قالت صحيفة “تايمز” البريطانية إن أنظار معظم بلدان العالم مصوبة نحو الشرق الأقصى لاستخلاص الدروس من تجربة في القضاء على فيروس كورونا المستجد، بينما على تلك الدول أن تنظر أيضاً إلى الشمال حيث السويد ذات التجربة الرائدة في التعاطي مع الوباء الفتاك.
وأضافت أن السويد، خلافاً لبقية دول أوروبا التي فرضت تدابير إغلاق صارمة، لم تتخذ إجراءات مشددة، إذ ظلت المدارس والمطاعم وغيرها من المرافق مفتوحة. واكتفت بمنع التجمعات التي تضم أكثر من خمسين شخصاً، ومنع زيارات دور الرعاية إضافة لقيود قانونية أخرى قليلة.
وتساءلت “تايمز” عن الدروس التي يمكن لبقية دول العالم أن تستقيها من تجربة السويد الجريئة، في وقت تبحث فيه جميع الحكومات عن سبل لتخفيف تدابير الإغلاق بعد أن باتت التكلفة التي ألحقت بالاقتصاد فادحة.
وأشارت إلى أن تجربة السويد قد لا تكون بذلك القدر من الجرأة كما يتم تصويرها في بعض الأحيان، فالحكومة لم تفرض قيوداً صارمة لأنها لم تحتج إلى ذلك نظراً لالتزام المواطنين بتوجيهات السلطات الرسمية بشأن التباعد الاجتماعي.
ووفقاً للمعلومات فإن الغالبية العظمى من السويديين تمتثل لتعليمات السلطات الرسمية بشأن التباعد الاجتماعي من دون الحاجة إلى مطاردة في المتنزهات من قبل طائرات مسيرة تابعة للشرطة، كما انخفض استخدام وسائل النقل العام بشكل كبير وتحول العديد من المواطنين إلى نظام العمل من المنزل.
وقد أشادت منظمة الصحة العالمية الجمعة بنجاح السويد في تطبيق التباعد الاجتماعي، وأرجعت قدرتها على تجنب تدابير الإغلاق الصارم إلى ثقة الجمهور العالية في الحكومة.
وأشارت الصحيفة إلى أن معدَل الوفيات جراء الإصابة بفيروس كورونا بالسويد أعلى من معدل الوفيات بدول الجوار القريبة منها مثل فنلندا والدنمارك، التي فرضت إجراءات صارمة للحد من تفشي الوباء.
وختمت بالقول إن تقديرات بعض العلماء السويديين تشير إلى أن أكثر من ربع سكان ستوكهولم قد كونوا بالفعل أجساما مضادة للفيروس، وإذا اتضح أن السويد في طريقها نحو تحقيق “مناعة القطيع”، فستكون تجربتها قد تكللت بالنجاح.
في غضون ذلك، قال خبراء إن توّفر لقاح للفيروس سيأخذ وقتاً أطول، بل منهم من أكد “أننا لن نرى لقاحاً ضد “كوفيد- 19” قبل سنة 2036″، وفق ما أوردته الطبعة الإيرلندية لصحيفة “ذا صن” البريطانية.
وتقليدياً، يستغرق إنتاج اللقاحات الفعَالة أكثر من عقد من الزمن، بداية بالبحث، إلى التجارب السريرية والتصنيع ثم التوزيع.
وتظهر الجداول الزمنية التي أنشأتها صحيفة “نيويورك تايمز” أنه من خلال جميع الأبحاث والموافقات النموذجية، سيستغرق الأمر حوالي 16 عاماً قبل أن يتوفر اللقاح الناجح على نطاق واسع.
ومع استمرار الفيروس في ضرب العالم، يحاول الباحثون تسريع العملية واختزال الوقت من 12 إلى 18 شهرًا.
وقال عميد المدرسة الوطنية للطب الاستوائي في كلية بايلور (تكساس) الدكتور بيتر هوتز “إذا كنت تريد أن تجعل هذا الإطار الزمني لمدة 18 شهراً ، فإن إحدى الطرق للقيام بذلك هي وضع أكبر عدد ممكن من الخيول في السباق”.
ورأى خبير مكافحة الفيروسات التاجية في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، البروفسور أنتوني فاوتشي إنه مع فكرة تحرك إدارة الغذاء والدواء “بسرعة البرق” لتكون مئات الملايين من جرعات لقاح كوفيد- 19 جاهزة بحلول العام المقبل.
وقال فاوتشي: “نريد أن نذهب بسرعة، لكننا نريد أن نتأكد من أن اللقاحات آمنة وفعالة”.
ومع ذلك، حذر الخبراء من أن جزءاً فقط من اللقاحات التي تخضع للتجارب ستكون ناجحة، حيث يعتبرون أنه من الصعب رؤية الآثار السلبية المحتملة على المدى القصير.
من جانبها لفتت منظمة الصحة العالمية إلى أن “التحكَم في هذا المرض الجديد بشكل مثالي قد يكون صعباً قبل عامين أو ثلاثة أعوام من إدخال اللقاح للحصول على بيانات أساسية متسقة حول حدوث المرض والوفيات والأنماط الوبائية”.
في المقابل أجاز المنظمون الأميركيون استخدام العقار التجريبي “رمديسفير” لعلاج المصابين بفيروس كورونا المستجدّ في الحالات الطارئة، وفق ما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويأتي هذا الإعلان، بعدما أظهرت التجارب السريريّة للعقار المضادّ للفيروسات الذي تُنتجه شركة “جلعاد ساينسيس” أنه يُسرّع تعافي المرضى المصابين بالفيروس في بعض الحالات، وهي المرّة الأولى التي يكون فيها لأيّ دواء فائدة مثبتة ضدّ المرض.
وأعلنت الشركة في السابق أنّها ستتبرّع بنحو 1.5 مليون جرعة مجّاناً، أي ما يصل إلى 140 ألف دورة علاجيّة بالاستناد إلى أنّ مدّة العلاج 10 أيّام.
و”رمديسفير” الذي يُعطى للمريض عن طريق الحقن، كان في الأصل متاحاً لبعض المرضى الذين تطوّعوا للتجارب السريريّة أو للذين سعوا للحصول إليه على أساس “الاستعمال الرحيم”.
وتسمح إجازة العقار بتوزيعه على نطاق أوسع بكثير واستخدامه مع البالغين والأطفال المصابين الذين يُعانون من شكلٍ حادّ من” كوفيد-19″ .
المصدر
صحيفة تايمز البريطانية