وسط تنديد بمشروعات الاستيطان التي تقوم بها في القدس، منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس إسرائيل مهلة لمدة عام واحد للانسحاب من الأراضي الفلسطينية على حدود 1967.
وأبدى الرئيس الفلسطيني في كلمة له بثت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة استعداده من أجل العمل على ترسيم الحدود، محذرا إسرائيل في حال عدم الانسحاب من هذه الأراضي خلال الفترة الزمنية المذكورة بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية.
وطرح البعض تساؤلات بشأن المهلة التي حددتها فلسطين، وأهميتها ومدى قانونيتها وإمكانية أن تستجيب لها إسرائيل، وموقف المجتمع الدولي منها.
مهلة فلسطينية ورد إسرائيلي
وقال الرئيس عباس: “لم نرفض أي اتفاق جدي للسلام مع إسرائيل”، معتبرا أن سياسات المجتمع الدولي والأمم المتحدة “فشلت في محاسبة إسرائيل”.
ودعا عباس، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعقد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية الرباعية الدولية فقط.
أدان المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبلاده عاما واحدا للانسحاب إلى حدود عام 1967.
وقال إردان في التصريحات التي نقلتها صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية: “أثبت أبو مازن (محمود عباس) في خطابه مرة أخرى أن وقته قد ولى وأنه ليس من قبيل المصادفة أن 80% من الفلسطينيين يريدون أن يرحل”، وذلك في إشارة إلى استطلاع رأي أجراه مؤخرا المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، وكشفت نتائجه أن 78% من الفلسطينيين بالضفة وقطاع غزة يطالبون الرئيس بالاستقالة.
وأضاف إردان: “لقد عرض (الرئيس الفلسطيني) ذات مرة مقاضاة بريطانيا بسبب وعد بلفور، واليوم يريد العودة إلى خطة التقسيم التي وضعتها الأمم المتحدة”.
واتهم المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة الرئيس الفلسطيني بـ “الكذب”، بشأن رغبته في تحقيق السلام مع إسرائيل، مضيفا “أولئك الذين يدعمون السلام والمفاوضات بصدق لا يهددون بالإنذارات الوهمية من على منبر الأمم المتحدة”.
حدود زمنية
اعتبر الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية أن كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الجمعية العامة لأمم المتحدة، حملت رسائل عدة للمجتمع الدولي وإسرائيل وللشعب الفلسطيني.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، استهل الرئيس خطابه بتذكير العالم بقضية اللاجئين أي بمأساة الشعب الفلسطيني التي مضى عليها 73 عامًا فاستخرج الرئيس أبو مازن وثائق الملكية لبيت أسرته في صفد، والرسالة الثانية أنه تحدى العالم بأن الشعب الفلسطيني لم يضيع فرصة واحدة لتحقيق السلام مؤكدًا بأن الذي يرفض حل الدولتين هي إسرائيل.
وقال شعث إن الرئيس الفلسطيني تطرق لقضية الحدود الفلسطينية التي كانت حسب قرار 181 تمنح الشعب الفلسطيني 44% من مساحة دولة فلسطين والآن أصبحت دولة فلسطين على الأرض المحتلة عام1967م بمساحة 22% فقط، واصفًا خطاب الرئيس بالمتقدم وغير المسبوق من حيث الدقة والوضوح.
وأكد أن الخطاب عمل عدة مطالب، منها مطالبة الأمم المتحدة بضرورة فرض الحماية الدولية على أرض دولة فلسطين ولشعبها ومؤسساتها ومقدساتها استنادا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المدرج على بند متحدون من أجل السلام سنة 2018، وكذلك طالب بضرورة الاعتراف بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين في مجلس الأمن استنادا لقرار181 الذي أقر بإقامة دولتين متجاورتين، والمطالبة بعقد مؤتمر دولي للسلام برعاية دولية وتحت إشراف دولي لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وخاصة قرار رقم 2334.
وأوضح السياسي الفلسطيني أن الرئيس أبو مازن وضع حدودا زمنية لرحيل إسرائيل عن أرض دولة فلسطين في غضون عام وهذا يعني أن خيارات فلسطين مفتوحة ومتعددة وأن احتلال إسرائيل لن يطول ولن ينعم بالأمن والسلام طالما لم يرحل، وطالما لم تقم دولة فلسطين فوق أرضها.
ويرى شعث أن هذا يعني وضع الرئيس الشعب الفلسطيني في جاهزية واستعداد لكل السيناريوهات والتطورات ما يستوجب على الفصائل والقوى جميعها سرعة تحقيق الوحدة.
وطالب شعث العالم بضرورة إجبار إسرائيل على الانسحاب من أراضي دولة فلسطين المحتلة وطالب بضرورة الاعتراف بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة والتعامل معها على هذا الأساس.
خيارات فلسطينية
من جانبه اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة فتح، المستشار زيد الأيوبي أن المهلة التي أعطاها الرئيس أبو مازن للحكومة الإسرائيلية لمدة عام للتراجع عن جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني والانسحاب من الأراضي الفلسطينية تعني أن القيادة الفلسطينية لديها خيارات أخرى غير خيار انتظار تحرك المجتمع الدولي ووضع الكرة في الملعب الإسرائيلي.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، على إسرائيل أن تثبت أنها جاهزة للسلام وإنهاء الصراع وفقا لقرارات الشرعية الدولية وإلا فأنها ستعيد الجميع إلى مربع الكفاح المسلح من أجل تقرير المصير وإنهاء احتلال فلسطين.
ويرى الأيوبي أن حديث الرئيس أبو مازن عن حق العودة يعني أن الصراع مع إسرائيلي لن ينتهي عند إقامة الدولة الفلسطينية إذا أصرت إسرائيل على مشاريعها الاستيطانية وتقويض حل الدولتين وتكريس أمر واقع على الأرضي لتصفية القضية الفلسطينية.
وأفاد الأيوبي أن الالتفاف الجماهيري حول مضمون خطاب الرئيس أبو مازن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يعني أن الشعب الفلسطيني جاهز لكل الخيارات التي سيقررها الرئيس، مؤكدًا على ضرورة أن تفهم إسرائيل أن الشعب الفلسطيني لن يصبر ولن يتحمل أكثر مما
يحدث وقد قرر الخلاص من هذا الاحتلال مهما كلف الثمن وخطاب الرئيس كان بمثابة إيعاز واضح لتفعيل كل أنواع المقاومة الفلسطينية لمواجهة مشاريع إسرائيل والتي تتحمل مسؤولية أي تصعيد قادم في الضفة أو غزة.
يشار إلى أن مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين متوقفة منذ أبريل/نيسان 2014، على خلفية رفض تل أبيب وقف الاستيطان والتنصل من خيار حل الدولتين.