بعد ما يقرب من عام على تفشي فيروس كورونا المستجد في وهان، أعاقت الصين، التي تشتهر بحساسيتها للتدقيق الخارجي، جهود إقامة تحقيق شفاف ومستقل لمعرفة مصدر الفيروس، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.
وقدمت منظمة الصحة العالمية في البداية معلومات متناقضة حول خطر الانتشار من الأشخاص الذين ليس لديهم أعراض، حيث كان خبراؤها بطيئين في قبول فكرة أن الفيروس يمكن أن ينتقل عبر الهواء.
وقالت الصحيفة، إن كبار مسؤولي المنظمة التي تتخذ من جنيف مقراً لها، شجعوا السفر كالمعتاد، والنصائح التي تستند إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية، وليس على العلم، حيث كانت المنظمة، وهي الهيئة الصحية الوحيدة ذات الاختصاص العالمي، عاجزة عن فعل شيء منذ الأيام الأولى لتفشي المرض.
وقال مدير الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية مايكل رايان، هذا الأسبوع، “إذا لم نعرف المصدر، فنحن معرضون بنفس القدر في المستقبل لتفشي فيروسي مماثل”.
وأضاف، “فهم المصدر هو خطوة مهمة للغاية”.
وتعرضت منظمة الصحة العالمية لانتقادات حادة من الولايات المتحدة التي وصفتها بأنها “دمية صينية”، كما اتهمتها بالتأخر في إعلان حالة الطوارئ عند اكتشاف الفيروس داخل الصين نهاية كانون الأول الماضي.
في ايار الماضي، أعلن الرئيس دونالد ترمب أن الولايات المتحدة ستنسحب قريباً من المنظمة الدولية، متهماً المنظمة بالفشل في محاسبة بكين بشأن تفشي وباء فيروس كورونا.
ويتفق أغلب الباحثين على أن فيروس كورونا المستجد، نشأ لدى الخفافيش، لكن العلماء يعتقدون أيضاً أنه مر عبر حيوان آخر قبل أن ينتقل إلى البشر.
وأشارت الصحيفة إلى أن منظمة الصحة العالمية هي الهيئة الدولية الوحيدة التي تخضع لقوة الصين، حيث ساعدت بكين في تبييض إخفاقاتها المبكرة في التعامل مع تفشي الوباء.
وعلى الرغم من موافقة الصين مؤخراً على تحقيق خارجي يبحث منشأ الفيروس التاجي، يقف عليه خبراء من منظمة الصحة العالمية، إلا أن المنظمة رفضت الكشف عن تفاصيل مفاوضاتها مع بكين في هذا الجانب، ولم تشارك الوثائق مع الدول الأعضاء التي تحدد شروط تحقيقاتها.
عندما بدأ انتشار السارس الأول في الصين في أواخر عام 2002، أخفى المسؤولون الصينيون المرض لعدة أشهر، ولكن عندما أقروا بذلك، سرعان ما سمحوا للفرق الدولية بالتحقيق في المصدر.
في هذا المرة، يتضاءل احتمال إجراء تحقيق غير سياسي في أصل الفيروس، إذ انتزعت الصين تنازلات من منظمة الصحة العالمية التي ساعدت البلاد على تأخير الأبحاث المهمة، وتجنب حكومتها مراجعة محرجة محتملة لاستجابتها المبكرة لتفشي المرض.
لكن على الرغم من اتفاقهم على أن العديد من الحالات مرتبطة بالسوق في ووهان، فإن العديد من العلماء لم يعودوا يعتقدون أن هذا هو المكان الذي بدأ فيه تفشي المرض.
وقال الخبراء إن المسؤولين المحليين في الصين سارعوا إلى تنظيف سوق ووهان للحيوانات وتعقيمه بعد تفشي الفيروس التاجي فيه، وهذا ما أخفى الأدلة التي تعطي الفرصة لمعرفة مصدر المرض الأول.
ولم يتحدث المسؤولون الصينيون إلى وسائل الإعلام الأجنبية بهذا الشأن، إذ رفضوا الاستجابة لطلبات المقابلات المتكررة، وفضلوا التزام الصمت.
تقول الصحيفة، إن الاجتماع الأول للجنة الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، تعرض لضغوطات مكثفة من جانب الصين لعدم إعلان حالة الطوارئ، وهو القرار الذي اتخذته اللجنة في اجتماع 23 يناير.
وقدمت الصين بيانات إلى اللجنة، تؤكد أن الفيروس في البلاد تحت السيطرة، رغم وجود 3 حالات وفاة مؤكدة بالفيروس التاجي خارج الصين في ذلك الوقت.
ومع ذلك، لم تحقق المنظمة في مصدر الفيروس مبكرا، ولم تستطيع حتى تأمين زيارة إلى ووهان بؤرة فيروس كورونا في الصين في ذلك الوقت.
فيما يتعلق بأصول الفيروس، نقل الخبراء المسؤولية في الغالب إلى الصين، مطالبين الحكومة بإعطاء الأولوية “لتحقيق دقيق”، لكنهم أكدوا أيضا أن العديد من التحقيقات جارية.