تشير اوساط دبلوماسية غربية الى اتفاق اميركي اوروبي روسي حول الملف النووي الايراني قبل بدء مناقشة هذا الموضوع بين الجانبين الايراني والاميركي . وتوضح ان الاطراف الثلاثة اتفقت على امور اساسية في المفاوضات تتركز حول ضرورة وضع مهلة للاتفاق النووي بعد انتهاء السنوات العشر التي نص عليها الاتفاق الامر الذي ترفضه ايران منذ الان وتصر على بحثه عند انتهاء المهلة. فما هي أهم النقاط التي تركز البحث حولها؟
العميد الركن المتقاعد شربل ابو زيد: “بعد تأكّد الرئيس المنتخب جو بايدن من فوزه بالرئاسة الأميركية، صرّح أن الإتفاق النووي الإيراني أفضل أداة لضمان الإستقرار في المنطقة، وعلى واشنطن العودة اليه، والعمل على إعادة العلاقات الوثيقة مع أوروبا ما يعيدها إلى جانبها، فواشنطن لا يمكنها السماح لإيران بوضع أسلحة نووية تحت تصرفها، ولا يمكنها منع ذلك بمفردها، وبالتالي، تحتاج إلى أن تكون عضواً من ضمن مجموعة أكبر. وطالب بتوسيع الإتفاق ليشمل البرنامج الصاروخي الإيراني.
ولفت أبو زيد الى “ان، أوروبياً، إعتبر مسؤول السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن الاتفاق النووي مع إيران مهم لأمن أوروبا التي حاولت الحفاظ عليه بالرغم من انسحاب أميركا، وتمنى عودة واشنطن وطهران للإلتزام الكامل بالإتفاق، لأن بدونه ستتحول إيران بالتأكيد الى قوة نووية.
من جهته إعتبر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الذي تتولى بلاده رئاسة الإتحاد الأوروبي، أن أوروبا بحاجة إلى الإتفاق النووي فقط لأنه لم يعد لديها ثقة بإيران، وأن عودة جميع الأطراف إلى الإتفاق بما فيها واشنطن لم تعد كافية حالياً مشيراً إلى أنه ينبغي توسيعه ليشمل خصوصاً برامج الصواريخ البالستية الإيرانية، وأكد تفاهمه بشأن هذه النقاط مع نظيريه الفرنسي والبريطاني”.
أضاف: “وكان بعض المراقبين الأوروبيين قد أعربوا أن هناك صعوبة في عودة واشنطن إلى الإتفاق، وأنه يتعيّن على الرئيس بايدن التحرك بسرعة فائقة إذا كان يسعى بجدّية للعودة للإتفاق مع إيران، خصوصاً مع إقتراب موعد الإنتخابات في إيران المقررة في حزيران 2021، لوجود مخاوف جدّية من إنتخاب رئيس إيراني من صقور النظام، الذين لا يرون جدوى في أي مفاوضات مع الولايات المتحدة، وأن على الجانبين تقديم تنازلات متبادلة للخروج من المأزق خصوصًا وأنهما يواجهان معارضة داخلية وخارجية شديدة للإتفاق”.
وتابع: “تلاقت هذه الدعوة الأميركية الأوروبية للعودة الى الإتفاق النووي مع إيران، مع دعوة سابقة كانت قد وجهتها روسيا خلال شهر آب 2020، حيث دعا الرئيس فلاديمير بوتين خلالها إلى عقد قمة عاجلة بشأن الإتفاق النووي الإيراني، بمشاركة نفس الأعضاء السابقين، وأبدى تخوّفه من النقاشات الدائرة حول قضية إيران في مجلس الأمن، والتي تزداد حدّة ويتم إطلاق اتهامات بحق طهران لا أساس لها، إضافةً إلى مواصلة الجهود لبلورة مشاريع قرارات تهدف إلى نسف القرارات السابقة التي تبناها مجلس الأمن الدولي بإلإجماع”.
وقال ابو زيد: “كما اعلن بوتين تمسّك موسكو الكامل بالاتفاق النووي، لكونه إنجازًا سياسياً ودبلوماسياً كبيراً سمح بإبعاد تهديد نشوب صراع مسلح وعزّز نظام عدم إنتشار السلاح النووي.
وأكد أن التغلب على المشاكل في منطقة الخليج ممكن إذا ما تم التعامل مع مواقف الأطراف بمسؤولية واهتمام، مشيراً إلى ضرورة التصرف باحترام وعلى أسس جماعية، لأن الأساليب أحادية الجانب لإيجاد الحلول غير مجدية.
رداً على كل ذلك، صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن إيران ترفض التفاوض مجدداً بشأن الإتفاق النووي، وأنها لا تتفاوض مع الغربيين بشأن المنطقة لأنهم سبب المشاكل فيها، وكردٍ على ذلك، صرح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن على طهران عدم رفع السقف في ما يتعلق بالإتفاق النووي الإيراني والتعامل معه بمسؤولية”.
أضاف: “من هذا المنطلق تشير أوساط دبلوماسية غربية، أن تلاقي هذه المواقف الأميركية، الأوروبية والروسية يعبّر عن وجود إتفاق مضمر بين هذه الأطراف حول الملف النووي الإيراني والدور الإيراني القادم، وإنها إتفقت على أمور حاسمة ستشكل الأساس في المفاوضات القادمة مع إيران وستتركز حول:
أولاً، منع إيران من إمتلاك السلاح النووي مهما كان الثمن.
ثانياً، ضرورة وضع مهلة للإتفاق النووي بعد إنتهاء مهلة السنوات العشر التي نص عليها الإتفاق، الأمر الذي ترفضه إيران منذ الآن وتصر على بحثه عند إنتهاء المهلة في تشرين الأول 2025، حيث ينتهي في ذلك اليوم القرار 2231 ويغلق مجلس الأمن ملف إيران النووي.
ثالثاً، التفاوض على برامج الصواريخ البالستية الإيرانية الذكية والدقيقة لتقييدها، ومنعها من التقدم في هذا المجال، لإعتبارها أصبحت تشكل تهديداً لإسرائيل ودول الخليج التي تدور في الفلك الأميركي والغربي.
ورابعاً، الحد من دور إيران الإقليمي، التي تجيد إدارته بإمتياز من خلال حلفائها في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، لمنعها من تقويض استقرار المنطقة وزعزعة الأمن فيها، ومنع تزايد دورها في الإقليم”.
وختم أبو زيد: “صحيح أن الوضع صعب ومعقد ويستوجب التحرك بسرعة، ولكنه ممكن إذا ما حسنت النيات وتوافرت الإرادة “.