تظهر تفاصيل عملية مقتل سليماني يوماً تلو الآخر، وكان آخرها الكشف عن أن مخبري “سي أي إي” توزعوا بين مطاري دمشق وبغداد وعن مشاركة استخباراتية إسرائيلية.
وبحسب شبكة “إن بي سي نيوز”، انطلقت العملية استخباراتياً من مطار دمشق حيث كان يوجد مخبرون تابعون لوكالة الاستخبارات الأميركية أبلغوا قياداتهم بتوجه سليماني إلى بغداد، تلك المعلومة التي أكدتها الاستخبارات الإسرائيلية.
وبمجرد هبوط طائرة تابعة لخطوط “أجنحة الشام” طراز أيرباص في مطار بغداد، أكد الجواسيس الأميركيون الموجودون آنذاك في مطار بغداد الذي يستضيف قوات أميركية، المعلومات التي تلقوها من دمشق.
بعدها، انطلقت ثلاث طائرات أميركية بدون طيار إلى مواقعها بدون أي خوف من مواجهة في المجال الجوي العراقي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة. وكانت كل طائرة مسلحة بأربعة صواريخ من طراز “هيلفاير”.
وبينما كانت تتحضر الطائرات لتنفيذ الغارة، كان المسؤولون الأميركيون يشاهدون عبر شاشات كبيرة، صعود مسؤول ميليشيا عراقي لتحية سليماني الذي كان يترجل من طائرته، وذلك في تمام الساعة الواحدة من منتصف الليل، حيث كانت ألوان الشاشة تعمل بالأبيض والأسود ولا تظهر تفاصيل الوجوه بسبب استخدام الأشعة فوق الحمراء.
وتبين أن مسؤول الميليشيا هو أبو مهدي المهندس، وهو نائب رئيس قوات الحشد الشعبي المدعومة إيرانياً، وقد اتهم المهندس بضلوعه في تفجير السفارة الأميركية والفرنسية في الكويت عام 1983.
على الناحية الأخرى، كانت مديرة وكالة الاستخبارات المركزية” سي أي إي” جينا هاسبل تتابع العملية من مقر بمدينة لانغلي بولاية فيرجينيا الأميركية، فيما كان يتابع وزير الدفاع مارك إسبر من مكان آخر. كما كان هناك عرض للعملية في البيت الأبيض دون وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كان حاضراً في فلوريدا آنذاك.
وأظهرت الشاشات مسؤولين كبيرين يدخلان سيارة سيدان بدأت في السير، فيما صعدت بقية الحاشية في حافلة صغيرة والتي أسرعت للحاق بها.
بدأت الطائرات بدون طيار تتبع المركبات بعد انطلاقها نحو مخرج المطار، فيما سعى خبراء الإشارة إلى تأكيد هوية من بداخلها. وفي ذلك الوقت تقدمت الحافلة الصغيرة أمام السيارة التي كانت تقل سليماني وسط حركة مرور خفيفة.
ومع تأكيدات المصادر على الأرض، تمكن المشرفون على العملية من مقر القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم” في العاصمة القطرية الدوحة، من التخلص من أي شكوك حول هوية من كانوا في السيارات. وعقب التأكد النهائي تم إعطاء الأمر بإطلاق أربعة صواريخ على السيارات، في عملية لم ينج منها أحد.
وأوضح مسؤولون للشبكة الأميركية، أن الطائرات بدون طيار لم تكن صامتة، لكن في بيئة حضرية مثل بغداد يصعب تمييز صوتها. ولم يكن الرجال في السيارة على دراية بأنهم كانوا مستهدفين.
كما نقلت الشبكة عن مصادر أن الإدارة الأميركية كانت تتعقب تحركات سليماني في جميع أنحاء المنطقة لأيام، وتقول إدارة ترامب إن سليماني كان يحضر لهجمات ضد أميركيين.
الخبير في حروب المستقبل بمؤسسة “نيو أميركا فاونداشن”، بيتر سينجر، وصف العملية قائلاً إنه وخلال فترة بسيطة “انتقلنا من شيء غير طبيعي وقد يكون من درب الخيال العلمي، إلى النقطة التي أصبح فيها أمراً ممكناً”.
من جانبه، قال الخبير العسكري في المركز الاستراتيجي والدولي للدراسات بالعاصمة الأميركية واشنطن أنتوني كوردسمان إن مثل الغارات التي ضربت سليماني تمثل تغييراً أساسياً في الحرب، مضيفاً أن الأمر “يحتاج جهداً استخباراتياً ومراقبة واستطلاعاً هائلاً حقاً، لا يمكن لأي دولة في العالم أن تضاهيه، كما أنه مكلف للغاية، ويستغرق وقتاً أطول، ويتطلب الكثير من الخبرة”.
يذكر أن مسؤولين عراقيين أخبرا وكالة “رويترز” أنهم يحققون بخصوص دور المخبرين الأميركيين اللذين كانا حاضرين خلال العملية في مطار بغداد، فيما تجري المخابرات السورية تحقيقا عن دور موظفي أجنحة الشام للطيران.