تشير التوقعات إلى أن النظام السوري يعيش أزمة وصدمة تنذر بانهياره، كما أن المراقبين يشيرون إلى أن بشار الأسد بات على حافة الهاوية. وسيكون الأربعاء القادم قاسيا على النظام وحليفيه روسيا وإيران.
يتوقع أن يواجه الاقتصاد السوري المنهار ضربة جديدة الأربعاء المقبل عندما تدخل العقوبات الأميركية الجديدة حيز التنفيذضد أي فاعل دولي تربطه علاقات تجارية مع نظام بشار الأسد، وفق تقرير لمجلة فورين بوليسي.
“قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” الذي نال تأييد أعضاء الكونغرس من الحزبين وتم إقراره كجزء من قانون الإنفاق العسكري السنوي، يفرض أشد عقوبات تنزل بالنظام منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية قبل تسعة أعوام. وتهدف العقوبات إلى الضغط على الأسد من أجل إطلاق إصلاحات في مجال حقوق الإنسان.
ودعا كبار الأعضاء الديمقراطيين والجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إدارة الرئيس دونالد ترمب، الاثنين، إلى تطبيق التدابير الجديدة بحزم بعد سريانها. وقال المشرعون في بيان “على النظام ومن يرعاه وقف ذبح الأبرياء وتوفير مسار نحو المصالحة والاستقرار والحرية للشعب السوري”.
وينص القانون خاصة على تجميد مساعدات إعادة الإعمار وفرض عقوبات على النظام السوري وشركات متعاونة معه ما لم يحاكم مرتكبو الانتهاكات. ويستهدف أيضا كيانات روسية وإيرانية تعمل مع نظام الأسد.
لكن منتقدي القانون يخشون من أن يؤدي إلى جعل حياة المدنيين السوريين أكثر صعوبة وأن يكون له على الأرجح أثر غير مباشر على الاقتصاد اللبناني الهش.
وبينما يبدو الأسد وكأنه خرج من الحرب الطاحنة منتصرا ويتحدث عن إعادة إعمار، إلا أن تدهورا اقتصاديا يهدد قبضته على السلطة. فقد تفاقمت الأزمة الاقتصادية في لبنان المجاور، والذي يعد القناة الرئيسة لسوريا إلى العالم الخارجي، جراء حصيلة سنوات الحرب والفساد.
ويعاني أكثر من نصف المواطنين السوريين من أجل الوصول إلى المواد الغذائية في حين تراجعت قيمة الليرة بأكثر من 70 في المئة منذ نيسان الماضي.
وبينما تعد الاحتجاجات المناهضة للأسد مشهدا نادرا في البلاد منذ فرض سيطرة قواته المدعومة من روسيا وإيران السيطرة على معظم مناطق سوريا، إلا أن مظاهرات خرجت في مدينة السويداء الجنوبية ذات الغالبية الدرزية، الأحد الماضي واستمرت في الأيام اللاحقة. وأطلق المهتجون هتافات مناوئة للنظام ودعوات لاستقالة الأسد.
وعلى الرغم من أن احتجاجات السويداء تبقى متواضعة، إلا أنها غير عادية في محافظة بقيت بمنأى نسبيا عن النزاع ووصفت بأنها ليست سوى عرض لأزمة أكبر بكثير تضرب قلب نظام الأسد ومقومات بقائه.
واندلعت احتجاجات في بعض المناطق الأخرى بما فيها درعا التي انطلقت منها شرارة الانتفاضة الشعبية في 2011.
وفي 11 حزيران، أعفى الأسد رئيس الحكومة عماد خميس من منصبه، وكلف وزير الموارد المائية حسين عرنوس بمهام رئيس الوزراء حتى إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في 19 تموز. وشغل خميس منصبه منذ عام 2016، بينما تولى عرنوس حقيبته في حكومة خميس الثانية عام 2018.
ولم تقدم السلطات أي توضيح رسمي للقرار، لكن المراقبين قالوا إنه محاولة لنزع فيتيل الغضب المتصاعد إزاء الأزمة الاقتصادية ومؤشر على أن الانهيار الاقتصادي والمعارضة الصريحة الجديدة يشكلان تحديا حقيقيا لشرعية الأسد.
وقد يواجه الأسد أعظم التحديات أمام حكمه لأن المظالم التي أشعلت انتفاضة 2011، لم تستمر فحسب بل تفاقمت خلال سنوات من الحرب والفساد والعقوبات، كما كتب تشارلز ليستر في تقرير لمجلة بوليتيكو الأميركية.
وجاء في التقرير أنه ربما يكون الأسد سحق المعارضة بحكمه الديكتاتوري في 60 في المئة من البلاد، لكن الأسباب التي كانت وراء انتفاضة 2011 لا تزال موجودة في 2020 بل ازدادات سوءا.
وحسب المجلة، تتوفر لأميركا الآن فرصة، يجب أن تستغلها رفقة حلفائها في أوروبا والشرق الأوسط في جهد دبلوماسي للبدء في تغييرات حقيقية وإلا فإن البلد قد يشتعل من جديد.
وأوضح التقرير أن هناك ثلاثة سيناريوهات، أولها أن الأسد يمكن أن يحول سوريا إلى كوريا شمالية وأن يعزل البلاد عن الاقتصاد العالمي، وأن يعزز مكانتها كمنبوذ عالمي ويحاول توحيد الموالين له تحت شعور بأنهم جميعا ضحايا للعالم. وقد أعد لهذا السيناريو بالذات على مدى السنوات التسع الماضية من الصراع.
كما يمكن لسوريا أن تأخذ منعطفا غير مسبوق نحو الأسوأ، وأزمة تمزق البلاد وتنتج مستويات أكبر من العوز والمجاعة، وهذا السيناريو قد ينتج عنه دولة فاشلة من نوع الصومال تشكل كارثة لحقوق الإنسان وأرضا خصبة للمتطرفين وعدم الاستقرار الإقليمي.
وفي السيناريو الثالث، قد تؤدي الأزمة الداخلية الاستثنائية إلى تغيير في القمة، لذلك يرى حتى بعض الموالين للأسد أن هذه اللحظة تمثل بالفعل تهديدا لبقائه في السلطة أكبر من تلك التي شكلتها المعارضة في ذروتها في السنوات الماضية.