هل ينجح اجتماع فيينا بإحياء الاتفاق النووي؟

6 أبريل 2021
هل ينجح اجتماع فيينا بإحياء الاتفاق النووي؟

بدأت، الثلاثاء، الجولة الأولى من محادثات فيينا، التي تهدف إلى العودة للاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 4+1، إذ أوضحت الخارجية الإيرانية، أنه تم الاتفاق على عقد “اجتماعين متوازيين على مستوى الخبراء بين إيران والدول الموقعة على الاتفاق”، لجهة بحث “القضايا الفنية” فيما يخص رفع العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، وكذلك الالتزامات النووية للأخيرة لإحياء الاتفاق.

ومع بدء المفاوضات التي تشارك فيها واشنطن، بصورة عبر مباشرة، من خلال مبعوثها الخاص للشؤون الإيرانية، روب مالي، أكد الاتحاد الأوروبي التزامه بإعادة الاتفاق إلى “مساره الصحيح”، حسب ما أوضحت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، نبيلة مصرللي.

ولفتت إلى إن اجتماع فيينا سيحدد “العقوبات التي سترفع عن طهران، والالتزامات النووية التي يجب إعادتها”.

وبحسب نائب الأمين العام للدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية، إنريكي مورا، فإن اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي الإيراني في فيينا، يستهدف “العودة إلى التنفيذ الكامل والفعال للاتفاق من قبل جميع الأطراف”.

من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، إن بلاده “ليست متفائلة ولا متشائمة بشأن نتيجة المحادثات النووية اليوم، لكنها على ثقة بأنها على المسار الصحيح لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015”.

وتابع، “إذا أثبتت أميركا أن لديها الإرادة والجدية، فقد يكون ذلك مؤشرا إيجابيا لمستقبل أفضل لهذا الاتفاق، وتطبيقه بالكامل في نهاية المطاف”.

وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن “العودة إلى الاتفاق النووي تتضمن خطوة واحدة فقط، تتمثل في رفع كافة أشكال العقوبات”.

وأضاف، “لن نقبل بأي مقترح يقوم على العودة إلى الاتفاق وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة، وشرط إيران للعودة إلى الاتفاق النووي هو امتثال واشنطن أولا بتعهداتها ورفع العقوبات، ومن ثم فإن طهران ستقوم بالتحقق من ذلك، وتعود إلى التزاماتها”.

وأردف عراقجي، “لن تكون هناك أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع أميركا في فيينا.. وإيران ستبدأ مسار العودة إلى الاتفاق النووي في حال تمكنت الدول 4+1 من إقناع واشنطن بشروطها (أي شروط إيران)”.

وبحسب مساعد وزير الخارجية الإيراني، فإن “المحادثات في فيينا ستكون فنية بالكامل، وأن طهران ستناقش العقوبات التي ينبغي إلغاؤها، والإجراءات الواجب اتباعها وترتيبها”، مضيفا: “نحن سنتباحث مع الدول 4+1 في اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، وسنبلغهم بمطالب وشروط طهران للعودة إلى الاتفاق”.

من جانبها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي: “ليست لدي توقعات كم من الوقت ستستغرقه الدبلوماسية لإعادة إحياء الاتفاق النووي، لكننا نركز في هذه المحادثات، غير المباشرة، على القضايا الأساسية، وهي التأكيد على الخطوات النووية التي يتعين على إيران القيام بها وفقا لالتزاماتها، وأيضا الخطوات التي يجب أن تتخذها الولايات المتحدة حتى يمكن العودة إلى الاتفاق”.

كما أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين، أن الاتفاق النووي الإيراني لا يزال “على قيد الحياة”، مشيرة إلى توقعاتها بأن “يلتزم الموقعون عليه ببنوده”.

بيد أن وكالة أنباء “إيرنا” الإيرانية، نقلت عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، أن “ما سيحدث في اجتماع فيينا لا يختلف عن كل اللجان المشتركة التي تم عقدها حتى الآن”.

وأضاف، “ما سيحدث في فيينا هو اجتماع دوري موسمي للجنة المشتركة بين إيران ودول الـ4+1، سنجتمع كما فعلنا في الأشهر والمواسم السابقة”.

واستطرد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: “جدول أعمال اجتماع هذه اللجنة هو رفع العقوبات الأميركية عن إيران، أو بعبارة أخرى كيفية الوفاء بالتزامات الأطراف الأخرى. وكان هذا هو موضوع الاجتماع الأخير للجنة المشتركة، الذي كان اجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية دول الـ4+1 وإيران عبر الإنترنت حول هذا الموضوع”.

