تصدر محور الربط الكهربائي ضمن ملف الطاقة في شرق المتوسط، مباحثات القمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان التي جرت في العاصمة أثينا، الثلاثاء، بمشاركة الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي ونظيره القبرصي ورئيس وزراء اليونان.
وتأتي فعاليات القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص في جولتها التاسعة، في إطار آلية التعاون الثلاثي بين الثلاث دول التي انطلقت عام 2014.
وأكد خبراء في العلاقات الدولية وملف الطاقة أن ملف الربط الكهربائي هو العنوان العريض للقمة الحالية، تأسيساً على الاتفاقيات وثيقة الصلة في هذا المجال بين مصر وقبرص واليونان التي من شأنها مد أوروبا بالكهرباء ومساعدتها على مواجهة أزمة الطاقة النظيفة والمتجددة؛ وهي الأزمة المرشحة للتفاقم في الفترة المقبلة بالقارة العجوز.
وكانت مصر قد وقعت، قبل أيام، اتفاقيتين متتابعتين للربط الكهربائي الأولى مع اليونان، والثانية مع قبرص، وتتضمن الاتفاقيتان إنشاء شبكة ربط مباشر لتبادل الكهرباء بين مصر وقبرص من ناحية، ومصر واليونان من ناحية أخرى، تمهيدا للربط الكهربائي مع دول الاتحاد الأوروبي.
وقال الرئيس المصري، خلال كلمته في القمة الثلاثية بأثينا، إن إبرام اتفاقيتيّن ثنائيتيّن لربط الشبكة الكهربائية في مصر مع اليونان وقبرص على المستوى الثنائي، خطوة تمهيدية “تقربنا للهدف المشترك الذي نطمح إليه، ألا وهو الربط الكهربائي لاحقا مع بقية أرجاء القارة الأوروبية”.
غاز وكهرباء مصر
ويقول محمد حلمي هلال رئيس جمعية مهندسي ومستثمري الطاقة، إن مصر تبذل جهودا هائلة بدأت منذ 2014 بترسيم الحدود البحرية وبناء قواعد تأسيسية لإنشاء منتدى شرق المتوسط واكتشاف حقل ظُهر للغاز، ثم الربط الكهربائي مع قبرص واليونان وبعدها دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما سيؤتي أكُله في فترة متوسطة وليست طويلة.
وأضاف خبير الطاقة العالمي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الطلب على الطاقة النظيفة من مصر مدفوع بالضغط الذى تتعرض له دول أوروبا نتيجة نقص الغاز والصراع على الطاقة مع روسيا، مما يمنح فائض الكهرباء والغاز والطاقة الشمسية المنتجة في مصر قيمة مضافة كبيرة.
وتابع هلال قائلا إن مصر تسعى لتعزيز موقعها كمركز إقليمي للطاقة في إقليم شرق المتوسط استنادا على البنية التحتية الهائلة التي تم إنشاؤها في مصر، خلال السنوات الماضية، والاكتشافات الجديدة للغاز والبترول.
وأكد الخبير المصري أن الكهرباء المصرية ستنير وتدفئ بيوت الأوربيين بحد أقصى في الشتاء القادم، عبر بوابتي قبرص واليونان، ومصر تسابق الزمن لتحقيق هذا الهدف الكبير.
وشدد هلال على أن ملف الطاقة في مصر يمنح القوة للدولة المصرية ويعزز موقفها إقليميا ودوليا باعتبارها قوة داعمة للاقتصاد العالمي، حيث ستكون الطاقة المصرية خلال فترة قصيرة هي العصب الرئيسي للاستثمارات والمشروعات في أوروبا، باعتبارها المُصدر الأقرب للطاقة إلى أوروبا وتتميز بتنافسية عالية عن دول أخرى.
أهمية القمة الثلاثية
ويقول عاطف السعداوي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن استمراراية انعقاد القمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان منذ 2014 حتى اليوم، رغم الأزمات الدولية وانتشار كورونا، هو أحد مقومات هذه الآلية للتعاون.
ويضيف السعداوي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن أهمية التحالف الثلاثي هو قيامه على مبدأ تحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة في عدة ملفات، أهمها ملف الطاقة.
ويتابع الخبير المصري أن ملف الربط الكهربائي بين مصر وأوروبا، عبر بوابتي قبرص واليونان أبرز ملفات القمة الحالية بما يشمله من أهمية استراتيجية لمصر التي تبحث عن سوق كبير يستوعب فائض الكهرباء الهائل الذي نجحت مصر في تحقيقه خلال الفترة الأخيرة.
ويوضح السعداوي أن كهرباء مصر لن تتوقف عند حدود أوروبا، بل ستمتد عبر شبكة دولية تصل إلى دول الخليج ولبنان وسوريا عبر الأردن، وهو ما يمثل مشروعا ضخما لمصر يعزز ثقلها الإقليمي والدولي.