الرأي الوطنية، مستخدما ثروته الخاصة للقيام منذ نوفمبر بحملة إعلانات ضخمة. وبالإضافة إلى السجالات المحيطة به، يتعرض الرئيس السابق لبلدية نيويورك الآن لانتقادات كثيفة منذ أدائه السيء في أول مناظرة تلفزيونية شارك فيها الأربعاء الماضي.

أما بايدن الذي يقدم نفسه مرشحا وسطيا فقد حل في المركز الرابع في أيوا والخامس في نيوهامشير ويحتاج إلى الفوز في ست ولايات على الأقل في استحقاق 3 آذار.

كان المرشحان التقدميان، ساندرز والسيناتورة التي تراجعت شعبيتها أخيراً إليزابيث وارن، قد تعهدا بفرض ضريبة على الأثرياء وإلغاء التأمين الصحي الخاص واستبداله بنظام رعاية صحية شامل تديره الدولة وبمكافحة “الفساد” في وول ستريت وفي المؤسسات.

لكن عددا كبير من الناخبين الديمقراطيين يقفون في حيرة أمام اتخاذ قرار بشأن خيارهم الأفضل لمواجهة ترمب، وما إن كان ينبغي أن يكون معتدلا مثل بايدن أم تقدميا مثل ساندرز ووارن.