كشفت مصادر فلسطينية-سورية أن سلطات النظام السوري أقرت مخططاً تنظيمياً جديداً لمخيم اليرموك في دمشق، من شأنه أن ينزع عن المخيم هويته الفلسطينية، واعتبرت أن هذه الخطوة تشكل خدمة كبيرة لإسرائيل.
وقالت المصادر إن مجلس محافظة دمشق وافق نهاية شهر حزيران/يونيو على المخطط التنظيمي رقم 105، الذي يقسم المخيم إلى ثلاث وحدات عقارية ويتعامل معه كحي دمشقي، ما يهدد الوجود الفلسطيني في دمشق، وينزع الهوية الفلسطينية عن أكبر مخيمات اللجوء وأكثرها رمزية.
وحسب المخطط الجديد، فإن منطقة مخيم اليرموك الواقعة جنوب دمشق تم تقسيمها إلى ثلاثة قطاعات، حسب نسبة الأضرار التي لحقت بها نتيجة العمليات العسكرية خلال السنوات الماضية، ما يخالف المخطط التنظيمي السابق الذي تم إقراره عام 2004 والذي يحافظ على الوحدة العقارية للمخيم.
وتبلغ مساحة مخيم اليرموك 220 هكتاراً، يقسمها المخطط الجديد إلى قطاع كبير الأضرار ومساحته 93 هكتاراً، وقطاع متوسط الأضرار ب48 هكتاراً، والثالث قليل الأضرار ب79 هكتاراً.
وبموجب هذا التقسيم فإن مجلس المحافظة أوصى بالسماح بعودة السكان إلى المنطقة خفيفة الأضرار فقط، أي ما لا يزيد عن أربعين في المئة فقط من سكان المخيم.
لكن أيمن أبو هاشم، الصحافي الفلسطيني المتخصص بقضايا المهجرين، يرى أنه حتى ال40 في المئة من السكان المسموح بعودتهم إلى منازلهم في مخيم اليرموك نظرياً، لن يكون بإمكان الكثير منهم العودة بالفعل بسبب نص في قانون التملك رقم 10 الصادر عام 2018، يطلب إثبات الملكية من الراغبين بالعودة، وهو أمر غير متاح للغالبية بسبب فقدانهم الوثائق نتيجة الحرب والتهجير.
ويضيف أبو هاشم في حديث ل”المدن”، أن “هذا المخطط ليست الخطوة الأولى من قبل النظام نحو نزع الهوية الفلسطينية عن مخيم اليرموك، بل سبقته خطوة أخرى عام 2018، تاريخ تهجير سكان المخيم، عندما صدر قرار بإلغاء اللجنة المحلية لمخيم اليرموك المسؤولة عن تخديم المخيم، وهي لجنة تتبع عملياً لمؤسسة اللاجئين الفلسطينين ومرتبطة بوزارة الإدارة المحلية في الوقت نفسه”.
وكانت مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، ومقرها دمشق، قد شكّلت لجنة من سبعة أعضاء برئاسة نائب مدير المؤسسة، لإعداد اعتراض على المخطط التنظيمي الجديد لمخيم اليرموك، حيث ينص القانون على منح المتضررين من أي مخطط تنظيمي مهلة شهر لتقديم اعتراضاتهم.
لكن أيمن أبو هاشم يؤكد عدم الثقة بهذا الإجراء، وكذلك بمؤسسة اللاجئين الفلسطينيين نفسها، التي يرى، مثله مثل الكثيرين من الفلسطينيين السوريين، أنها مجرد أداة بيد النظام، ويضيف أن “مؤسسة اللاجئين لم تقدم على هذه الخطوة إلا بعد ارتفاع الأصوات المنددة بإقرار المخطط التنظيمي الجديد لمخيم اليرموك، ولولا حجم الانتقادات الكبير الذي وجه لها لما حرّكت ساكناً، وحتى بعد تشكيلها لجنة لإعداد اعتراض على المخطط، فإننا لا نتوقع من هذا التحرك شيئاً، ونحن متأكدون أن سلطات النظام لن تتراجع عن مخططها”.
ويعتقد الكثيرون من الفلسطينيين أن النظام اختار التوقيت والظرف المثالي بالنسبة له من أجل استكمال تغيير البنية الديموغرافية والعقارية لمخيم اليرموك، مستغلاً غياب الغالبية العظمى من سكانه الفلسطينيين وانتشارهم في مناطق النزوح واللجوء داخل سوريا وخارجها، الأمر الذي سيعيق قدرة أصحاب الملكيات على الإعتراض أو حتى إثبات ملكياتهم.
ويخشى الكثيرون من السكان الفسطينيبن المقيمين في مناطق سيطرة النظام مراجعة الدوائر العقارية الحكومية، بسبب التخوف من أن يكونوا مطلوبين لأي جهة أمنية، خاصة مع حملات الاعتقال المتكررة التي تستهدف سكان المخيم، والتي كان آخرها اعتقال 34 منهم الأسبوع الماضي.
أما بالنسبة لمن هم خارج البلاد حالياً، فإن تعقيد إجراءات التوكيل يحد أيضاً من قدرة المالكين على الاعتراض على المخطط التنظيمي الجديد للمخيم أو اثبات ملكياتهم العقارية فيه، على اعتبار أن النظام يفرض الحصول على تصريح أمني مسبق لمقدمي الوكالات، الأمر الذي يدفع الكثيرين للاحجام عن القيام بذلك.
وإلى حانب الاعتقاد بأن النظام يسعى إلى الاستيلاء على أملاك المهجرين الفلسطينيين، فإن الكثيرين يرون أن صدور مخطط تنظيمي لمخيم اليرموك، وتقسيمه إلى ثلاث وحدات عقارية وتحويله إلى حي دمشقي يشكل خدمة سياسية كبيرة لإسرائيل التي لطالما اعتبرت هذا المخيم رمزاً للهوية الفلسطينية الجمعية ولحق العودة الذي تسعى تل أبيب إلى الغائه.