إصابات كورونا قياسية وتحذيرات من “كارثة” صحية في العراق

17 يوليو 2021

يؤكد خبراء صحيون وأطباء أن العراق مقبل على “كارثة صحية” في ظل تصاعد معدل الإصابات بفايروس كورونا وعدم قدرة النظام الصحي في البلاد على مواجهة الوباء، الذي حصد لغاية الآن حياة أكثر من 17 ألف عراقي.
ويواجه النظام الصحي في العراق صعوبة في التصدي للفيروس منذ مطلع هذا الشهر، الذي شهد تسجيل حصيلة يومية قياسية تجاوزت فيها أعداد المصابين تسعة ألاف حالة، فيما بلغت أعداد المتوفين بشكل يومي بين 30 و40 حالة وفاة.
ويعد العراق أحد أكثر دول الشرق الأوسط تضررا بالوباء، حيث ثبتت إصابة نحو 1.5 مليون شخص بفايروس كورونا، بحسب إحصاءات رسمية. يقول مدير المرصد الصحي في العراق، ستار السامر، إن النظام الصحي في البلاد يوشك على الانهيار بعد وصول حالات الإصابة لمرحلة حرجة جدا.
ويضيف السامر في حديث لموقع “الحرة” أن “المستشفيات في العراق وصلت لطاقتها الاستيعابية القصوى ولا يمكنها أن تستوعب المزيد من الإصابات”.
والسبت قالت وزارة الصحة العراقية أن البلاد تواجه ارتفاعا غير مسبوق في إصابات كورونا، وإن حالات الإصابة الشديدة ب‍كورونا باتت أكثر مما كانت عليه في السابق”.
معركة خاسرة
ويقول أطباء عراقيون إنهم يخسرون المعركة ضد الفيروس، في ظل انعدام توفر الأسرة وشح الأدوية بالإضافة لاحتمال احتراق أماكن العزل في أية لحظة.
وعلى الرغم من أن السلطات الصحية في العراق لم تؤكد حتى الآن ما إذا كانت موجة الزيادات الجديدة للإصابات سببها متحور دلتا الأكثر عدوانية والذي ينتشر بسرعة حول العالم، إلا أن السامر يشير إلى أن المتحور دخل البلاد بالفعل ويبدو أنه المتسبب الرئيس في زيادة أعداد المصابين.
وأكد تقرير لوكالة أسوشيتد برس نشر الجمعة أن المستشفيات باتت تعج بالمصابين، وكثير منهم من الشباب هذه المرة، فيما يستعين الأطباء بالإنترنت للمطالبة بالتبرعات بالأدوية والأكسجين المعبأ.
وتنقل الوكالة عن سرمد أحمد، وهو طبيب يعمل في مستشفى الكندي ببغداد،  قوله: “كل صباح، تتكرر الفوضى نفسها، أجنحة المستشفى تعج بالمرضى”.
وألقى الحريق المروع، الذي طال القسم المخصص لمرضى كوفيد في مستشفى الحسين بمدينة الناصرية جنوبي العراق، وذهب ضحيته 60 شخصا على الأقل، بظلاله على أوضاع الأطباء والمصابين الذين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة.
واليوم السبت، أعلنت السلطات العراقية السيطرة على حريق اندلع في مستشفى الحبوبي في الناصرية من دون تسجيل إصابات.
وتكثف انعدام الثقة على نطاق واسع في نظام الرعاية الصحية المتهالك في العراق بعد الحريق، الذي يعد ثاني حريق كارثي في يفتك بجناح لفيروس كورونا في أقل من ثلاثة أشهر. الأول حصل في مستشفى ابن الخطيب المخصص لعزل مرضى كورونا في بغداد.
لا يوجد خيار

وقال أطباء إنهم يخشون العمل في أجنحة العزل سيئة البناء في البلاد وانتقدوا ما وصفوه بتراخي إجراءات السلامة، وفقا لوكالة أسوشيتد برس.
تقول الطبيبة هديل الشبل، التي تعمل في عنبر عزل جديد ببغداد شبيه بالذي احترق في الناصرية: ” كل المستشفيات في العراق معرضة بشكل كبير لخطر الاحتراق في أية لحظة، لكننا لا نمتلك خيارا آخر، نحن غير قادرين على ترك وظائفنا، وكذلك المرضى لا يمتلكون خيارا آخر سوى أن يتلقوا العلاج في المستشفى رغم المخاطر”.
وتؤكد وزارة الصحة العراقية أنها اتخذت اجراءات للحد من تكرار حوادث الاحتراق، وفقا للمتحدث باسمها سيف البدر، الذي قال لموقع “الحرة” إن قرارا صدر منذ عدة أشهر بغلق جميع المؤسسات التي لا تتوفر فيها إجراءات السلامة والأمان.
وألقى البدر باللائمة في بعض حوادث الاحتراق على دوائر الصحة في المحافظات التي قال إنها مرتبطة بالسلطات المحلية وليس بوزارة الصحة.
وكانت وزارة الصحة العراقية أعلنت في وقت سابق إخلاء جميع مراكز العزل المقامة قرب المستشفيات ولا تتوفر فيها إجراءات السلامة والأمان وأنشئت بمواد سريعة الاشتعال، ونقل المرضى المصابين إلى داخل المستشفيات.
لكن مع ذلك يقول مدير المرصد الصحي في العراق، ستار السامر، أن الفوضى تعم المستشفيات، فالمواطن هو الذي يمتلك الكلمة العليا على حساب الموظفين والأطباء، الذين باتوا يخشون مواجهته خوفا من المطالبات العشائرية”.
ويؤكد أن “الحرائق ستستمر في كل الأحوال سواء تم نقل المرضى إلى بنايات أسمنتية أو غيرها نظرا لعدم التزام المواطنين بالتعليمات”، مضيفا أن “المريض على سبيل المثال يجلب معه طباخا ويقوم بإعداد الطعام قرب قناني الأوكسجين سريعة الاشتعال”.
ويتابع السامر “لا يسمح المواطنون للموظفين الصحيين بالعمل، هم يحملون قناني الأكسجين، وكل مرافق للمريض يحجز 3 أو 4 قناني في صراع من أجل البقاء، وهذا يشكل خطرا كبيرا”.
الحل باللقاح
وتتكاثر الإصابات بالفايروس في ظل ارتياب عراقيين كثر من عمليات التلقيح وعدم التزامهم التدابير الصحية، ما يثير خشية أطباء من “كارثة وبائية”.
تحاول السلطات إقناع الناس بأهمية اللقاح لكن دون جدوى وتشير إحصاءات رسمية إلى أن عدد الأشخاص الذين تلقوا اللقاح لا يتجاوز 1 في المئة من العراقيين الذي يصل تعدادهم الى أربعين مليون نسمة.
يقول السامر “من المستحيل مواجهة الفايروس، في ظل ندرة رؤية عراقيين يضعون كمامات في الشوارع والمراكز التجارية في بغداد وباقي المحافظات”.
ويضيف السامر “الحل الوحيد لتجنب الكارثة، هو بالحصول على اللقاح أولا، والالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات ثانيا”.