نور عويتي
أصر النظام السوري على إخفاء حقيقة تفشي فيروس كورونا داخل أراضيه، في الوقت الذي كان يدعو فيه المواطنين للدخول في حجر صحي طوعي؛ وكانت نتيجة ذلك عدم تلبية المواطنين لدعوات الحجر الاحترازية.
نسبة كبيرة من السوريين القاطنين في مناطق سيطرة النظام، لم يأخذوا موضوع كورونا على محمل الجد، بسبب طمأنة النظام لهم الى خلو البلاد من الفيروس وبدا ذلك من أداء سكان دمشق الذي تابع معظمهم حياته اليومية بالنمط نفسه، علماً أن اليومين الماضيين شهدا الكثير من التطورات المفاجئة، فاتخذ النظام اجراءات أكثر جدية ليجبر المواطنين على الالتزام بالحجر المنزلي، قبل أن يضطر أخيراً للإعلان بشكل رسمي عن تسجيل أول إصابة بالفيروس في دمشق.
الخبر مرعب، قياساً لقدرات النظام الصحي المتداعي في سوريا، وترافق مع معلومات عن المصابة، حيث تم التصريح بأن المصابة هي فتاة عشرينية قادمة إلى البلاد عن طريق لبنان، ليأخذ التصريح منحى آخر بأن الفيروس وصل إلى سوريا من الخارج، عن طريق العائدين إليها.
المفارقة الأكثر غرابة تجلت بالخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام ذاتها بعد الإعلان عن أول إصابة، حيث بثت خبراً يفيد بتعافي المصابة من الفيروس ومثولها للشفاء، لتعود سوريا خالية من الإصابات باليوم ذاته! وهوالأمر الذي جعل عدداً كبيراً من السوريين يتداولون الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل ساخر ليطرحوا تساؤلات عديدة عن مكان الحجر على المصابة والاجراءات التي اتخذت بحقها.
وفي سياق آخر، نشرت مجموعة “سوريين في السويد”، معلومات تفيد بأنهم تواصلوا مع طبيب يعمل داخل مستشفى المواساة في دمشق، ليكشف لهم أن المشفى يتلقى كل يوم ما بين 250 إلى 400 حالة مشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا، وأن الحالات التي تم إثبات إصابتها عزلت في مجمع للحجر الصحي في منطقة صحنايا في ريف دمشق.
وذكر التقرير أن هذا المجمع يخضع لرقابة مكثفة من قبل الأمن، ويمنع على المحجورين والعاملين في المجمع إدخال الهواتف النقالة أو الكاميرات تحت طائلة الحجز والملاحقة القانونية.
وبالتزامن مع الإعلان عن الإصابة الأولى، أصدر المدير العام لشركة للنقل الداخلي العامة في دمشق، سامر حداد، قراراً بإيقاف جميع وسائل النقل الداخلي العامة والخاصة ابتداءً من الاثنين، ولمدة أسبوعين، وإيقاف النقل الخارجي عبر المحافظات ابتداءً من الثلاثاء.
والجدير بالذكر أن الإعلان عن الإصابة جاء في اليوم الأول، الذي تم فيه تطبيق قرار أصدره مجلس الوزراء بإغلاق كافة الأسواق والمحال التجارية والخدمية، باستثناء مراكز بيع المواد الغذائية والتموينية والصيدليات والمراكز الصحية الخاصة.
وقال مصدر من دمشق ل”المدن، إن “العاصمة تشهد ازدحاماً كبيراً، ولاتزال طوابير الناس تصطف أمام الأفران الحكومية، التي سُمح لها بالعمل لمدة ساعتين يومياً فقط، ما جعل السكان يتهافتون عليها لانتظار دورهم”.
ورغم أن الازدحام قد إزداد أمام هذه الأفران، إلا أن عدداً كبيراً من المواطنين لم يتمكنوا من الحصول على الخبز في هذه الفوضى. فحكومة النظام لم تهتم بتنظيم العملية، ولم تهتم بتأمين احتياجات المواطنين الأساسية. كما أن إغلاق عدد كبير من المحلات نجمت عنه ظاهرة جديدة بدأت مبكراً، وهي انتشار الباعة المتجولين، الذين يجولون الطرقات ليبيعوا الحاجيات الغذائية الأساسية والدخان.
ورغم إغلاق المقاهي والمطاعم، إلا أن المواطنين لم يتجنبوا التجمعات، حيث قام الكثير من العائلات الدمشقية بتنظيم رحلات جماعية إلى منطقة الربوة في دمشق، بحسب ما ذكر المصدر ذاته، ولم يكن هناك أي مساءلة قانونية حول هذه التجمعات الكبيرة.
أما عن الإجراءات الأخرى التي قام بها النظام داخل العاصمة ليضمن التزام الناس بالحجر الصحي، يقول المصدر: “تم إطفاء جميع الأضواء في شوارع دمشق ليل الأحد، كإجراء اتخذته الحكومة لمنع تجول الأشخاص والسيارات ليلاً. كما انتشرت سيارات الشرطة في شوارع دمشق الرئيسة، للتشديد على التزام المحال التجارية بالقرارات، وانتشرت سيارات الإسعاف بشكل غير مسبوق”.