ظاهرة التحرش مستمرة في مصر

10 يوليو 2021
ظاهرة التحرش مستمرة في مصر

سلّطت الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات المصرية لمكافحة ظاهرة التحرش وردع الفاعلين، الضوء على الأسباب الكامنة وراء هذه الجريمة وما إذا كان تغليظ القوانين وحده كافياً، أم أن هناك أمورا أخرى ضرورية.
فقد أوضحت أمل رضوان، أستاذة علم الاجتماع والعلاقات الأسرية، أن التحرش يعتبر جريمة مزدوجة، وذلك لأن المتحرش يرتكب فعلاً غير أخلاقي، أما الجرم الآخر الذي يرتكبه فهو تعديه على حرية وحرمة الآخرين، مشيرة إلى أن التحرش الجنسي يعد شكلاً من أشكال العنف ضد المرأة، وكذلك صورة من صور التفرقة العنصرية غير الشرعية، ونوعاً من أنواع الإيذاء الجسدي والنفسي.
كما تابعت في تصريح لـ”العربية.نت”، السبت، أن المتحرش هو شخص مضطرب نفسياً وقد يكون تعرض للتحرش عندما كان صغيراً، كما أنه شخصية سادية، وأحياناً يكون شخصاً نرجسياً.
وشددت على أن الفاعل عادة ما يكون بحاجة لعلاج وتأهيل نفسي، موضحة أن تغليظ العقوبة أمر هام ورادع، إلا أنها دون إعادة تأهيل وعلاج نفسي قد تكون غير كافية، وقد يعاود المتحرش تكرار جريمته.
وأشارت إلى أن المشكلة في التحرش ليست أبداً في ملابس الفتاة، وإلا لما كان هناك تحرش بالأطفال، بل المشكلة تكمن في ثقافة المجتمع التي تبرر للمتحرش جريمته، فثقافة المجتمع وأفكاره تعد من أخطر الأسباب في زيادة الظاهرة، وتعد أخطر وأقوى من القوانين.
وتابعت أن مصر بحاجة لتصحيح المفاهيم جنباً إلى جنب مع تغليظ العقوبة.
في سياق آخر، أكدت الدكتورة أسماء مراد، أخصائية علم اجتماع المرأة لـ”العربية.نت”، أن التحرش في مصر لا يعتمد فقط على نوع أو شكل الملابس، فهناك منقبات في الشوارع يتعرضن للتحرش، وهو ما يدعم عدم ارتباط التحرش بملابس المرأة.

ولفتت إلى أنه لا علاقة للتحرش بالدين، بل هو مرتبط بشكل كبير بالتربية والنشأة والأخلاقيات التي بدأت في الاندثار في المجتمع، والعمل جارٍ على إعادتها مرة أخرى في المدارس، وذلك عبر الأخصائيين النفسيين في المدارس، خاصة من مرحلة الطفولة حيث تترسخ هذه المفاهيم لدى الأفراد في تلك المرحلة.
وأضافت مراد أن المرأة المصرية تتعرض للتحرش بشكل أكبر من غيرها لعدة أسباب، منها ارتفاع نسبة البطالة من جهة، وعدم قدرة الكثير من الشباب على تحمل تكاليف الزواج الباهظة لغلاء المهور والمعيشة، ما يتسبب في كثير من الأحيان بانحدار الأخلاق، حيث ترتفع نسب التنمر والتحرش بسبب ارتفاع نسب البطالة.
وأضافت أن للجهل دورا كبيرا، فهو العدو الأساسي للإنسان في أي مجتمع، مشيرة إلى أنه وبعدم معرفة المرأة لحقوقها، أو الرجل بحدوده وواجباته، ستبقى النساء في المجتمع فريسة سهلة لأي محاولة للتحرش أو الاستغلال، فظاهرة التحرش لا ترتبط بمصر فقط ولكنها مع الأسف تحدث في دول كثيرة حتى في الدول الغربية، وفق قولها.
إلى ذلك، نوّهت بأن هناك غير محجبات في مصر يتعرضن للتنمر بشكل أكبر، ويبرر للمتحرش بهن بأن ما فعله كان بسبب الملابس فتكون هي الضحية.
وشددت على أن تغليظ العقوبة في مصر أمر هام جداً ورادع، إلا أنه غير كاف حال لم يتم علاج باقي الأسباب.