وتابع خطيب زاده، “الطريق واضح، يجب رفع العقوبات الأميركية بالكامل والتحقق من الأمر، وبعد ذلك ستتخذ إيران الإجراءات. بعبارة أخرى، لدينا خطوة واحدة، وليست هناك (خطوة بخطوة). وهذه الخطوة تشمل رفع جميع العقوبات الأميركية”.

وقال، “في المقابل، إيران مستعدة لتعليق إجراءاتها التعويضية التي اتخذتها مقابل خرق الأطراف الأخرى الاتفاق، وللعودة إلى الوضع السابق”.

وفي حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”، يشير المحلل السياسي الإيراني، علي رضا اسدزاده، إلى أن الوفد الأميركي برئاسة روبرت مالي، “حاول حتى الحد الأقصى المسموح له من قبل الإدارة الأميركية، أن يدخل في المفاوضات المباشرة مع الوفد الإيراني، لكن إيران تتسمك، حتى الآن، بمطلب المرشد علي خامنئي بخصوص رفع العقوبات بشكل كامل وفي خطوة واحدة”.

وأوضح المحلل السيسي أن “مخاوف إيران من الصيغة الجديدة للاتفاق، والتي ستكون مخالفة لما كانت عليها في عام 2015، تتمثل في توسيع الاتفاق بحيث يشمل دولا أخرى، وكذلك وضع حد لبرنامج الصواريخ الباليستية، ناهيك عن أن الاتفاق الجديد سيشمل الانتهاكات الحقوقية داخل إيران وتنامي النشاط السياسي والميداني للحرس الثوري في سوريا والعراق واليمن”.

“كما أن حكومة حسن روحاني تتحرى الحصول على اتفاق مبدئي، قبل نهايتها في يونيو المقبل، لكنه ليس صاحب القرار فيما يخص المفاوضات، التي تخضع بصورة كاملة لتوجيهات وإرادة المرشد الإيراني والمجموعة القريبة منه”، بحسب اسدزاده.

من جانبه، أشار الباحث في المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، محمود أبو القاسم، إلى أن “اجتماعات فيينا تأتي في إطار الوساطة التي تقوم بها الأطراف الأوروبية بين الولايات المتحدة وإيران، وهو الاجتماع الذي تم الاتفاق على انعقاده في الاجتماع الافتراضي بين أعضاء المجموعة الخاصة بالاتفاق النووي الجمعة الماضي”.

وأضاف لموقع “سكاي نيوز عربية”: “نجح الأوروبيون في الوصول إلى أول محادثات بين إيران والولايات المتحدة، وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة، وذلك بعد الشروط المتبادلة التي فاقمت التعقيدات حول الاتفاق النووي، مما جعل الطرف الأميركي يعلن أن (مسار الدبلوماسية لا يزال طويلا)”.

كما أن إيران استطاعت أن توحد الموقف الداخلي بشأن العودة للاتفاق النووي، بحسب أبو القاسم، وذلك من خلال “الإصرار على رفع الولايات المتحدة للعقوبات التي تم فرضتها منذ عام 2018، بينما تبدي واشنطن انفتاحا بشأن عودة متزامنة للالتزامات، وترى تمسك إيران برفض العقوبات بأنها غير جادة”.

وتابع، “سبقت إيران توقيع الاتفاق بالاتجاه لاختبار ميكانيكي لأجهزة طرد متطورة، وذلك من أجل الضغط على الولايات المتحدة، خصوصا أن القضية النووية أصبحت مصدر قلق كبير لواشنطن وحلفائها الأوروبيين”.

ولفت الباحث في المعهد الدولي للدراسات الإيرانية، إلى أن التوتر بين الولايات المتحدة، من جانب، وكل من الصين وروسيا، من جانب آخر، قد ألقى بظلاله على ملف إيران، “حيث كان لعقد اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين بكين وطهران دور في رفع إيران لسقف مطالبها، ورفض عروض أوروبية وأميركية خلال الأسابيع الماضية بالعودة للاتفاق النووي”.

وبحسب المصدر ذاته، فإن “قطار الدبلوماسية قد بدأ برعاية أوروبية، ومن ثم، فالوصول إلى توافق حول صيغة للعودة للاتفاق النووي ستكون أحد مخرجات مسار فيينا، سواء في هذه الجولة أو خلال جولات متتابعة ستأتي فيما بعد”.