ناقشت صحف عربية الخيارات المتاحة أمام مصر والسودان للرد على قرار إثيوبيا الأحادي ببدء الملء الثاني لسد النهضة دون التوصل لاتفاق مع دولتي المصب.
وبينما ناقش بعض المعلقين إمكانية قيام مصر بتوجيه ضربة عسكرية للسد، ألقى البعض الآخر المسؤولية على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتوقيعه “منفردا” على اتفاق إعلان المبادئ مع إثيوبيا.
وتكثف مصر جهودها الدبلوماسية قبل عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جلسة يوم الخميس 8 تموز لمناقشة تداعيات القرار الإثيوبي على مصر والسودان.
“قرارات صعبة”
يقول طارق الحميد في الشرق الأوسط اللندنية “إدارة إثيوبيا للأزمة، تعني جر مصر لحرب لا تريدها، ولا العقلاء… والواضح، للأسف، أننا نقترب من الحرب بسبب الموقف الإثيوبي أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً بعد إشعار وزارة الري الإثيوبية لنظيرتها المصرية بشروع إثيوبيا في الملء الثاني للسد، ما يعني دفع مصر والسودان لاتخاذ قرارات صعبة”.
ويضيف الكاتب أنه لا ينبغي أن “نعول على الجلسة المنتظرة بمجلس الأمن حول قضية سد النهضة التي قد تدشن مرحلة حروب المياه بالقارة الأفريقية، وكذلك بالنسبة لدولتين عربيتين”.
كما يقول محمود خليل في الوطن المصرية “السلام ليس الحالة المثلى إذا واجهت الدولة أو المجتمع تهديدات خطيرة. هنالك يصبح الخيار البديل المتمثل في الحرب هو الأجدى، وليس ثمة من هدف للحرب في مثل هذه الأحوال سوى نزع فتيل التهديدات، حتى تعيش الشعوب في سلام”.
ويتساءل الكاتب “نعم الحرب ليست حالة محببة للنفس الإنسانية التي تميل إلى الاستقرار والعيش في سلام، لكن ماذا لو فُرضت عليك فرضاً؟”
ويختتم الكاتب بالقول “نحن لا نتحدث عن الاعتداء.. فالاعتداء ظلم للنفس وظلم للناس، لكننا نتحدث عن مواجهة اعتداء وقع عليك وبغي حاق بك من الواجب عليك أن تدفعه أولاً بالحسنى، فإذا لم تنفع الحسنى فقد يكون غيرها أجدى وأنفع”.
وتحت عنوان “أزمة السد الإثيوبي عند المنعطف الأخير”، يقول عبد الله السناوي في الشروق المصرية “العمل العسكري شبه مستبعد مصريا وسودانيا، لكنه وارد بقوة إذا ما أفضت الأزمة إلى حرب مياه وخيمة لا يمكن تحمل كوارثها على الزراعة والاقتصاد والحياة نفسها”.
ويضيف الكاتب “عند المنعطف الأخير توفر المستجدات أمام مصر فرصا سانحة لإعادة عرض قضيتها العادلة باعتبارها مسألة حياة أو موت، وأن تكون الخيارات كلها مفتوحة، أيا كانت تكلفتها، فـ ‘يا روح ما بعدك روح’ ــ كما يقول المصريون عادة عند مواجهات المصير”.
من المسؤول؟
وفي المقابل، حمل بعض المعلقين العرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المسؤولية عن الوصول لمرحلة القرار الإثيوبي الأخير.
وتنعقد جلسة في مجلس الأمن بالأمم المتحدة الخميس المقبل لمناقشة أزمة سد النهضة
ففي افتتاحيتها التي عنونتها “سد النهضة وفارق انشغالات الأنظمة بعيداً عن الجوهر”، تقول القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها “بينما كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منشغلاً بمناورات عسكرية على الحدود المصرية ـ الليبية وتعيين سرت والجفرة كخط أحمر، وكان بعض أركان القيادة السودانية منهمكين بتصدير المرتزقة إلى المشير الانقلابي خليفة حفتر، كانت القيادة الأثيوبية تواصل استكمال بناء السد وتقيم من حوله سلسلة تحصينات عسكرية تحسباً لذهاب النزاع إلى مستوى المواجهة المسلحة”.
وتشدد القدس أن الإخفاق السياسي للدولتين “لا يلغي حقوق مواطني مصر والسودان في مياه النيل أو يبرر غطرسة أثيوبيا، فإنه مع ذلك يفضح سلوك الأنظمة في توظيف أوراق القوة للحفاظ على المصالح العليا الحيوية، وهذا فارق جوهري حاسم”.
وحول توقيع السيسي والسودان على اتفاقية عام 2015 التي تعطي أثيوبيا الغطاء القانوني لبناء السد، يقول وائل قنديل في العربي الجديد اللندنية “لم يعد من الممكن الآن التشكيك في أن كل هذه الخُيلاء والغطرسة الإثيوبية بنيت على اتفاقية 2015 التي وقعها السيسي، منفردًا، لتكون بالنسبة للإثيوبيين أهم وأخطر من وعد بلفور للصهاينة”.
ويقول الكاتب إن “كل تلك المعلومات والتقديرات كانت متاحة أمام من بيده القرار السياسي”، مشددا أن السيسي انفرد “وحيدًا، بالرأي الفني والسياسي والقانوني، فيوقّع صك التفريط في الحق التاريخي، والحلم المستقبلي، ويقدّم، عامدًا متعمدًا، لتحالف السدود الشرير أكثر مما كان يحلم به”
ويختتم الكاتب بالقول “الآن، تندلع الخطب الرنانة، وتلتهب الأيدي بالتصفيق، وتشتعل الحناجر بالهتاف استعجالًا لضربةٍ عسكرية للسد الإثيوبي… من دون أن يجرؤ أحدٌ على مواجهة نفسه بالحقيقة المؤلمة: إثيوبيا تتصرّف في حدود ما منحه لها عبد الفتاح السيسي بمحض إرادته قبل ست سنوات”.