أعلنت وكالة الأنباء المغربية وفاة رئيس الحكومة السابق عبد الرحمن اليوسفي الجمعة عن عمر ناهز 96 عاما. ويعد الراحل أحد أبرز الوجوه السياسية في التاريخ المعاصر للمملكة المغربية، إذ شارك في تأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عام 1959، والذي تغير اسمه إلى الاتحاد الاشتراكي، وكان أول معارض في العالم العربي يشارك في السلطة على نحو سلمي عندما قاد حكومة ائتلافية بين عامي 1998 و2002، في فترة شهدت وفاة الملك الحسن الثاني، وانتقال الحكم لولي عهده الملك الحالي محمد السادس.
توفي رئيس الحكومة المغربي السابق عبد الرحمن اليوسفي، أحد أبرز وجوه التاريخ السياسي الراهن في البلاد، الجمعة عن عمر يناهز 96 عاما، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء المغربية عن عائلته.
اشتهر السي عبد الرحمن، كما يناديه المقربون، على الخصوص بكونه أول معارض في العالم العربي يشارك في السلطة على نحو سلمي حين قاد حكومة ائتلافية بين 1998 و2002، وهي التجربة التي سميت “بالتناوب التوافقي” وصادفت انتقال الحكم إلى الملك محمد السادس إثر وفاة والده الحسن الثاني في 1999.
وكان اليوسفي، المولود سنة 1924 في طنجة شمال البلاد، قد أدخل مصحة بالدار البيضاء حيث خضع للإنعاش، بحسب وسائل إعلام محلية.
وشارك سنة 1959 في تأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي غير اسمه لاحقا إلى الاتحاد الاشتراكي.
وطبعت المواجهة بين الحزب ونظام الملك الراحل الحسن الثاني التاريخ المغربي الراهن على مدى أربعة عقود، شهدت اضطرابات والعديد من المحاكمات في إطار ما سمي لاحقا “سنوات الرصاص”.
وتولى قيادة الحزب مطلع التسعينات ليخوض مفاوضات طويلة مع الملك الراحل الحسن الثاني، أسفرت عن توليه رئاسة حكومة “التناوب التوافقي”.
وكان يعول على هذه التجربة لتحقيق انتقال ديمقراطي بالمغرب نحو نظام أقرب للملكية البرلمانية يعين فيه الوزير الأول من الحزب الفائز بالانتخابات مع صلاحيات واسعة للحكومة، غير أن الملك محمد السادس اختار تعيين وزير أول آخر هو إدريس جطو على الرغم من فوز حزب اليوسفي بانتخابات 2002.
وانتقدت قيادة الحزب هذا التعيين باعتباره “خروجا عن المنهجية الديمقراطية”، لكنها شاركت مع ذلك في حكومة جطو. ووضع اليوسفي بعد ذلك بعام حدا لمسيرته السياسية معلنا استقالته من الحزب واعتزال الإعلام، ما اعتبر إدانة منه لفشل تلك التجربة.
وكان يشكو أثناء رئاسته للحكومة مما أسماه “جيوب مقاومة التغيير”، كما واجه حملة قوية من التيار الإسلامي ضد مشروعه لتحديث مدونة الأسرة وتعزيز حقوق المرأة، فضلا عن صراعات داخلية أضعفت حزبه.
بدأ اليوسفي حياته السياسية في أربعينيات القرن الماضي في حزب الاستقلال، أهم أحزاب الحركة الوطنية بالمغرب الذي خضع للحماية الفرنسية الإسبانية ما بين 1912 و1956.
وشارك في تأسيس أولى النقابات العمالية بالدار البيضاء خلال الأربعينيات، إضافة إلى دوره في التنسيق مع حركة المقاومة المسلحة التي برزت مطلع الخمسينيات.
وغداة الاستقلال عمل محاميا قبل أن يعود لواجهة العمل السياسي مشاركا في تأسيس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في 1959، من انشقاق عن حزب الاستقلال وتولى رئاسة صحيفته “التحرير”. وحكم عليه بالسجن عاما قضى منه فترة قصيرة على خلفية افتتاحية لهذه الصحيفة في 1959، ثم بالسجن مع وقف التفيذ في 1963 عامين بتهمة التآمر على الملك الحسن الثاني.
عاش في المنفى ابتداء من 1965 حتى 1981، حيث لعب دورا بارزا في محاكمة المتهمين باختطاف رفيقه المهدي بن بركة في فرنسا.
وتولى مسؤولية الإشراف على العلاقات الخارجية للحزب، خلال تلك الفترة التي تخللتها محاولات تمرد مسلح مجهضة. غير أنه لم يكن مسؤولا مباشرة عن أي منها، بحسب عدة شهادات.
وساهم في تبني الحزب خيار النضال الديمقراطي، متخليا عن أي خيار آخر في 1975.
واشتهر اليوسفي أيضا بدوره في الأممية الاشتراكية وفي الدفاع عن حقوق الإنسان مشاركا في تأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وكان كذلك مدافعا عن المساواة بين الجنسين.
وحظي في السنوات الأخيرة بتكريم من الملك محمد السادس الذي دشن في 2016 شارعا باسمه في طنجة.