أعرب المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، يوم الأحد، عن استغرابه من التصريحات الصادرة عن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بشأن إيداع رئيس حزب “قلب تونس” ورجل الأعمال نبيل القروي في السجن، على خلفية تهم بالفساد و تبييض الأموال، منذ ديسمبر الماضي.
وكان الغنوشي قد قال في تصريحات تلفزيونية، في الرابع عشر من يناير الجاري، إنه يثق في براءة نبيل القروي، مضيفا أن التهم المنسوبة إليه متعلقة بضرائب وقوانين مالية، ثم قال إن القضاء سينصفه ويخرجه من السجن معززا مكرما، وفق تعبيره.
واعتبرت جمعية القضاة، هذه التصريحات الصادرة عن الغنوشي تدخلا واضحا في سير القضاء ومساسا باستقلاليته وتقليلا من حجم التهم الموجهة للقروي و التي يجري التحقيق بشأنها.
واعتبر القضاة أن الضغط في هذه القضية التي ما تزال منشورة و بطور التحقيق غير مقبول و يوحي بتوجيه سياسي للعمل القضائي.
وذكر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة، أن دستور البلاد أرسى بشكل واضح نظام الفصل بين السلط الذي يمنع كلا من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية من التدخل في عمل السلطة القضائية أو التأثير عليها.
ويرى المنتقدون أن الغنوشي خالف هذا الفصل بشكل صريح، عندما حاول تبرئة حليفه القروي الذي منحه أصوات كتلته في البرلمان عندما واجه عريضة سحب الثقة.
في غضون ذلك، دعت جمعية القضاة، – قضاة القطب الاقتصادي و المالي الذين يتولون مهام التحقيق في القضية- إلى ممارسة مهامهم في كامل الاستقلالية والحيادية والنزاهة والنجاعة و طبقا لضمانات المحاكمة العادلة.
ويقبع السياسي ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي في السجن منذ ما يقارب الشهر بسبب تهم تببيض الأموال والتهرب الضريبي في قضايا مرفوعة ضده منذ سنوات من طرف منظمة” أنا يقظ”.
في غضون ذلك، وصف الناشط السياسي، محمد عبو، موقف جمعية القضاة بالإيجابي وقال في تدوينة له إن “محاولات الضغط على القضاء التي تمارسها حركة النهضة تعرقل تطبيق القانون على الفاسدين والتصدي للتجاوزات التي أضرت بالبلاد و الإقتصاد”. وأضاف عبو أن الإفلات من العقاب أفسد الحياة السياسية وأضر بالوضع الاقتصادي والمالي والإجتماعي وخلق مناخا لا يشجع على خلق الثروة و لا يبشر بآفاق .
وأردف أن “النهضة هي الطرف الأكثر فسادا في الدولة، داعيا للضغط عبر وسائل الإعلام على القضاء ليقوم بواجباته”.
من جهته، قال المحلل السياسي، أيمن الزمالي، في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، إنه لا يمكن فهم تصريحات الغنوشي، إلا باعتبارها محاولة للتدخل في سير عمل القضاء، وتأكيدا لمحاولات حزب حركة النهضة منذ 2011، التحكم في القضاء والتغلغل فيه لفرض أجندته، وتحويل وجهته خدمة لمصالح هذا الحزب.
وقال الزمالي إن تصريحات الغنوشي “تضرب استقلالية السلطة القضائية بشكل مباشر وتخرق القانون وسير البحث القضائي؛ أما جمعية القضاة، فهي مكون وهيكل أساسي دافع عن استقلالية القضاء وعمل على استكمال إعادة تهيئته كسلطة مستقلة وقوية تفرض علوية القانون وتطبيقه على الجميع ويأتي بيانها لترجمة ماهية ومهام هذا الهيكل برفض وانتقاد تصريحات الغنوشي ودعم القضاة حتى ينأوا بأنفسهم عن التجاذبات السياسية ومحاولات التأثير عليهم”.
وأضاف المحلل السياسي أن القضاء التونسي، اليوم، في موضع تساؤل مستمر، نظرا لدوره في المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، لما تمثله هذه المؤسسة من أهمية قصوى لمحاسبة المارقين، والتصدي لمحاولات الهيمنة على مؤسسات البلاد وسعي الساعين لإخضاع كل البلاد ومؤسساتها لأجندة معادية لقيم الجمهورية ودستور البلاد.