“الحفاظ على وحدة الأراضي السورية” كان القاسم المشترك الرئيس بين زعماء الدول الثلاثة الراعية لمسار “أستانة” المتعلق بالصراع الروسي، الذين عقدوا قمتهم الأربعاء، عبر دائرة الكترونية.
لم يحمل البيان الختامي للقمة أي جديد يذكر، حيث كرر التأكيد على أهمية التنسيق بين الدول الثلاثة، روسيا وإيران وتركيا، من أجل الحفاظ على الاستقرار والبناء على ما تحقق لانجاز حل سياسي للصراع في سوريا.
البيان الذي دعا إلى ضرورة تأمين عودة آمنة وطوعية للاجئين والنازحين السوريين، شدد في الوقت نفسه على مواجهة أي عملية تقسيم للأراضي السورية تحت أي ذريعة، كما جدد الزعماء الثلاثة معارضتهم الدعوات الانفصالية التي تهدد الأمن القومي للدول المجاورة، في إشارة واضحة للملف الكردي.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد في افتتاح أعمال القمة على أن “أولوية تركيا في سوريا هي الحفاظ على وحدتها السياسية، والتمهيد لحل القضية السورية دبلوماسياً بمساعدة الأمم المتحدة”.
والمؤكد أن بند الحفاظ على وحدة سوريا الجغرافية يعتبر أحد أهم النقاط التي تثير اهتمام أنقرة من أجل استمرار الانخراط في مسار أستانة، الذي يلقي انتقادات واسعة من المعارضة منذ البدء فيه عام 2017، ولذا فإن تركيا، التي تعتقد أنها بملف التخوف من التقسيم تتقاطع مصالحها مع مصالح الأطراف الأخرى، وتضيف إلى جانبها، وبالمجان، حلفاء من المنافسين ضد أي مشروع كردي انفصالي، فإنها في الوقت نفسه تصر في كل مرة على تفعيل دور الأمم المتحدة في هذا المسار، الذي تشعر أيضاً أنها وحيدة فيه، مقابل توافق حليفي النظام، طهران وموسكو، ما يجعلها وحيدة مقابل اثنين، بينما لا تبدي أوروبا والولايات المتحدة أي اهتمام بالمسار.
بالمقابل، كان التركيز الروسي واضحاً على ملف العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام من الغرب، والتي كان آخرها البدء بتطبيق قانون “قيصر”، حيث اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن “فرض عقوبات على سوريا لن يجدي نفعاً، بل إنه يزيد الضغط على الشعب السوري ويقوض اقتصاد البلاد”.
واعتبر بوتين أن “الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قرّرا إبقاء العقوبات المفروضة بحق سوريا، على الرغم من أن الشعب السوري يحتاج إلى العون، وبغض النظر عن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس مؤخراً، إلى تخفيف العقوبات في ظروف جائحة فيروس كورونا”، مشدداً على أن العقوبات المفروضة بالالتفاف على مجلس الأمن الدولي “ليست قانونية”.
الرئيس الإيراني حسن روحاني كان أكثر مباشرةً في تجديد موقف بلاده بتحدي العقوبات الاقتصادية الجديدة، حيث أعلن أن إيران “التي قدمت تضحيات كبيرة في سوريا، ستستمر في تقديم الدعم لحكومتها أكثر من قبل”.
ورغم أن روحاني أكد أن الحل الوحيد الممكن في سوريا هو حل سياسي، أساسه الحوار بين السوريين من دون تدخل أجنبي، إلا أنه تجاهل الحديث عن الوجود العسكري الإيراني في سوريا لدعم النظام، إلى جانب قوات الدول الأخرى، الأمر الذي يثير حفيظة المعارضة، خاصة وأن القمة التي تناقش الشأن السوري، والذي يدعو الرئيس الإيراني خلالها إلى أن يجد السوريون حلاً له بشكل مستقل عن الآخرين، لا يحضر فيها أي ممثل عن الأطراف السورية.